سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إشتباكات في "مدينة صدام" بين الشيعة و"الفدائيين"... ومسلحون يأتون من النجف لحماية مستشفى الكندي . بغداد : مواجهات مسلحة بين أصحاب المحلات والعصابات وقوات "التحالف" تقتل عدداً من السارقين
استمرت أمس حال الفوضى التي تعم بغداد والعديد من المناطق العراقية بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين. وفي حين أشارت تقارير الى انتشار رجال مسلحين في شوارع بغداد الغارقة أكثر فأكثر في بحر الفوضى، بدا ان الأميركيين والبريطانيين بدأوا يتحرّكون لوقف عمليات النهب وقتلوا عدداً من الاشخاص كانوا يحاولون السرقة بعدما لم يحرّكوا ساكناً طوال الأيام الماضية. ففي وقت قالت القوات البريطانية انها ستعتقل المشاركين في السرقة والنهب في البصرة، ثاني المدن العراقية، أعلنت القوات الأميركية في بغداد انها ستتخذ إجراءات لوقف الفوضى وناشدت الموظفين العراقيين في المرافق العامة مساعدتها في مهمتها. تعددت مشاهد الفوضى في العاصمة العراقية أمس واستمرت عمليات السلب والنهب التي بدأت الاربعاء وشملت مناطق جديدة، في حين سُمع في مناطق أخرى تبادل متقطع للنيران. وقالت مصادر عسكرية أميركية ان مسلحين عراقيين يبدو انهم من الشيعة الذين تعرضوا للقمع خلال حكم الرئيس صدام حسين، اشتبكوا مع "فدائيي صدام" في منطقة فقيرة شمال شرقي بغداد. وقال مراسل "رويترز" شون ماغواير: "دار قتال عنيف على مدى ساعة بعد منتصف الليل في مدينة صدام" التي تقطنها غالبية فقيرة من الشيعة تقدر بنحو مليوني نسمة. وقال خالد يعقوب عويس، وهو مراسل آخر ل"رويترز"، انه شاهد رجلاً مسلحا يطلق النار على سائق شاحنة صغيرة في وسط بغداد ويسحبه من خلف المقود ويركب بدلاً منه الشاحنة ويقودها مبتعدا. ولم يتضح هل قُتل سائق الشاحنة ام انه أصيب فقط. وذكر المراسل ان رجالاً مسلحين يتدفقون على مستشفى للاطفال في حي المنصور في غرب العاصمة حيث تجمع جثث المدنيين والمقاتلين ويبدو انهم ينهبونه. واضاف: "ازداد الموقف سوءاً منذ أول من أمس. انها فوضى". وقال حسن حافظ، وهو أيضاً مراسل ل"رويترز"، بعدما جاب احياء أخرى من العاصمة العراقية: "عصابات السلب مسلحة وتطلق النار على الناس. كثرت الاسلحة في الشوارع". وأوردت وكالة "فرانس برس" معلومات أخرى عن حال الفوضى التي تعم بغداد والتي خلّفت ما لا يقل عن 25 جريحاً. فذكرت ان تجاراً عراقيين في وسط بغداد فتحوا النار أمس للمرة الأولى على مجموعة من الغوغائيين الذين كانوا يقومون بعمليات نهب. وقال التاجر خازن حسين: "نريد ان يسود القانون، واذا لم يدافع الأميركيون عنا فإننا سندافع عن انفسنا بأسلحتنا". وقتلت القوات الاميركية في شارع الرشيد التجاري المعروف التاجر محمد البرهيني 25 عاماً خلال محاولة صد مجموعة من اللصوص متسلحاً برشاش كلاشنيكوف. وقال جيران القتيل ان اللصوص أبلغوا الاميركيين انه من "فدائيي صدام" فقتلوه فوراً. وفي سوق الرصافي اطلق التجار النار في الهواء أمام متجر لبيع الملابس مكون من سبع طبقات، بينما فتح التجار في سوق العربي نيران رشاشات "كلاشنيكوف" على مجموعة من السارقين