لم يستمع الجمهور كثيراً لصوت فنانه المفضل كاظم الساهر ليل أول من أمس على المدرج الجنوبي، ضمن مهرجان جرش للثقافة والفنون. فقد غنى معه كثيراً، وبصوت أعلى من صوت الساهر نفسه، ليستبدل كاظم والجمهور الأدوار، ويقف الفنان العراقي في ليلته الثانية موقف المتفرج والمستمع في آن معاً، من دون أن يقف موقف المغني إلا قليلاً. لم تساعد الإمكانات الصوتية الضعيفة للحفلة صوت الساهر للوصول إلى الجمهور، فغلبت أصوات الآلات على صوته. لكن الغلبة كانت لصوت الجمهور غير الشجي طبعاً وغير الملتزم بإيقاع الأغاني، ليردهم الساهر إلى اللحن الصحيح غير مرة. صيحات الجمهور وصفيره لم تنقطع تقريباً طوال مدة الحفلة التي ناهزت الساعتين، غنى خلالها كاظم أغاني غالبيتها من جديده. الجمهور لم يكتف بالاستماع إلى ساحره، وغنائه معه، فقام ورقص أخيراً مع رقص الساهر نفسه على إيقاع "الكوبي" العراقي. لم يكتف الجمهور من قصائده "القبانية"، وظل يطالبه بأغنيته الأخيرة "حافية القدمين" حتى غناها الساهر. لم يستطع الجمهور نسيان أن كاظم عراقي، وغنى معه "يا بغداد"، ومقطعاً من "أنا وليلى" يسير الحديث فيه نحو الأغراب واستيطانهم وطنه. كان الجمهور كل شيء، وكان الساهر فرداً منه، يستمع أكثر مما يغني. بدا الحفل وكأنه مكان عام اجتمع فيه محبو الساهر ليديروا في رؤوسهم مسجلات تصدح بأغانيه، والوقت لا يسمح لسماعه يغني أمامهم شخصياً.