زار وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم امس نظيره الفرنسي ميشيل بارنييه ووزير الداخلية دومينيك دوفيلبان ليقول ان اسرائيل قلقة ازاء"اعمال العنف اللاسامية"التي تستهدف اليهود في فرنسا. هذه الزيارة بدت مدخلاً اسرائيلياً لعملية ترطيب علاقات متوترة مع فرنسا منذ دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون"اخوانه يهود فرنسا الى التوجه للعيش في اسرائيل، ومغادرة فرنسا لأن أمنهم فيها مهدد". يعمل شارون على تحقيق أي زيادة في اعداد اليهود في اسرائيل، استجابة للمخاوف من ازدياد اعداد العرب على المدى الطويل وانخفاض اعداد اليهود، فاسرائيل دولة يهودية تبذل كل جهدها لئلا تضعف معالم يهوديتها. وشارون لا يتردد امام اي شيء لحض يهود العالم على الهجرة الى اسرائيل حتى لو أغضب فرنسا ورئيسها ودولتها. صحيح ان هناك ممارسات عنصرية في فرنسا، خصوصاً في اوساط متطرفة"نيو نازية"تدين بالعداء العنصري لليهود، لكن هذه العنصرية نفسها تضرب ضد العرب والاسلام ايضاً. وللاسف، هاتان العنصرية واللاسامية لهما بعد سياسي في فرنسا. فلا تزال هناك رواسب من عهد الحرب العالمية الثانية، كما انهما اسقطتا على حرب الجزائر واستقلالها وما رافقهما من طرد للسكان ولا سيما اليهود. لكن هذه العنصرية زادت عنفاً في السنوات الاخيرة لأسباب سياسية مرتبطة بالوضع في الشرق الاوسط وسياسة اميركا"الوقائية"ضد الارهاب وحربها على العراق. وفرنسا شيراك مدركة كلياً لهذا الوضع. وكان دوفيلبان في خطابه الشهير في الاممالمتحدة عندما كان وزيراً للخارجية، حذّر من خطورة الحرب على العراق ونتائجها من ارهاب واعمال عنف في كل انحاء العالم. اما الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وسياسة اسرائيل ورئيس وزرائها المستمر في بناء المستوطنات وتشجيع التوسع في الاستيطان والاحتلال، واستمرار الولاياتالمتحدة واوروبا في مساندة اسرائيل وعدم معاقبتها... كل ذلك ادى الى احباط شباب من اصل عربي بات يلجأ احياناً الى اساليب العنف. ينبغي ان تكافح العنصرية بجهود مشتركة لا ينفع فيها الاسلوب الشاروني ولا نهج جورج بوش. هناك مقدار كبير من العقلانية في السياسات الاوروبية لكنها مدعوة الى ان تكون اكثر ديناميكية واقل كلامية، اكثر شجاعة واقل تراخياً ازاء التطرف الاميركي الاسرائيلي خصوصاً في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي. يمكن اوروبا، مثلاً، ان تكون صارمة في مطالبتها اسرائيل بتطبيق القانون الدولي، كما في مطالبتها الفلسطينيين. ويمكن اوروبا ان تطبّق عقوبات ضد اسرائيل مثلما تعاقب حركة"حماس"بوضعها على لائحة الارهاب . لفرنسا مواقف جيدة من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لكن يداً واحدة لا تصفّق، فالمطلوب سياسات اوروبية متوازنة لمكافحة الظواهر العنصرية واللاسامية التي غالباً ما يكون لها بعد سياسي. العنصرية ظاهرة خطيرة جداً سواء كانت ضد اليهود او ضد العرب والمسلمين، وهي خطيرة على المجتمع الفرنسي بأسره. ولا يمكن ان تكافح الا بموقف قوي ومن دون تمييز بين ما هو موجّه ضد اليهود وما هو مُستهدف العرب والمسلمين. فالجميع معنيون كلياً بنتائج هذه الممارسات وانعكاساتها. فالعنصرية واعمال العنف، في بلد يقطنه خمسة ملايين مسلم و700 ألف يهودي، تهدد سلام المجتمع وامنه ولا تفيد فيها دعوات سقيمة كالتي يوجهها شارون او تحريضات مريضة كالتي يطلقها بعض الاصوليين عديمي المسؤولية.