"ما أسهل حياتكم أنتم الرجال، لا تحملون همّ اختيار الملابس. ولن يلاحظ أحد كم دشداشة تملكون، لأن كلها بيضاء"، قالت أختي في وقت كان يشغلها فيه البحث عن فستانٍ تشتريه لإحدى حفلات الأعراس. ليست هي الوحيدة التي تعتقد ذلك، فغالبية غير السعوديين يظنون أن سكان المملكة لا يهتمون للموضة، ويكتفون بلبس الثياب البيضاء في الصيف، والملونة في الشتاء. قد يغيب عن بال الكثيرين، أن الثوب السعودي يحظى بتجديد على مستوى الموضة، تماماً كالسروال والقميص، خصوصاً بين الشباب. هذا لا يعني أن هناك مجلات متخصصة أو عروض أزياء محلية للرجال، لكن محلات خياطة الثياب السعودية تملأ مدن المملكة، كما أن بعضها يعد من أهم مصادر الموضات الجديدة التي لا تلبث أن تنتشر في كل البلاد. "أخيط ثياب العيد في الرياض، سنوياً، وهذا ما يغضب أبي، لأنه يعد ذلك جنوناً، طالما أن محلات الخياطة تملأ جدة"، يقول هشام 23 عاماً. ويضيف: "تضفي خياطة ثيابي في مدينة أخرى ميزة لها، باختلافها عن ثياب زملائي الذين يخيطونها في جدة". وعادة خياطة الثوب في مدينة أخرى، تمتد لتطاول أهل الرياض وسواهم أيضاً، في محاولة لتغيير نمط الثوب. تختلف موديلات الثياب بحسب خامة قماشها ودرجة نقائه. فهناك القماش الخفيف والسميك والوسط، والأبيض والناصع البياض والمائل إلى الصفرة او ما يعرف بالسكري، كما توجد أقمشة من القطن وأخرى من الحرير وبعضها مخلوط بحرير وقماش. وظهرت في السنوات الأخيرة، أقمشة مطرزة ومخططة أيضاً. ولا تقتصر الموضة على الأقمشة فقط، فطريقة إبراز الأزرار والجيوب والياقة لها دور في تحديد ماهية الموديل. الحجازي والقطري والكويتي والسعودي والنجدي كلها تسميات لموديلات مختلفة. إضافة إلى أن بعض الموديلات تواكب الموضة العالمية، فموضة أقمشة ال"لينون" اجتاحت الاثواب أيضاً، وبعضها لا يحتاج إلى كي، بل يلبس مباشرة بعد الغسيل على رغم أن الثياب المكوية كانت في فترة مضت دليل الأناقة. وهناك الثياب الضيقة او المُخصّرة، "والتي تعد موضة دارجة وأكثر أناقة منذ ما يقرب الثلاث سنوات"، بحسب ناصر نعمان 22 عاماً. ولعل الحديث عن موضة الثياب السعودية يستدعي الاهتمام أيضاً بالعمائم التي تعتبر من أهم الأزياء السعودية الرجالية على رغم أن أرقى موديلاتها تصنع في إنكلترا. وتعد العمامة الحمراء او الشماغ المفضلة لدى أهل نجد بينما يحب اهل الحجاز العمامة البيضاء او الغترة. ويقول نوح الحاتلة، الذي يعمل في احد محلات بيع العمائم: "لا يمكن التعميم بأن أهل كل منطقة يفضلون نوعاً من العمائم، وبرأيي يعود ذلك الى لون البشرة. فالبيضاء غالباً ما تليق بأصحاب البشرة السمراء، في حين أن الحمراء تليق بالبيض أكثر". وغالباً ما تطلق كلمة شماغ على العمامة المطرزة، وارتبطت لفترة بالعمائم الحمر، إلا أن موديلاً جديداً ظهر أخيراً على صعيد العمامة البيضاء، يتميز بالتطريز مما جعل الناس يسمونه "شماغاً أبيض". ويقول مروان عباس من جدة، إن "موديلات العمائم تختلف من عام إلى عام، كما أن الشباب يميزون الجديد من القديم، وفي نظري أن هذا الاختلاف لعبة من المحلات التجارية، لكي ترفع المبيعات". ويبدو أن محلات الأحذية، وخصوصاً التي تبيع "الماركات"، تأقلمت مع الموضة السعودية وواكبتها، يدل على ذلك اهتمامها ب"الحفايات" والصنادل أكثر من الأحذية، إذ أن طبيعة البلاد الشديدة الحرارة جعلت من "الحفايات" تقليداً ضرورياً بدل الأحذية. كما أن بعضها يباع بأسعار غالية، بحسب ماركاتها وبلد صناعتها.