ضجّت أرجاء باحة قصر بيت الدين التاريخي بالتصفيق والغناء طوال الأمسية التي أحياها أول من أمس، «القيصر» كاظم الساهر ضمن برنامج الدورة ال31 لمهرجانات بيت الدين. وهي الأولى له من أمسيتين متتاليتين في هذا المكان ذي الرمزية الكبيرة. هو الضيف الدائم الذي صار من أهل الدار، إذ يطل منذ ثماني سنوات في باحة هذا القصر الشهابي العائد إلى مطلع القرن التاسع عشر، ليشغل حواس جمهور يأتي من مناطق قريبة وبعيدة ويستمتع بهذا الصوت الذي يطرب الآذان بأصالته ويحرّك المشاعر بإحساسه. على أنغام «ها حبيبي»، أطل كاظم على مدرج القصر الذي امتلأت مقاعده بحضور هائل كان يردد كلمات تلك الأغنية الرومانسية ويتمايل على ألحانها. وبعد وقت قصير، بدأ الجمهور ينادي القيصر ويطالبه بأغنيات كثيرة. وطبعاً، لم يقدر «أبو وسام» على رفض طلباتهم التي جعلته يؤدي أغنيات من خارج «الريبيرتوار» الذي حضّره مع فرقته الموسيقية. وسرعان ما تحولت أمسية قيصر الأغنية العربية الى تظاهرة جماهيرية أثبت من خلالها الحضور، الذي بلغ عدده 4 آلاف شخص، عبر التصفيق والتهليل والتلويح بالأيادي، أنه يعشق هذا المغني والملحن والشاعر. للحب والسلام والرومنسية غنى كاظم الساهر، فأبدع بأغنيات اشتهرت خصوصاً بين عامي 1996 و2013، منها: «يدك التي حطت على كتفي» و «حافية القدمين» و «صباحك سكّر». بعد مطالبات متكررة من كاظم لتأدية أغنية «المستبدة»، عبّر هذا الأخير عن استغرابه بقوله «الغريب أنو الي عم يطالب بهاذي الأغنية أصوات نسائية»، إذ إن كلمات «المستبدة» تدور حول رجل تركته حبيبته المستبدة التي اعتقدت أنه لن يقدر على العيش من دونها، فيجعلها تعي أن الحياة تستمر على رغم فراقها. وعبر أغنيتي «يا رايحين لبنان» و «غرناطة»، أخذنا سفير الأغنية العراقية في جولة بين بيروت وبغداد، ليعود إلى رومانسيته ويشعل المسرح مجدداً بأغنية «زيديني عشقاً» التي جعلت «الحشود الكاظمية» تقف وتغنيها معه بصوت عال كاد يغطي على صوت كاظم. وظهرت سعادة الفنان بحب الجمهور له عبر ابتسامة خجولة ارتسمت على شفتيه. وخلال الحفلة التي كانت غالبية روّادها من النساء، قدّم الساهر أغنية جديدة عنوانها «يا كل العشق»، مزجت الطرب الأصيل بالرومانسية، وهما لونان موسيقيان يتقنهما «الملك» كما كانت الأصوات البعيدة تناديه. حفلة الجمعة جعلتنا ندرك أن هناك بصيص أمل في ذائقة البعض الفنية، وأن الفن الجميل لا يُمل منه، فحتى لو غنى كاظم الساهر في كل ليلة من المهرجانات الصيفية في لبنان، سيتوافد محبوه من كل حدب وصوب لسماع صوته الكبير. فهو يأتي إلى بيت الدين سنوياً، وكل سنة يزداد عدد الحاضرين أكثر وأكثر. ولا ننسى أن كاظم يلحن معظم الأغاني التي يؤديها (عدد كبير منها قصائد للشاعر نزار قباني)، وهو حصد خلال مسيرته التي يقترب عمرها من 30 سنة، تكريمات وجوائز عدة من وسائل إعلام وحكومات ومنظمات عالمية، كما عينته منظمة «يونسيف» عام 2011 سفيراً للنيات الحسنة. وإلى جانب الغناء، شارك الفنان في برنامجَي «ذا فويس» (مع صابر الرباعي وعاصي الحلاني وشيرين عبدالوهاب) و»ذا فويس كيدز» (مع تامر حسني ونانسي عجرم) للمواهب الغنائية. يذكر أن الأمسية الأخيرة من مهرجانات بيت الدين، تحييها الفنانتان الإسبانية بويكا، والبرتغالية كارمينيو، في 9 آب (أغسطس) الجاري.