انتقدت السلطة الفلسطينية الموقف الأميركي الداعم لبناء اسرائيل وحدات سكانية في المستوطنات القائمة، واعتبرت أنه يشجع على "تصعيد عدوانها على الفلسطينيين". جاء ذلك ردا على تصريح مسؤولين أميركيين بأن دعم عمليات البناء في المستوطنات ما زال "موضع نقاش" بهدف تعريف النشاط الاستيطاني. وأوضح نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات: "ننتقد بشدة موقف الولاياتالمتحدة الداعم لتوسيع المستوطنات"، مضيفاً أنه يُضر بعملية السلام ويُشكل خرقاً لخطة خريطة الطريق ويُمثل انتهاكاً لقرار محكمة العدل الدولية". وأشار الى أن موقف واشنطن "يشجع اسرائيل على تصعيد عدوانها وحربها على الشعب الفلسطيني". كما رأى رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع ان الموقف الأميركي "يعرقل السلام"، مضيفاً: "لا أصدق ان أميركا تقول إن من الممكن توسيع المستوطنات. هذا يدمر عملية السلام". الموقف الاميركي يدمر عملية السلام وقال وزير شؤون المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات ان مثل هذه التصرفات "تدمر خريطة الطريق وعملية السلام والحل القائم على وجود دولتين". وأعرب عن اعتقاده بأن "على الادارة الاميركية الالتزام بخريطة الطريق التي تدعو الى وقف تام للنشاط الاستيطاني ومن ضمنه ما يسمى بالنمو الطبيعي". وكان مسؤول أميركي لم يكشف هويته قال لصحيفة "نيويورك تايمز" أول من أمس إن واشنطن قررت هذا الأسبوع التغاضي عما تسميه اسرائيل "النمو الطبيعي" للمستوطنات، أي بناء وحدات استيطانية جديدة داخل المستوطنات القائمة بحجة "استيعاب الزيادة السكانية". ونفى البيت الأبيض وجود أي تغيير رسمي في الموقف الأميركي الذي يرى ضرورة تجميد كل أوجه النشاط الاستيطاني، لكن مسؤولاً في الادارة قال إن جهوداً تُبذل "للتوصل مع الإسرائيليين الى فهم مشترك لما يعنيه النشاط الاستيطاني". وكشف مسؤولون أميركيون انه على اساس هذا الفهم قد تقبل واشنطن بعمليات البناء الجديدة اذا كانت ستجري ضمن حدود المستوطنات القائمة لا خارجها. وأكد احد هؤلاء المسؤولين: "لا أوحي بأنها مقبولة. الاسرائيليون يقولون ان النشاط الاستيطاني من وجهة نظرهم لا يتضمن بالضرورة البناء داخل المستوطنات القائمة. وهذا موضع نقاش". ورأى مسؤول آخر رداً على سؤال عن خطط اسرائيل بناء الف منزل جديد للمستوطنين في الضفة الغربية: "هناك بعض المرونة في هذا". "يستوطنون بمصادقة من بوش" "يستوطنون بمصادقة الرئيس جورج بوش"، كتبت كبرى الصحف العبرية للتعليق على التحول في الموقف الأميركي من الاستيطان. ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية إسرائيلية تأكيدها أن التفاهمات في شأن الاستيطان التي كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز" أول من أمس، قائمة منذ ثلاث سنوات، لكنها بقيت طي الكتمان. وقالت إن هذه التفاهمات انجزت بعد الاحتجاج الإسرائيلي على إعلان وزير الخارجية الأميركي كولن باول عن تبني الإدارة الأميركية توصيات "لجنة ميتشيل" التي تضمنت دعوة إسرائيل إلى تجميد البناء في المستوطنات، وان واشنطن وافقت سراً على مواصلة البناء في حدود المستوطنات، لكنها اشترطت عدم مصادرة أراضٍ فلسطينية جديدة لهذا الغرض أو إقامة مستوطنات جديدة. ورأت هذه المحافل أن الكشف عن هذه التفاهمات في هذا الوقت بالذات لم يأت مصادفة، إنما لحاجة الرئيس الأميركي لأصوات يهود الولاياتالمتحدة والمحافظين المؤيدين للدولة العبرية في معركته الانتخابية. وبينما امتنع مكتب رئيس الحكومة عن التعقيب رسمياً على النبأ، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن شارون عظيم ارتياحه لاعتباره التفاهمات انجازاً مهماً لسياسته التي تقوم على خطة الفصل الأحادي الجانب. وأضافت ان شارون يرفض الربط بين "الضوء الأخضر" الأميركي والانتخابات الرئاسية الاميركية أو وضعه داخل "ليكود"، مشيراً الى ما يصفه انجازاً، غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية تمثل برسالة الضمانات التي تلقاها من الرئيس الاميركي في نيسان ابريل الماضي واعلان الأخير ان "ثمة واقعاً جديداً نشأ على الأرض يجعل من تخلي اسرائيل عن الكتل الاستيطانية الكبرى أمراً غير واقعي". سريد يهاجم رايس و"لعبتها الغريبة" في المقابل، وجه أقطاب اليسار الاسرائيلي انتقادات شديدة للادارة الاميركية على تعديل سياستها، وقال النائب يوسي سريد ياحد - ميرتس ان النمو الطبيعي ليس سوى حيلة ومكيدة "لأن البناء في المستوطنات يتواصل نظراً للمعركة التي يخوضها كل من بوش وشارون من أجل البقاء على كرسيه، فيما نحن ندفع الثمن". واعرب سريد عن أمله في ان تتبدل الأو ضاع بعد الانتخابات الاميركية و"حينها قد تكف السيدة كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض عن لعبتها الغريبة التي هي عملية لعبة بوش ليكتوي بنارها الناس في هذه المنطقة وليس في واشنطن". وتابع ان الادارة الاميركية ولدوافعها الخاصة تواصل دعم سياسة شارون على رغم تلقي رايس التزامات اسرائيلية خطية في ثلاث مسائل منها وقف الاستيطان "لكن هذه الادارة السخيفة والانتهازية التي أهملت الشرق الأوسط لا ترتدع عن غيها وهذا ما يبعث على قلقنا".