بدأت في الرياض امس اول محاكمة علنية تشهدها السعودية، لثلاثة من الناشطين الليبراليين الذين دعوا إلى نوع من النظام الملكي الدستوري في المملكة العربية السعودية، واتهموا ب"الاساءة إلى الدولة والتشكيك بنهجها، والاعتراض على بعض ما ورد من بنود في النظام الأساسي للحكم، واصدار بيانات للرأي العام المحلي والعالمي". وفي أول جلسة لمحاكمة الدكتور متروك الفالح والدكتور عبدالله الحامد والأديب علي الدميني، غصت المحكمة الكبرى العامة في الرياض بالحضور من أهالي المتهمين وأقاربهم والمحامين، وبعض الصحافيين، كما حضر اثنان من أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان السعودية. واستغرقت الجلسة نحو ساعة ونصف ساعة، وبدأت بتلاوة ممثل هيئة الادعاء العام لائحة الاتهامات الموجهة إلى الثلاثة، وكانت طويلة وعامة ركزت على ان المتهمين "جعلوا من أنفسهم أوصياء على المواطنين بإصدار الوثائق والبيانات التي يوجهونها للرأي العام المحلي والعالمي، معترضين فيها على ما نصت عليه المادة 44 من النظام الأساسي للحكم، بدعوتهم الى فصل السلطات الثلاث، واعتراضهم على ان يكون الملك هو مرجع هذه السلطات، والتشكيك بنهج الدولة وبنزاهة القضاء". وادعى ممثل هيئة الادعاء بأن تصرفات المتهمين تتضمن "اثارة وفتنة"، مطالباً هيئة المحكمة التي رأسها القاضي الشيخ محمد بن خنين رئيس المحكمة العامة وضمت القاضيين الشيخين سعد الهمزاني وعبداللطيف العبداللطيف ب"تشديد العقوبة للمتهمين وأخذ التعهد اللازم عليهم بعدم العودة لما قاموا به من أعمال". ولاحظ أحد محامي المتهمين الثلاثة، محمد السنيدي، أن "الادعاء العام لم يطالب بعقوبة معينة ينص عليها النظام". وكان مفترضاً أن يترافع عن المتهمين ثمانية محامين، لكن القاضي استبعد، بموجب أمر من وزير العدل، ثلاثة من المحامين هم عبدالله الناصري وسليمان الرشودي وعبدالعزيز الوهيبي لأنهم ضمن الذين وقعوا عريضتي الاصلاح اللتين كان المتهمون الثلاثة أعدوهما بالمشاركة مع آخرين. وتغيب اثنان من المحامين الآخرين، وحضر ثلاثة هم محمد السنيدي وخالد المطيري وابراهيم المبارك، وقدم السنيدي مرافعة تضمنت مطالبات اجرائية، أهمها الافراج عن المتهمين بكفالة حضورية مشددة، والسماح للمحامين والقضاة بزيارتهم في مقر توقيفهم، وتحسين أوضاعهم، بخاصة تأمين الرعاية الطبية الكافية لهم، وإعادة البطاقات الشخصية إليهم. وطلب القاضي بن خنين من المحامين تقديم خطاب رسمي إلى المحكمة بطلبهم الافراج بكفالة عن المتهمين، "للنظر فيه ودرسه من قبل الأعضاء". كما وافقت المحكمة على طلب المتهمين والمحامين تأجيل المحاكمة أسبوعين، كي يتمكن الدفاع من إعداد رده على لائحة الاتهام. وقدم المتهم الدكتور عبدالله الحامد مرافعة شكك فيها بشرعية المحكمة "باعتبارها تابعة لوزارة العدل" التي اتهمها بتبعيتها لوزارة الداخلية، معتبراً الأخيرة خصماً في القضية. ولاحظ مراقبون حضروا المحاكمة أمس ان أجواء أول جلسة كانت منفتحة، إذ تمكن المتهمون الثلاثة من لقاء أهاليهم وأصدقائهم من دون الإجراءات الأمنية المعتادة في مثل هذه القضايا، كما التقوا ممثلي الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التي اتهمها الدكتور متروك الفالح بأنها لم تقدم للثلاثة أي مساعدة في قضيتهم. وقال المحامي السنيدي ل"الحياة" إنه يقدّر المحكمة و"الأجواء الشفافية والود" في الجلسة، وتفهم القضاة أوضاع المتهمين. وأضاف: "نعتبر عقد جلسات المحاكمة علناً ووسط شفافية تامة، من أهم الاصلاحات التي يشهدها النظام القضائي في المملكة". يذكر ان المتهمين الثلاثة كانوا ضمن 12 ناشطاً اوقفوا في 16 آذار مارس الماضي، واطلق تسعة منهم بعد تعهدهم وقف نشاطهم وتوجيه مطالبهم الاصلاحية إلى ولاة الأمر مباشرة، فيما رفض الفالح والحامد والدميني توقيع أي تعهد خطي بوقف اصدار البيانات المطالبة بالاصلاحات السياسية.