كانت تتقدم نحوهم. وشوهد عدد من الشبان يحملون قضبان حديد يطاردون اشخاصاً حاولوا الاستيلاء على بضائع. وتعرض أمس فندق الرشيد، الفندق الأكثر شهرة في بغداد، للنهب فيما اضرمت النار في فندق المنصور المعروف ايضاً. وسرق عدد من اللصوص الاثاث من فندق الرشيد بعدما اقتحموا بواباته، واخذوا منه السجاد واجهزة التلفزيون وقطع الاثاث وحملوها في حوالى خمس عشرة سيارة اوقفت في الموقف التابع للفندق. واندلعت النار في الطابق الارضي من فندق المنصور القريب من نهر دجلة، وارتفعت سحابة سميكة من الدخان الاسود فوقه. وكانت مؤسسة تجارية رسمية تحترق ايضاً قبالة وزارة الاعلام. وشوهدت في سماء العاصمة اعمدة عديدة من الدخان ناتجة عن حرائق تسبب بها المخربون الذين لا يكتفون بنهب المحلات والمؤسسات بل يعمدون الى احراقها. ولم يتحرك رجال الاطفاء العراقيون لاخماد الحرائق التي اندلعت في عدد كبير من الوزارات والادارات. وشهدت بغداد عمليات نهب عشوائية منذ دخلتها القوات الاميركية يوم الاربعاء وانهارت سلطة صدام حسين التي استمرت 24 عاماً. ونهب السارقون كل ما وصلت اليه ايديهم من منازل كبار الضباط العراقيين الفخمة ومباني السفارات الأوروبية والمؤسسات الحكومية التي كانت تثير الرعب في نفوسهم ايام حكم صدام. وادخل 25 شخصاً الى مستشفى الكندي في بغداد أمس بعد اصابتهم بجروح جراء اطلاق النار عليهم في اشتباكات خلال عمليات نهب. الا ان المستشفى الذي يعد الاكبر في بغداد لا يستطيع ان يقدم لهم الكثير من المساعدة لانه هو نفسه تعرض للسرقة. وقال بيتر تارابولا المنسق الطبي للجنة الدولية للصليب الاحمر في بغداد في اعقاب تفقد المستشفى: "الوضع فوضوي وكارثي". واضاف ان كافة موظفي مستشفى الكندي فروا من المستشفى ولم يبق سوى طبيبين لا يزالان يقدمان الاسعافات الاولية من دون التمكن من اجراء عمليات جراحية. ولا يزال بعض المرضى في المستشفى منذ عمليات النهب الخميس والتي قام رجال مسلحون خلالها بسرقة عربتي اسعاف وادوية. وعسكر مقاتلون شيعة من مدينة النجف، جنوب العاصمة، عند المستشفى وتولوا حراسة كافة مداخله. ويقود هؤلاء المقاتلين الشيخ عباس الزبيدي الذي ارتدى معطفاً طبياً ابيض فوق عباءته التقليدية. ودفعت مشاهد الفوضى العارمة في المدن العراقية بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس الخميس الى ان يطالب الولاياتالمتحدة وبريطانيا باحترام التزاماتهما الدولية كقوات محتلة والعمل على حفظ النظام. وبدا ان الأميركيين والبريطانيين بدأوا بالفعل التجاوب مع طلب أنان بعدما لم يحرّكوا ساكناً إزاء عمليات السرقة طوال الأيام الماضية، على رغم ان الكثير منها كان يجري تحت أنظارهم. وبررت القوات الاميركية في البدء عدم تدخلها لوقف النهب بالقول انها تقول انها لا تزال تقوم بحملة عسكرية وليست لديها القدرة على الحفاظ على القانون والنظام. لكنها غيّرت موقفها أمس وقالت انها ستتخذ إجراءات لوقف حال الفوضى وانعدام الأمن. وأوردت هيئة الإذاعة البريطانية بي. بي. سي. ان الأميركيين يُنشئون مركز عمليات عسكري-مدني في فندق فلسطين في بغداد وانهم ناشدوا العراقيين الذين يديرون المرافق