سجينة عراقية قطعت ضفيرتها وارسلتها الى شيخ عشيرتها مع رسالة كتبت فيها: "انجدونا فإن بطوننا قد كبرت، ونطالبكم بحرق وتدمير سجن ابو غريب لما يجري فيه من انتهاكات واعتداءات على الشرف العراقي". هذه الواقعة كانت لتبدو غير صحيحة ولا احد كان ليصدقها لولا تلك الفظائع التي كشفتها فضيحة تعذيب السجناء في ابي غريب، وفتحت استغاثة الفتاة ملف تعرض النساء العراقيات للتحرش الجنسي أو للاغتصاب من قبل الجنود الأميركيين في سجن أبو غريب، وكيف ان كثرة "تفضل الموت على المهانة". المسؤولون الأميركيون يقولون إن هناك حوالى ألفي صورة بشعة لم تنشر، والكثير منها لنساء يتعرضن للاغتصاب أو يجبرن على التعري أمام الجنود الأميركيين. وتروي امرأة عراقية أن الجنود الأميركيين أجبروها على التجرد من ملابسها أمامهم، وتحكي أخرى كيف اغتصبها الجنود حتى أغمي عليها. ومع كشف المزيد عن فضائح سجن ابو غريب، بات العراقيون مقتنعين بأن النساء في سجن أبو غريب تعرضن لاغتصاب منهجي، وأن عودتهن إلى منازلهن صارت تشكل لهن كابوساً أفظع من السجن، وإن الموت أهون من الفضيحة. واليوم، تجد النسوة المعتقلات لا ارقام محددة لهن أنفسهن بين مطرقة الاغتصاب الأميركي ونظرة المجتمع العراقي إليهن. وهو مجتمع ما زالت ترتكب فيه جرائم الشرف إذا حدث الاغتصاب من طرف عراقيين، فكيف يكون الحال إذا حدث على يد جنود أميركيين؟ ويشير عراقيون الى إنهم لا يزالون ينتظرون ظهور المزيد من الصور البشعة، ويضيفون "اذا تعرض الرجال لتلك الحالات الفظيعة من التعذيب الجنسي، فإن النساء بالتأكيد تعرضن إلى ما هو أفظع". زوجات مقاومين وفد من المحاميات العراقيات زرن سجن أبو غريب في آذار مارس الماضي والتقين بنساء حكين كيف تعرضن لمختلف أنواع المهانات بينها التحرش الجنسي والاغتصاب. نساء أخريات وجدن صعوبة كبيرة في سرد ما فعله بهن الجنود الأميركيون. والأفظع من كل هذا أن عدداً مهماً من النساء كن مسجونات من دون أن يرتكبن أي ذنب ومن دون أن توجه إليهن أية تهمة. إحدى النساء العراقيات قالت إن الجنود الاميركيين أجبروها على نزع ملابسها مما دفع بالمترجم العراقي إلى إغماض عينيه خجلاً. والكثير من النساء تعرضن للاغتصاب لكونهن "زوجات مقاومين أو أعضاء في حزب البعث". والجنود الأميركيون يغتصبونهن او يتحرشون بهن لإجبار أزواجهن المعتقلين على الإدلاء باعترافات. وتقول محامية عراقية إن "معظم السجينات المغتصبات في سجن أبو غريب يرفضن الحديث عن معاناتهن لأن ذلك يعني لهن معاناة إضافية لا يمكن تحملها". وتضيف المحامية أن إحدى النساء حكت لها كيف تعرضت للتعذيب بواسطة سكين ثم اغتصبت. وتؤكّد الباحثة الاجتماعية في دائرة اصلاح الاحداث التابعة لوزارة العدل العراقية، رافدة شلال الجبوري أن "جنود الاحتلال مارسوا ابشع جرائم الاغتصاب والاعتداء على السجينات العراقيات في سجن ابو غريب وسجون الاحتلال الاخرى". وتضيف الجبوري: "جنود الاحتلال كانوا يدخلون يومياً في سجن التسفيرات الى معتقلات النساء ليلاً للاعتداء على السجينات، وكانت أصوات السجينات ترتفع بالاستغاثة والنجدة. اما في سجن ابو غريب فتوجد الكثير من السجينات العراقيات اللواتي لن يتم الاعلان عن اسمائهن، وكان المعلن هو وجود خمس سجينات فقط أما الحقيقة كانت تشير الى وجود اكثر من هذا الرقم". وتقول ان "من بين السجينات الموجودات في ابو غريب زوجة قاض، تم اعتقالها من قبل قوات الاحتلال اثناء قيام تظاهرة سلمية في منطقة الاعظمية، فخرجت هذه السيدة تبحث عن ابنها فتم اعتقالها وعندما ذهبت اختها للبحث عنها اعتقلت هي ايضاً في سجن ابو غريب وتعرضت الاثنتان الى اعتداء جنسي من قبل جنود الاحتلال". وتوضح: "تعرضت فتاة اخرى من منطقة الفلوجة تبلغ من العمر 18 عاماً اثناء حفلة عرسها الى عملية اعتقال من قبل قوات الاحتلال التي داهمت المنطقة واعتقلت العديد من النساء. وسجنت الفتاة في ابو غريب ولدى خروجها طلبت من اهلها ان يقتلوها او ان تقتل نفسها، وفعلاً قتلت الفتاة نفسها بعد مرور يومين على خروجها من السجن، لما تعرضت له من قبل جنود الاحتلال". وتؤكد أن "جنود الاحتلال وضعوا السجينات العراقيات في المكان الذي كان مخصصاً للأحكام الخاصة في زمن النظام السابق، وجهزوا زنزانات خاصة على طراز السجون الاميركية وكانوا يمنعون أي عراقي من الوصول الى السجينات".