عندما تتلقى دعوة إلى حضور مناسبة ما تلتقي فيها بالعديد من الأصدقاء والأقارب ومن بينهم الوجهاء وعلية القوم وغيرهم فإنك تبادر إلى لبس أفضل ما لديك من ملابس لتبدو بمظهر حسن ولائق، إن لم تحرص أصلاً على لبس ما يوافق موضة هذا الجيل الذي تعيشه، حيث يغلب على جيل اليوم لبس أجمل الثياب التي تفصل عند أرقى الخياطين من أفخر أنواع الأقمشة بالإضافة إلى ارتداء الشماغ أو الغترة البيضاء التي يعلوها العقال وأخيراً لبس حذاء جميل من أرقى الماركات أو ( جزمة) وأخيراً تتعطر بأجمل طيب وتلبس ساعة جميلة وتحمل بين يديك ( مسبحة ) من العقيق أو العاج، وإن كانت المناسبة مناسبة زواج فإن البعض يفضل أن يلبس ( مشلح ) قد حاكته أنامل كبار الصناع في هذا المجال وخاصة ( المشلح ) الحساوي كما يحلو للكثير أن يسميه، وفي هذا اللباس تقليد لما كان عليه جيل الأمس القريب الذي يعد عندهم هذا اللبس هو أفضل لبس على الإطلاق بل هو قمة الأناقة في حينه، ولكن شباب اليوم له ( بريستيجه ) الخاص في اللباس حيث وجد في هذا اللبس الكثير من التكلف والتقييد فهو جيل يحب التحرر من العادات والتقاليد ومن ضمنها اللباس الرسمي فوجد في ما يعرض من ألبسة حديثة ضالته فودع لبس الثوب إلا لغرض الذهاب إلى المدرسة أو الوظيفة الرسمية أو مراجعة أحد الدوائر الحكومية أو في مناسبة اجتماعية كبيرة واستبدله بلبس البنطلون والقميص ( التيشيرت ) والقبعة والأحذية الرياضية الخفيفة والمريحة للمشي، ويجد الشباب في هذا اللباس حرية في الحركة أكثر، وبالنظر إلى جيل شباب الأمس القريب فإنه لم يعرف تلك الملبوسات التي صارت سمة لشباب جيل اليوم وخصوصاً من الصغار الذين يحلو لهم لبس البنطلونات والقمصان ويتفننون في تسريحات شعر الرأس ويلبسون القبعات وإطالة شعر الرأس الذي يسمونه ( قذلة ) أو سوالف الشعر التي تتخطى الإذنين إلى منتصف الخد وإنزال شعر الشارب وتمييل العقال على الرأس ولبس ( الكوت ) على الثوب وإبراز الساعة في المعصم وإكثار ( الأزرار ) حول ياقة لثوب حول الرقبة إضافة إلى الاعتناء بالسيارة ونظافتها وتزيينها من الداخل بصور الممثلين والممثلات المقصوصة من الجرائد والمجلات . موضة كثيراً ما نسمع عن الموضة عند الحديث عن اللباس وهي تعني العرف السائد أو نمطاً من اللباس والأدب، فالموضة مظهر يعبر من خلاله الشخص عن فكرة أو للظهور بمظهر جيد أو للبروز بين الناس وهي تُعتبر فناً واسعاً من الألبسة من جميع أنواع الأقمشة وهي تجمع ما بين جميع ثقافات العالم من الشرق إلى الغرب وهي تعبّر عن الإنسان وطريقة عيش البشر وطريقة لباسهم وهي مصطلح فرنسي عام لأسلوب رائج أو لعادة رائجة خاصة في الألبسة والأحذية والحلي والمكياج ويمكن استخدامها للأثاث أيضاً، والموضة تشير إلى طريقة وعادة مميزة في نمط لبس شخص ما، ما دامت هذه الأنماط سائدة في الأخلاق، وتشير الموضة أيضاً إلى أحدث الإبداعات من مصممي الأقمشة فأصبح المصطلح الأكثر حضارةً مرتبط جداً بمصطلح الموضة بحيث إن المصطلح السابق يصنف معاني خاصة كالملابس الفاخرة وملابس الحفلات التنكرية بينما الموضة تعني الملابس بصيغة عامة ودراستها يمكن أيضاً أن يكون للموضة جانب نسائي وجانب رجالي وبعضهم يمكن أن يكون لكلا الجنسين، ولكل جيل من الأجيال موضته الخاصة في اللباس أو في التعامل مع قصات الشعر وحلاقة الذقن، ففي كل فترة نرى تغيراً واضحاً