العمومية في العاصمة ان يتقدموا اليهم لمساعدتهم في القيام بمهمتهم. وقالت ان هذه الخطوة هي المؤشر الأول الى ان الأميركيين بدأوا يتخذون خطوات لوقف الفوضى. وتدخلت القوات الأميركية أمس واحتلت مركز قيادة الاستخبارات العراقية في منطقة الكاظمية بعدما تدفق عليه مئات المواطنين للإستفسار عن مصير أقارب لهم يُعتقد انهم مُحتجزون في دهاليزه. ولم تُسجل في الساعات الماضية أي عملية جديدة ضد الأميركيين بعد العملية الانتحارية مساء الخميس في شمال بغداد والتي أوقعت قتيلاً من المارينز وعدداً من الجرحى. وكانت تلك العملية الانتحارية الأولى ضد القوات الاميركية منذ استيلائها على بغداد مما اثار شكوكاً حول سيطرتها على المدينة. وشهدت بغداد قبل ذلك اشتباكات متفرقة بين المارينز وجيوب مقاومة صغيرة من الموالين للرئيس صدام حسين. واقامت قوات المارينز حواجز في مختلف انحاء بغداد. وفي البصرة، اعلنت القوات البريطانية انها ستتحرك لوقف الخارجين عن القانون ومنع عمليات السلب والنهب في المدينة، وهي ثاني اكبر المدن العراقية، خلال الأيام الثلاثة المقبلة. وقال ناطق باسم الجيش الاميركي في قاعدة السيلية في قطر ان القوات البريطانية قتلت امس خمسة لصوص حاولوا السطو على مصرف في البصرة. وأقر الكولونيل كريس فيرنون، الناطق العسكري البريطاني، بأن عمليات السلب والنهب في المناطق التي سيطرت عليها القوات الاميركية والبريطانية في العراق حالت دون مباشرة منظمات الاغاثة .لعملها وتوزيع المياه والطعام والدواء على المحتاجين. وقال فيرنون: "ستشهد خلال الاثنتين والسبعين ساعة المقبلة تغيراً في وضعنا للتعامل مع ما نصفه بهذا النوع من الامن الداخلي". وفي لندن، رفض الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التقارير عن ان الناس في بغداد يعيشون اول ايام الحرية في خوف اكثر مما كانوا تحت حكم الرئيس العراقي. واضاف: "جرب ان تقول ذلك للناس الذين مزق أقاربهم ارباً ارباً او لسكان بغداد الذين ذهبوا لميدان البلدية ورأوا أناساً تنزف حتى الموت وقد قطعت ألسنتهم". وتابع: "لا أحد يقبل ما يحدث... اشك انه حتى وزير الاعلام العراقي كان سيبرر ذلك"، في إشارة الى السيد محمد سعيد الصحاف الذي نفى مراراً ان حكم صدام حسين يتهاوى. من جانبه قال بلير اثناء حضوره احتفالا في اكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية ان القوات البريطانية تدافع عن "المصالح الامنية الطويلة الأجل" لبريطانيا. واشار الى ان الحفاظ على السلام في العراق مهمة ليست سهلة. واضاف: "تحاول القوات البريطانية بينما نتحدث ان تحقق بعض السلام والاجواء الطبيعية لحياة الناس الذين لم يعرفوا سوى القمع والوحشية". وقال الناطق باسم بلير ان "الانخداع بفكرة ان الوضع في بغداد أسوأ مما كان قبل وصول التحالف يشبه في ما اعتقد محاولة تنقيح تاريخ أحد اكثر الأنظمة التي شهدناها في القرن العشرين وحشية". وتلقت "الحياة" أمس بياناً من "تجمع الديموقراطيين المستقلين العراقيين" اعرب عن القلق ل"أعمال الشغب والنهب والتخريب وحرق مؤسسات الدولة" في بغداد. وحمّل التجمع "أصحاب القرار" مسؤولية حفظ الأمن.