شنت قوات الشرطة العراقية التي تحاول ان تكون في الصف الأمامي في "المعركة ضد الارهاب"، عملية واسعة أمس، ضد واحد من أهم بؤر الجريمة المنظمة وسط بغداد، في محاولة لاستعادة هيبتها المنسية. وبدأت العملية التي استمرت نحو ساعتين ظهراً، في منطقة البتاوين، احد الأحياء الشعبية القديمة وسط بغداد، المعروف بإيوائه عصابات السلب والنهب والسطو والخطف والتزوير والقتل والبغاء. وطوق عشرات من قوات الشرطة، مدججين بالأسلحة الرشاشة، الحي من كل الجهات، وبدأوا حملة دهم طاولت عدداً من المنازل التي تؤوي عصابات. الضابط أحمد عبدالسلام قال: "طفلح الكيل، ولم نعد قادرين على الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذه العصابات التي بدأت تعيث فساداً من دون رادع". واضاف: "كل البلاغات يشير الى وجود عصابات القتل والخطف والتزوير والنهب والسلب والسطو على البنوك والمصارف والبغاء، في هذا الحي، الى درجة ان البغداديين اصبحوا يخافون الاقتراب منه". ورأى ان "المشكلة هي ان هذا الحي يقع وسط العاصمة، وبدأ يتسبب في مشكلات للجميع، لأن لا أحد يستطيع ان يتجاهل المرور في وسط عاصمته، لذلك قرر المسؤولون في وزارة الداخلية ان نبدأ أول عملية واسعة ضد هذا الحي". وشوهد عدد من رجال الشرطة وهم يخلعون بأرجلهم أبواب عدد من منازل الحي ويقتادون بقوة السلاح عدداً من الرجال والنساء الى سيارات "بيك - آب" نقلتهم مسرعة تحت نظر سكان الحي، خصوصاً اصحاب المحال التجارية الذين رحبوا بهذه العملية. نوري قيس 60 سنة اسم وهمي لأحد أصحاب تلك المحلات، يبيع اجهزة كهربائية ويخشى انتقام العصابات. قال: "أثلج رجال الشرطة صدري، ولولا خوفي من رجال العصابات، لصفقت وحييت الشرطة بأعلى صوتي". وتابع نوري الذي أغلق قسماً كبيراً من واجهات محله، ولم يدع سوى منفذ صغير خوفاً من اللصوص: "سرقوا محلي ثلاث مرات خلال الشهور القليلة الماضية، وخسرت بسببهم نحو ثلاثين ألف دولار، ولم اجرؤ على الإبلاغ عنهم خوفاً من الانتقام". وروى وهو يتحسر على أيام زمان: "كنت أبقي محلي مفتوحاً حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، ولم يكن أحد يجرؤ على ان يلمس شيئاً ويسرقه. كانت الشرطة تضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه السرقة، اما اليوم، للأسف، اصبحت أغلق محلي في الساعة الثانية بعد الظهر". واعتبر الضابط عبدالسلام ان عملية الدهم امس "بداية ستليها عمليات، وسيواجه اللصوص اشد العقاب، وسنعيد الى الشرطة سمعتها ونعيد الأمن للعراقيين". وكثفت الشرطة في الأيام القليلة الماضية دورياتها في شوارع العاصمة، وبات بإمكان المارة ان يلاحظوا انتشار دورياتها، بعضها يوقف السيارات التي لا تحمل لوحات تسجيل، واخرى تتمركز عند تقاطع الطرق الرئيسية للمراقبة والتدخل في حال الضرورة. منير أحمد أحد اصحاب محال التصوير في المنطقة تمنى "ان ينفذوا كل يوم مثل هذه العملية كي نتخلص من المجرمين، وننعم بالأمان الذي طالما حلمنا به". وزاد باشمئزاز وهو ينظر الى رجال شرطة يعتقلون عدداً من أفراد تلك العصابات: "هؤلاء مكانهم الطبيعي في السجون، انهم خطر يهدد الجميع، واذا أردنا ان ننظف العراق من الارهابيين علينا ان نبدأ من هؤلاء، لأنهم هم الذين يقدمون الدعم للارهابيين الحقيقيين".