في معالم الموضة، فعندما نشاهد صوراً أو أفلاماً للمشاهير على سبيل المثال نجد أن لهم موضتهم الخاصة في اللبس أو تهذيب الشعر، وبات لكل موضة تاريخ فعند مشاهدة إحدى الصور فإنها تدل على موضة الستينات الميلادية مثلاً بالنسبة للمشاهير في خارج البلاد، أما صور أبناء جيلنا الماضي فإننا نتعرف على تاريخها بسهولة من خلال طريقة اللباس أو التعامل مع قصات الشعر فنقول مثلاً في السبعينات أو الثمانينات والتسعينات الهجرية وهكذا. أناقة كان اللبس الشائع بين الناس بسيطاً جداً بل إن أهم ما يميزه هو ستره للبدن فالرجل يلبس ثوباً من نوع ( المرودن ) وهو ثوب واسع فضفاض له أكمام واسعة مفتوحة من رسغ اليد إلى الكتف وهي تمكن من أراد العمل أن يعمل بحرية بحيث يجمع طرفي كمه ويربطهما من الخلف ومن ثم تكون يداه حرتان بدون ملامسة الثوب بحيث يعمل دون أن تعيقه ملابسه كعمله في الفلاحة أو البناء أو في غالب الأعمال اليدوية والبدنية الشاقة، وهذا الثوب ليس له ( ياقة ) تحيط بالعنق، أما قماشه فهو خفيف نوعاً ما وغالباً ما يكون لونه أبيض وهو واسع فضفاض، وبعد أن تحسنت الأحوال الاقتصادية وافتتحت محلات الخياطة الرجالية بدأ تفصيل الثياب على مقاس الشخص بحيث يكون الثوب متناسقاً مع البدن، ولكن في البداية كانت الثياب كلها تفصل على نمط واحد فمثلاً كان الخياط يزيد من طول الكم ويجعل في أعلاه زيادة مثنية ويخيطها فيكون الكم على قدر طول اليد ولكن قد يستفاد من هذه الثنية إذا طال الشاب وقصر كمه تقوم والدته بفتح الثنية فيتدلى الكم ويزداد طوله ويكون بطول اليد، وهذه الطريقة كانت سائدة حتى بين الكبار إذ كانت ( ثنية ) الثوب تكون في منتصفه وبعد الاستعمال الطويل للثوب واتساخ أطرافه السفلية وتمزقها يتم فتح ( الثنية ) التي في وسط الثوب ومن ثم يطول الثوب فيتم التخلص من الجزء المعطوب بقصه، كما كان الطفل يطول وينمو فإذا قصر عليه الثوب يقوم بذات الفعل نفسه، أما الأقمشة فقد كانت بنوعيات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، وبعد التطور وتحسن الحالة المادية ظهرت أنواع من الثياب تفصل على رغبة الشباب فظهرت ( الكبكات ) في أطراف الأكمام، و( الياقة ) التي تسمى ( قلاب ) يتدلى منه قطعتان من القماش على العتق، ومن ثم ظهر التطريز على أطراف ( الجيوب) والياقات والأكمام، إضافة إلى تطريز أول حرف من اسم الشخص بالإنجليزي بجانب الجيب الأمامي وغيرها من صرخات الموضة في هذا المجال. إتكيت بعد أن تغير لبس الثياب لدى جيل اليوم واستبدالها ب( البنطلون ) والقميص فقد تغيرت حتى طريقة الكلام وأصبح الكثير من الشباب يختار الكلمات التي تدل على قمة التحضر فودعوا الكلمات العامية التي كان يستعملها جيل الأمس وصاروا يعتمدون على ( الإتكيت ) وترجمتها بالعربية تعني( ملصق أو بطاقة ) وارتبطت هذه الكلمة بمسمى إتكيت لحدوث واقعة معينة وهي أن الملك الفرنسي لويس الرابع عشر اعتاد أن يقيم حفلات في قصر فرساي وعند دخول المدعوون لوحظ أنهم يسيرون على عشب الحديقة الموجودة بالقصر ولا يمشون على الطرق أو الممرات المخصصة للسير للدخول إلى القصر فطلب من المسؤولين عن الحديقة لفت انتباههم بلافتات لكي يبتعدوا عن السير على العشب والأزهار ولكن لم يتغير الوضع فقرر أن يصدر مرسوماً باحترام هذه اللافتات وعدم التجاوز عنها، ومن هنا أتت كلمة ( إتكيت ) وأصبح معناها