تبدأ هند عمر الطالبة في كلية الصيدلة يومها في السادسة صباحاً، تفتح خزانة ملابسها قبل كل شيء لتختار ما سترتديه ثم تبدأ بوضع المكياج وتسريح شعرها ويأخذ ذلك من وقتها أكثر من ساعة، وهي ترى ان الاهتمام بالشكل والمظهر مهم جداً وشخصية المرأة تظهر من خلال اناقتها وعنايتها بمظهرها على رغم ان ذلك يتطلب وقتاً وجهداً. وتضيف: "أنا لا أضيع وقتي سدى امام المرأة لأنني اهتم بمراجعة دروسي مثلما اهتم بالعناية بمظهري. وليس في ذلك عيب أو خطأ". وترفض هند رفضاً قاطعاً ارتداء الزي الجامعي الموحد لأنه يقيّد حريتها ويفقدها الأناقة. في المقابل تقول مروج كمال وهي طالبة ماجستير في كلية الهندسة، انها لا تملك وقتاً لتضيعه امام المرأة لانشغالها بالتحضير لرسالة الماجستير ومتابعة المستجدات في شأنها في المصادر الحديثة وعبر شبكة الانترنت. وتوضح ان الوقت الذي تقضيه لارتداء ملابسها ووضع المكياج لا يزيد على عشر دقائق يومياً لذا فقضية الزي الجامعي لا تشغلها لأن وجوده او عدم وجوده سواء بالنسبة اليها. أما لينا لؤي الطالبة في كلية التربية الرياضية، فهي ضد إعادة الزي الموحد، اذ يمنعها من ارتداء السروال او القمصان الملونة التي تعوّدت ان ترتديها كل يوم. وبين هذه الآراء الثلاثة، تتأرجح قضية الزي الموحد في الجامعات العراقية الذي فرض اوائل السبعينات من القرن الماضي وكان بألوان ثلاثة، الرصاصي للتنورة او السروال والأبيض للقميص والأزرق الغامق للجاكيت. واستمر العمل به حتى أوائل التسعينات. وبالتحديد بعد فرض الحصار الاقتصادي، سمح للطلبة ارتداء ما يشاؤون من ملابس. ثم أعيد ثانية بعد تطبيق مذكرة "النفط مقابل الغذاء"، التي سمح بموجبها للحكومة العراقية باستيراد الغذاء والدواء والحاجات الانسانية الأخرى وكان من بين ما تم الاتفاق عليه استيراد كمية من الملابس الخاصة بالزي الموحد. حالياً ترفع بعض الجامعات شعار تطبيق الزي الموحد من جديد، بينما تفضل جامعات أخرى الصمت لعدم القدرة الكاملة على تطبيقه في شكل كامل. ويرى د. زياد محمود الاستاذ الجامعي "ان تأجيل تطبيق الزي الموحد يعود الى الحال الامنية الصعبة التي يعيشها العراق وخوفاً من الاعتداء على الاساتذة والادارات الجامعية، ثم ان الامر بحاجة الى قرار من حكومة تستند الى دستور واضح وصريح ويتم تطبيق ما تصدره من قرارات". وللطلبة الذكور آراء مختلفة عن الاناث. خالد علي، الطالب في كلية القانون، يقول: "الزي الجامعي ظاهرة حضارية ليس لها علاقة بالنظام السياسي لانه يعطي انطباعاً مؤثراً وصورة جميلة عن الطالب العراقي لذا ارى ان إعادة فرضه أمر ضروري". ويرى عمار سامي الطالب في كلية الفنون الجميلة والذي يدرس فن النحت انه "لا مانع في ان يلبس الطالب ما يشاء ما دام لا يتجاوز حرية أحد. فرؤيتك للطلاب وهم يرتدون مختلف الألوان كرؤيتك لحديقة تضم مختلف الزهور!". ويتساءل علي نهاد، الطالب في كلية التربية: "لماذا يجب ان ارتدي آخر الصرعات؟ هل لكي يقال انني مثقف؟ إنها معادلة خاطئة الانسان المتعقّل يفكر ويعمل ويدرس ويلبس ولكن باتزان". سعدون صادق، استاذ جامعي واب لابنتين في المرحلة الجامعية، يقول: "الزي الجامعي مناسب وجميل للفتاة وهو يحفظ لها مظهرها المحتشم". اما انطوانيت رمزي فتفضل اعطاء الفتاة او الشاب الحرية في ارتداء ما يريدان، مشيرة الى ما يرتديه الشباب في جامعات العالم، العربية قبل الأجنبية، من ازياء مختلفة. وترى الاستاذة الجامعية ميسون هادي ان الموضوع "ليس موضوع زي جامعي بل هو موضوع التسيب والانفلات الذي تعانيه الجامعات العراقية، الكل يريد أن يفعل ما يشاء وفق ما تقتضيه مصلحته، فالحضور الى الكلية والالتزام بالمحاضرات الدراسية وارتداء الزي اصبحت أموراً يحددها الطلبة، ولا يستطيع أي مسؤول جامعي فرض رأيه". ويقول د. خليل يونس، استاذ في كلية العلوم بالجامعة المستنصرية: "نحن بانتظار قرارات واضحة من وزارة التعليم العالي في ما يتعلق بالكثير من الأمور التي ستحدد واجبات الطلبة وحقوقهم وكذلك واجبات الأساتذة وحقوقهم". وتشاركه الرأي د. منى حسين الاستاذ المساعد في كلية القانون اذ ترى ان "الكلية في فوضى والبلد في فوضى اكبر والحكومة غائبة ولا أحد يطبق القوانين كأن خللاً ما اصاب شخصية المواطن العراقي".