بعد آخر جلسة عقدتها سوق بغداد للأوراق المالية البورصة في 15 آذار مارس عام 2003، أي قبل بدء الحرب الاميركية على العراق بأيام قليلة، كانت أوضاع المستثمرين العراقيينالمالية والآمال التي كانوا يعقدونها على أسهمهم في المصارف الخاصة المساهمة التي يتم تداولها في السوق صعبة جداً. ويذهب البعض الى القول ان الفترة الطويلة التي تلت آخر جلسة للسوق، وهي فترة تزيد على عام، جعلتهم يزدادون خوفاً على مدخراتهم التي وضعوها في أسهم هذه المصارف المساهمة. ومبعث الخوف هو ان توقف سوق بغداد للاوراق المالية لهذه الفترة وعدم وضوح التعليمات الخاصة بآلية التداول في بيع وشراء الاسهم في السوق، جعلا المستثمرين في موقف حرج قد لا يستطيعون فيه التقليل من احتمالات الخسائر التي قد تطالهم، نتيجة ما يتردد حالياً حول صدور تعليمات من البنك المركزي العراقي في شأن زيادة رأسمال المصارف العراقية الخاصة الى 50 بليون دينار عراقي، أي ما يعادل 35 مليون دولار. ويقول قيس السويدي المدير المفوض ل"المصرف المتحد للاستثمار"ان هذه الزيادة المتوقعة في رأسمال المصارف العراقية الخاصة هي زيادة مطلوبة لأنها تتماشى مع واقع حال المصارف الخارجية التي سيتم فتح فروع لها في العراق وبرأسمال مماثل للمصارف العراقية، لافتاً الى أنه لذلك من غير الممكن ان يسمح للمصارف العراقية المتاحة العمل برأسمال اقل من رأسمال المصارف الخارجية العاملة في العراق. ويوضح أنه من اجل ان تتوازن المتانة المالية للمصارف العراقية الخاصة مع قدرات المصارف الخارجية عليها رفع رأسمالها الى المستوى الذي يؤهلها للعمل في الميدان الاقتصادي والمصرفي بمرونة عالية. ويضيف ان هذا الامر جعل حاملي أسهم المصارف العراقية الخاصة في وضع صعب، خصوصاً بعدما تأخر افتتاح سوق بغداد للاوراق المالية، لافتاً الى أن صغار المستثمرين وهم كثيرون متخوفون حالياً من عدم قدرتهم المالية على تسديد ما يتوجب تسديده من قيمة الاسهم الجديدة التي ستطرح من قبل المصارف العراقية الخاصة بهدف زيادة رأس المال، وهي ارقام تبلغ اضعاف قيمة الاسهم التي يمتلكونها حالياً. ويشير السويدي، وهو مستثمر مالي كبير ويمتلك اكثر من 40 في المئة من رأسمال"المصرف المتحد للاستثمار"الذي يدير شؤونه، الى ان المرحلة المقبلة بقدر ما هي مرحلة ايجابية بالنسبة الى المصارف العراقية الخاصة، اذ ستتمكن من الخوض في نشاطات مصرفية واسعة تمليها حركة السوق التجارية واستحقاقات النهج الجديد للاستثمار الاجنبي في العراق، الا انها في الوقت نفسه ستكون مرحلة صعبة بالنسبة الى صغار المستثمرين، اذ سيتوجب عليهم المبادرة الى بيع اسهمهم في سوق بغداد للاوراق المالية، ما يعني أن تلبية متطلبات الزيادات المتتابعة في رأسمال المصارف العراقية الخاصة، من أجل البلوغ الى الرأسمال المطلوب وهو 50 بليون دينار عراقي، قد لا تكون بمستطاع الكثيرين من حاملي الاسهم ولذلك يتوقع ان يلجأ هؤلاء المستثمرون الى التفريط بأسهمهم وبيعها لمستثمرين كبار، اصطلح على تسميتهم في السوق بالاسماك الكبيرة او أسماك القرش التي تلتهم الاسماك الصغيرة. ولا يستبعد السويدي ان يلجأ بعض المصارف العراقية الخاصة الى مبدأ الاندماج مع مصارف اخرى محلية، او اللجوء الى مبدأ المشاركة مع مصارف عربية واجنبية لاجل بلوغ الرأسمال المطلوب. ويقول ان هذا الاجراء من شأنه التخفيف من وطأة الخسائر التي سيمنى بها هؤلاء المستثمرون، الا انه يشير في الوقت نفسه الى اهمية افتتاح سوق بغداد للاوراق المالية افتتحت قبل ما يزيد على اسبوعين باعتباره فرصة لهؤلاء المستثمرين للتداول في اسهمهم بشكل متوازن يلبي ما يطمحون اليه والتقليل من خسائرهم المتوقعة. ويضيف السويدي ان المصارف العراقية الخاصة تدرس حالياً وسائل عدة للنهوض بنشاطاتها ومواكبة متطلبات نهج اقتصاد السوق، الذي يرى السويدي انه نهج يقوم على رأسمال متين وامكانات كبيرة في العملية المصرفية والاقتصادية، لافتاً الى أن هذه المصارف تتطلع الى مرحلة جديدة يكون اول المستفيدين فيها المستثمرون الماليون في هذه المصارف والتي يشكل المساهمون الشريحة الكبيرة منهم. ويشير الى ان"المصرف المتحد للاستثمار"انتهى قبل ايام قليلة من زيادة رأسماله بنسبة 56 في المئة، وهي نسبة عالية جداً اضطر اليها بسبب الحاجة لبلوغ الرأسمال المطلوب، وهو 10 بلايين دينار لمرحلة اولى تتبعها مراحل اخرى لاحقة خلال الشهور القليلة المقبلة. ويقول ان هذه النسبة العالية في زيادة رأسمال المصرف وضعت المستثمرين، وهم المساهمون في المصرف، في موقف تطلب منهم تسديد مبالغ كبيرة لقاء حصولهم على اسهم جديدة وبذلك يكون من ليس قادراً على تسديد هذه المبالغ قد فاتته فرص ربحية عالية.