لافتة أو بطاقة صغيرة تساعد الأشخاص في معرفة أو كيفية التصرف في المواقف الحياتية، ومن هنا أصبح ( الإتكيت ) هو السلوك الحميد الذي يجب على الجميع اتباعه دائماً في حسن التعامل مع الذات ومع الآخرين في كل التصرفات في شتى نواحي الحياة وفي كل كبيرة و صغيرة. برستيج كثيراً ما نسمع في أيامنا هذه وخصوصاً من فئة الشباب قول أحدهم ( برستيجي ما يسمح لي ) وعادة ما يكون ذلك في موقف أو حدث يرفض صاحب العبارة أن يقوم به بسبب ( برستيجه ) ليجعلنا نتساءل عن معنى هذه الكلمة.. فهي في الأصل كلمة أجنبية تعني (هيئة أو شكلاً أو وضعاً) وأصبحت متداولة في اللهجة المحلية والعامية وتعني الوضع أو الإطار الاجتماعي الذي وضع مستخدمها نفسه فيه، وما يتعلق به من أمور تناسب المكانة أو الوضع الاجتماعي الذي حدده الشخص لنفسه أمام الآخرين فلا يستخدم مثلاً كلمة معينة لأن برستيجه لا يسمح بذلك ولا يذهب إلى مكان محدد كالأماكن الشعبية ذات المحلات الرخيصة في السعر أو متواضعة الديكورات لأن برستيجه لا يسمح له بذلك فهو قد تعود على نمط معين من التعامل مع الظروف الحياتية الحالية فهو يريد أن يلبس أحدث ما أنتجته صيحات الموضة في الملابس وكذلك بالنسبة إلى ارتياده إلى المطاعم والمقاهي الراقية، ولو تذكر قليلاً حياة جيل الأمس القريب لوجد أنه جيل مكافح بكل ما تحمله الكلمة حيث ضحى بالكثير من الكماليات وحرم نفسه منها حتى تغلب على ظروفه الحياتية واستطاع أن يكمل دراسته ويحصل على وظيفة كافح من أجل أن ينال فيها أعلى المراتب، وفي ظل استمرار من يطبق مبدأ ( البرستيج ) في حياته فإنه سيجد صعوبة في قابل الأيام من خلال اصطدامه بأرض الواقع إذا تخرج من الجامعة وبدأ في البحث عن عمل مناسب له فيجد صعوبة في تقبل وظيفة بأجر متدنٍ لا يكاد يفي بمتطلباته التي تعود عليها حينما كان طالباً معتمداً في مصروفه على والديه، مما يجعله يرفض القبول بعمل متواضع في ظل شح الوظائف مما يجعله يفضل البقاء في البيت على أن يتعب من أجل أجر زهيد، ولو تفكر وقبل بأي عمل وكافح واجتهد وتنازل عن كثير من متطلباته التي جلها من الكماليات فإنه بالتأكيد سيصل إلى مبتغاه في الحصول على وظيفة تلبي طموحه. زكرت..! في كل عصر وحين يظهر من جيل الشباب من يحب الأناقة و( الشياكة ) في اللباس وتتصف ملابسهم بالجمال فهم يختارون أفخر اللبس وأجوده ويحافظون على نظافته وأناقته وقد كان جيل الأمس يطلق عليهم مسمى ( الزكرتية ) أو ( الهواوية ) نسبة إلى تحررهم وانفتاحهم على مجتمعهم منذ وقت مبكر، ولأن قلوبهم تنبض حباً، وإحساساً، وشعوراً بالوله، وتناهيد الإعجاب إلى حد التأمل في أن ( الحلو يكمل ) بعيونه وأناقته، ولأنهم أيضاً يرتدون أجمل اللباس بطريقة تلفت انتباه الجميع في السوق، وبعضهم يخرجون بسياراتهم الفارهة التي يعتنون أيضاً بنظافتها وأناقتها، وهؤلاء ( الزكرت ) يسهل التعرف عليهم من خلال طريقة لبسهم، التي هي في الغالب ( غترة ) مشجرة، أو ( غترة ) بيضاء ( وارد العطار)، أو شماغ صغير جديد ملبوس على رأس مسرح الشعر الطويل، و( ثوب القيطان المخصّر) ذو ( الياقة المنفرجة )، أو ثوب ( الدوبلين)، أو( أبو غزالين)، و( التترو )، بالإضافة إلى ( الكبكات ) التي كانت علامة من علامات الترف، و( الدقلة ) وحذاء ( كنادر) ذات كعب عالٍ من نوع ( دباب )، و( طاقية زري أم جنيهات )، وهذه الملابس كانت