بدت السلطات الأميركية متكتمة حيال مصدر معلوماتها في شأن التحذيرات الأخيرة من اعتداء إرهابي وشيك. ونقل عن مصدر أميركي مسؤول قوله إن المعلومات جمعت خلال الساعات ال24 وال36 الماضية، ووصلت الى مستوى كثافة زجاج المباني ومواعيد عمل موظفي الأمن وعددهم ومواقع المصاعد والمرائب. وفي وقت امتنع وزير الأمن القومي توم ريدج في مؤتمره الصحافي الأخير، عن ذكر مصدر معلوماته، اكتفى بالاشارة الى باكستان التي كانت أعلنت قبل أيام عن اعتقال احمد خلفان غيلاني، أحد أبرز وجوه "القاعدة"، وهو تنزاني الولادة ومطلوب لدى الولاياتالمتحدة في تفجيرات السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998. غير أن مسؤولاً أميركياً رفض نشر اسمه، أكد أمس، إن مهندس المعلوماتية عضو "القاعدة" محمد نعيم نور خان 25 عاماً الذي اعتقل في باكستان في منتصف تموز يوليو الماضي، هو مصدر المعلومات عن التهديد. وأضاف أن خان أعد نظام اتصالات يسمح ل"القاعدة" بنقل معلومات من طريق رسائل مشفرة، إذ أظهرت "وثائق" عثر عليها بعد اعتقاله تشير الى أن الإرهابيين درسوا بالتفصيل المباني التي يريدون استهدافها في واشنطنونيويورك ونيوآرك حتى قبل اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. وقال مسؤول آخر انه لم ير طوال حياته المهنية منذ 24 عاماً في الاستخبارات، وثائق تتضمن تفاصيل على هذه الدرجة من الدقة، فيما رأى مسؤول آخر أن الوثائق المذكورة وفرت مدخلاً جديداً إلى أساليب ومضمون وتوزّع اتصالات "القاعدة"، فيما اعتبر مسؤول ثالث في لقاء مع الصحافيين الأحد الماضي ان هذه المعلومات "تشكل بالنسبة إلينا كنزاً ثميناً". وهذه الوثائق - الأدلة التي نقلت إلى واشنطن على عجل يوم الجمعة الماضي، جاءت لتوضح مضمون معلومات إستخباراتية أخرى كانت جمعت في الأسابيع القليلة الماضية، وسبق أن اعتبرت بالغة الحساسية، بحسب تأكيد مصدر أميركي مسؤول. وجمعت معظم هذه المعلومات من معتقلي "القاعدة" في أفغانستان والسعودية وباكستان، بحسب المسؤولين الأميركيين الذين اكدوا إن الأدلة الجديدة لم تتوافر إلا بعد اعتقال الشخصية تلك في التنظيم الإرهابي، ليتبين أن مخططي "القاعدة" بدأوا بدراسة المباني في نيويورك ونيوآرك وواشنطن في فترة سبقت اعتداءات 11 أيلول. ومن بين الأسئلة التي بحثوا عن إجابات لها، كيفية الوصول في شكل أفضل إلى المباني المستهدفة، عدد الأفراد الذين يمكن أن يتواجدوا فيها في ساعات مختلفة وفي أيام مختلفة من الأسبوع، وما إذا كان تنفيذ اعتداءات على ناقلات نفط يمكن أن تعتبر سلاحاً فتاكاً، وحجم المتفجرات المطلوبة لتفجير المباني. من غيلاني الى "أبو طه" وقال المسؤولون الأميركيون إن غيلاني الوجه البارز في "القاعدة" الذي أدى اعتقاله إلى اكتشاف الوثائق - الأدلة، وقع في قبضة السلطات الباكستانية بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي. وعلى رغم ان اعتقال غيلاني حصل الأسبوع الماضي، فإن المسؤولين الأميركيين استبعدوا أن يكون هو مصدر المعلومات الأخيرة. واشارت رواية باكستانية الى أن الاعتقال الأهم كان لخان المعروف باسم "أبو طه" والذي جرى قبل أسابيع قليلة. وشارك خان بحسب مصدر باكستاني، في تقويم أهداف أميركية وغربية لإنزال اعتداءات إرهابية بها، وذلك بصفته ممثل "القاعدة الجديدة". ويجيد أبو طه اللغة الإنكليزية بطلاقة، وأطلع المحققين الباكستانيين على زياراته للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول. وهو واحد من آلاف المقاتلين الباكستانيين الذين تدربوا في أفغانستان في ظل نظام "طالبان" في التسعينات. وفي حال كان خان الرجل الذي اعتقلته ال"سي آي أي" وحصلت منه على المعلومات الجديدة تلك، يمكن لدوره كمسؤول اتصالات لدى "القاعدة" أن يجعله مصدراً حيوياً للمعلومات. وقال مصدر باكستاني إنه منذ اعتقاله، تحدث خان عن امتلاك الارهابيين "نظاماً متشعباً للاتصالات يضم التكنولوجيا المعقدة والسهلة على حد سواء". ويبقى السؤال مدى القدرة على الاعتماد على المعلومات التي تجمع من مقاتلين أعداء؟ وكانت السلطات الأميركية عبرت عن قلقها من أهمية المعلومات المتوافرة لدى معتقلين وقعوا في قبضتها في العراق أخيراً، ولا سيما "ابن الشيخ الليبي" الذي يزعم أنه أطلعها على توفر تدريبات للارهابيين على أسلحة محظورة في الاراضي العراقية. ويعتمد نظام "القاعدة" المعلوماتي الذي استخدمه خان على مواقع وبريد إلكتروني في تركيا ونيجيريا وشمال غربي المناطق القبلية لباكستان.