انطلقت التصريحات الإسرائيلية أمس من اعتبار أن مسألة "البيان المشترك" الذي يفترض أن يصدر في ختام قمة العقبة، حسمت لجهة عدم إصداره بسبب الهوة بين موقفي الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وركز الإعلام على البيان الذي سيدلي به رئيس الحكومة ارييل شارون في ختام القمة، والذي قالت مصادر سياسية إسرائيلية مطلعة إنه لن يأتي بأي جديد مثير، باستثناء إعلان مبهم عن نيته ازالة بعض النقاط الاستيطانية العشوائية التي اقيمت منذ توليه رئاسة الحكومة في ربيع العام 2001، من دون أن يحدد عددها، مشترطاً ذلك بقيام الحكومة الفلسطينية باتخاذ "خطوات عسكرية جدية" ضد التنظيمات الفلسطينية. عاودت الصحف العبرية التأكيد أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون سيعمد إلى الادلاء بعبارات مبهمة خاضعة للتأويل ليتفادى الوقوع في "مصائد قانونية" من شأنها أن تضع تصريحاته على المحك وتحمله لاحقاً مسؤولية التنصل من الوفاء بالتزامات لم يقصدها. ووفقاً لأوساط قريبة منه، فإن كلامه في العقبة لن يتعدى تأكيده رغبة إسرائيل في تحقيق السلام وقبولها رؤية الرئيس جورج بوش كما وردت في خطابه الشهير قبل عام في ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب "الدولة اليهودية"، لكن من دون أن يلتزم إقامة هذه الدولة. وأضافت ان شارون سيؤكد أيضاً ان إسرائيل ليست معنية بمواصلة سيطرتها على شعب آخر، لكنه لن يتفوه بكلمة "احتلال"، كما أنه لن يأتي على ذكر "خريطة الطريق" وقضية الاستيطان التي سيختزلها بالحديث عن ازالة بعض البؤر الاستيطانية، ليس لأنها أقيمت على أراضٍ محتلة انما بداعي انها "غير قانونية" أقيمت من دون استئذان سلطات الاحتلال. وقالت المصادر ان شارون سيتحدث عن "الحق التاريخي للشعب اليهودي في الاستيطان في كل مكان"، متجاهلاً الطلب الأميركي ونص "خريطة الطريق" بوقف النشاط الاستيطاني في المستوطنات كافة. وبينما سيحاول شارون تسويق مسألة ازالة بعض البؤر كتنازل اسرائيلي، أفصح نائب وزير الدفاع زئيف بويم عن طبيعة هذا التنازل حين أبلغ اذاعة الجيش الاسرائيلي ان الحديث يدور عن نحو عشر نقاط صغيرة اعتَبر اقامتها "استفزازاً" للحكومة الاسرائيلية، ممهداً بذلك لمخطط وزارته اسباغ الشرعية على سائر النقاط المسماة "أمنية" والتي يقدر عددها بنحو مئة. تشكيك اسرائيلي في نيات شارون واعتبر النائب اليساري يوسي سريد "استعداد" شارون إخلاء بعض البؤر مناورة بل حيلة أخرى للالتفاف على ما نصت عليه "خريطة الطريق" في شأن اقتلاع البؤر كافة ووقف تام للاستيطان. وقال للاذاعة العامة ان مثل هذه المناورات لم تعد تنطلي على الرأي العام الدولي، وانه لن يكون بمقدور شارون التحايل مجدداً عبر تفكيك نقطتين صغيرتين غير مأهولتين أو نقل حاويتين والادعاء بأنهما نقطتان استيطانيتان. وفي سياق متصل، وفي اطار تضخيم مفتعل طلعت صحيفة "معاريف" اليمينية بعنوان صارخ في صدر صفحتها الاولى امس يقول "الحكومة تمنع البناء في المستوطنات" ليتضح من قراءة الخبر ان قيادة الجيش جمدت مئة طلب جديد قدمها المستوطنون في الاشهر الاخيرة لبناء 3500 وحدة سكنية جديدة. لكن تتابع الصحيفة ان مجلس المستوطنات يعد لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة التي صادقت عليها الحكومة رسمياً. الى ذلك، اكدت مصادر صحافية مطلعة ان مسألة الاستيطان لن تحول دون نجاح "قمة العقبة"، على رغم ايلاء الاميركيين اهمية خاصة لها. وقالت اذاعة الجيش ان الرئيس جورج بوش قد يكتفي بما سيتضمنه بيان شارون عن هذه المسألة. واعادت الى الاذهان ما قاله شارون قبل اسبوعين عن انه ثمة تفاهمات بينه وبين الرئيس بوش عن الاستيطان، مضيفة ان شارون، كما رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن، سيحرص على عدم تعكير صفو اجواء التفاؤل التي يتعمد الاميركيون بثها. الى ذلك، نقلت صحيفة "معاريف" عن أوساط سياسية وأمنية تقديراتها بأن الانتفاضة توشك على نهايتها. وكتبت أن مصدر هذا "التفاؤل" نجاح اجتماع شارون - أبو مازن الأسبوع الماضي "الذي وضع إسرائيل والفلسطينيين على سكة تطبيق خريطة الطريق".