في الغالب لباس فئة معينة من الناس في زمن جميل مضى، إضافةً إلى تسريحات الشعر التي كانت سائدة كموضة للشعر الطويل أو حلاقة الشعر الشهيرة في تلك الفترة المسماة ب ( التوليت )، و( سوالف ) الذقن، وكان لهؤلاء "الزكرتية" أحاسيس خفية وطموحات في نفوسهم، استطاعوا أن يحققوا من خلال هذه التجمعات شيئاً منها فأدركوه!. وكلمة "الزكرت" تطلق على فئة عمرية معينة، وهم الشباب ما قبل سن الزواج، الذين يبذلون المال من أجل ( الكشخة ) والتميز، حيث يحرص ( الزكرت ) على انتقاء أجود أنواع اللباس، بدءًا من ( الثوب ) و( الغترة ) - قبل رواج ارتداء الشماغ الأحمر في التسعينات الهجرية - و( الطاقية )، إلى ( الصديرية ) و( الكوت ) و( الكبكات) و( العقال )، و( الكوت) الذي يكون غالباً بلون الثوب نفسه، ويعدّ من علامات الأناقة، وقد يكون ( كوت الكاروهات )، بالإضافة إلى التطيب بأنواع الطيب مثل ( الكولونيا )، و( الريفدور )، وقد كان هؤلاء ( الزكرت ) من المعتنين بالمظهر غاية ومنية كل بنت مقبلة على الزواج فهي ترغب في الارتباط بمثل هؤلاء الشباب وتأنف من الارتباط بشاب لا يعتني بمظهره وتبدو عليه ملامح ( القراوة ) وخصوصاً من أصحاب الكدح والعمل البدني الشاق كالفلاح الذي لا يجد وقتاً للاعتناء بنظافته ونظافة ثيابه وذلك لشدة كدحه وعمله، وقد وثقت إحدى البنات الشاعرات التي تنتظر فارس الأحلام ذلك ببيتين من القصيد وهي تفصح عن رغبتها في عريسها المنتظر بلا خجل ولا عيب فتطلب ما يروق لها فتقول لمجالساتها من صويحباتها بيتين من الشعر تغني عن شرح طويل حيث قالت: حلفت انا ماخذ الكدّاد ولا اخذ أهل العلاوية انا بشفي راعي بلاد عليه قذله وطاقية تقليعة شباب عندما تلتقي بشباب اليوم في الأسواق التجارية ومجمعات المطاعم والمقاهي أو حتى في المتنزهات تستوقفك فعلاً ملابس روادها من هؤلاء الشباب وخصوصاً الصغار حيث استبدل هؤلاء الثياب المعتادة بملابس البنطلون ( الجينز ) أو الملابس الرياضية والقمصان المختلفة من أرقى الماركات والأحذية الرياضية الخفيفة والمريحة للقدم وقصات الشعر المتعددة التي تعلوها ( القبعات ) و ( الكابات ) المختلفة، وتزخر الأسواق بكل جديد مما يرغبه هؤلاء الشباب حيث تنتشر المحلات التي يعرض فيها كل ما يرضي أذواقهم، ولكن وبالرغم من كثرة إقبال الشباب على محلات بيع هذه الألبسة إلا أن الكثيرين لا يزالون متمسكين بزيهم الرسمي وهو الثوب والشماغ وإن كانت موضة الثياب تغيرت عن ذي قبل حيث يحلو للبعض أن يلبس الثوب المطرز في الأكمام و( الجيوب ) و ( الياقات ) وغيرها، وبالتالي صارت ملبوسات الشباب للملابس الدخيلة على ثقافة مجتمعنا كلبس ( البنطلونات ) والقمصان والأحذية الرياضية والخفيفة والقبعات وتسريحات الشعر الغريبة باتت ( تقليعة شباب ) ومحددة بفئة عمرية محددة بصغار السن من المقلدين لغيرهم وما إن تستكمل سنوات الشباب أيامها إلا وتعود إلى لبس الثوب والشماغ والزي التقليدي المعروف. شباب يتابعون إحدى المباريات بملعب الملز عام 1408ه ويبدو تمسكهم بالثوب والشماغ والعقال كشخة زمان تختلف كثيراً عن مفاهيم الكشخة اليوم الطفرة غيرت برستيج الشباب لم يكن ارتداء الزي الرياضي معروفاً إلا عند مزاولة لعب الكرة بالملعب كشخة شباب جيل اليوم تتنافس بالموضة والماركات موضة الطيبين لا تكلف الكثير Your browser does not support the video tag.