لم تثر انباء الكشف عن صور جديدة لتعذيب المعتقلين العراقيين من قبل الجنود الامريكيين أية مفاجأة للعراقيين.فقد اصبح العراقيون على قناعة تامة بان تعذيب المعتقلين هو ممارسات اعتيادية للقوات الامريكية طبقا لاوامر من قيادة الجيش الامريكى ومن السلطات العليا فى واشنطن.ويعتقد العراقيون ان ما كشف عنه من تعذيب وحشى هو جزء يسير مما حدث ويحدث فعلا فى العراق. ويقول المحامى محمد صالح الاسود ان الصور الجديدة جاءت لتؤكد للرأى العام العالمى وليس للعراقيين أن عمليات التعذيب الأمريكية ضد المعتقلين العراقيين لم تبدأ فى سجن " أبو غريب" فى ديسمبر من العام الماضى اذ انها تكشف عن فضيحة جديدة تعود إلى مايو العام الماضى اي بعد شهر من الاحتلال الامريكى للعراق.وتظهرالصور الجديدة تنكيل جنود مشاة البحرية الأمريكية بالأسرى العراقيين فى مشاهد وصفها مراقبون بأنها أفظع مما حدث فى " أبو غريب ".وأظهرت الصور جنودا يجلسون فوق معتقلين مقيدين، وبندقية مصوبة نحورأس معتقل ينزف، وحذاء فوق صدر رجل عار. كما أظهرت جنودا أمريكيين فوق ثلاثة سجناء غطيت رؤوسهم فى صندوق شاحنة صغيرة. وقالت وكالة اسوشيتدبرس الأمريكية، التى كشفت الصور، إن هذه الممارسات تفوق فى وحشيتها فضيحة "أبو غريب". ويتهم العراقيون ادارة بوش بعلمها بهذه الانتهاكات وخاصة وزير الدفاع الامريكى دونالد رامسفيلد لكن الامر الذى يدعو للدهشة ان نشر هذه الفضيحة جاء بعد ساعات من تأكيد الرئيس الاميركى جورج بوش ان رامسفيلد باق فى منصبه لفترة بوش الرئاسية الثانية. وكان محامون أمريكيون معنيون بالحقوق الدستورية قد رفعوا دعوى جنائية ضد رامسفيلد ومسئولين آخرين بسبب الانتهاكات التى وقعت فى سجن أبو غريب العراقى . وإلى جانب إسم رامسفيلد جاءت أسماء جورج تنيت مدير الاستخبارات الأمريكية السابق والجنرل ريكاردو سانشيز القائد السابق للقوات الأمريكية فى العراق.وقد رفع المحامون دعواهم فى ألمانيا قائلين إنهم اختاروا ذلك البلد لأن به تشريعا يسمح بمحاكمة مرتكبى جرائم الحرب ومنتهكى حقوق الانسان من خارجها. وتؤكد الصور الجديدة مدى انتشار الانتهاكات الاميركية فى المدن العراقية، خاصة ان الانتهاكات التى تجسدها الصور الاخيرة لم تكن فى السجون، وتشير الى انها أكثر شيوعا مما اعترفت به الادارة الاميركية التى نسبت تلك الانتهاكات الى "حفنة صغيرة" فقط من الجنود "غير المنضبطين" الذين تصرفوا "بصفة فردية".ويؤكد المحامى الاسود "ان الصور الجديدة تعد خرقا اميركيا آخر لمعاهدة جنيف حول معاملة الاسرى". ويشير الضابط المتقاعد سعد على الى المحاكمات التى جرت لبعض الجنود الامريكيين المتورطين فى تلك الفضائح فيقول انها محاكمات صوريةوالعقوبات التى صدرت لا ترقى الى مستوى الجرائم التى ارتكبها اولئك الجنود غير ان مما لفت النظر فى تلك المحاكمات ان المحامين اعتبروا موكليهم كباش فداء وانهم كانوا يطيعون الأوامر.واضاف ان منظمة العفو الدولية "امنيستى" التى تتخذ من لندن مقراً لها اكدت ان الانتهاكات بحق المعتقلين ليست تصرفات فردية وانما عمليات تعذيب منهجية". ووسط الغضب العراقى على ممارسات الجنود الامريكيين فى السجون العراقية جاء تصريح وزير العدل العراقى ليزيد غضب العراقيين فقد اعلن مالك دوهان الحسن وزير العدل امس الاحد عن إيداع الموقوفين العراقيين لدى القوات الأمريكية بدلاً من العراقية بحجة ان الأجهزة العراقية المختصة غير قادرة على تأمين الحماية اللازمة لهم وعدم وجودالأماكن اللازمة لاستيعابهم.ويقول الكاتب الصحفى المعروف الدكتور حميد عبد الله ان تصريح الوزير "اعتراف من الحكومة المؤقتة بعدم قدرتها على المحافظة على المعتقلين وهو اعتراف ايضا بان دورة الانفلات والفوضى قد عادت الى نقطة البداية عندما كان الجنود الامريكان يديرون السجون العراقية التىانتشرت منها الفضائح والروائح النتنة ".