في ثكنات خشبية في سجن أبو غريب بعيدا عن انظار العالم والضمير العالمي يساق كل يوم ما لا يقل عن عشرين سجينا عراقيا يحتجزهم جهاز الاستخبارات العسكرية الامريكي الى غرف التحقيق بعد ان يتعرضوا الى ابشع انواع التعذيب وانتهاك العرض والاجبار على ممارسة الفاحشة مع بعضهم البعض. وتمارس ما يعرف ب(فرق النمور) الامريكية التي يتألف كل منها من محقق ومترجم ومحلل معلومات ابشع انواع الضغط على السجناء كي يدلوا بمعلومات عن المقاومة العراقية وعن النظام السابق. ويمكن مشاهدة الغرف الصغيرة التي يستجوب فيها المحتجزون لفترات تصل إلى خمس ساعات في المرة الواحدة عبر نوافذ زجاجية ذات سطح عاكس. ويوضع السجناء الذين يرفضون الاستجابة لمطالب المحققين او يدلون بمعلومات لا توافق ما تريده سلطة الاحتلال في عنبر عليه حراسة مشددة يقع على مرمى حجر من الثكنات الخشبية. ولا يصعب ملاحظة الطلاء البني الفاتح الذي يكسو حوائط زنازين الاحتجاز في سلسلة الصور الفوتوغرافية التي نشرت في مختلف أنحاء العالم لسجناء عراقيين يتعرضون لاساءة المعاملة. وقال الجنرال الامريكي جيفري ميللر وهو يشير إلى مجموعة الزنازين التي تحمل رقم 1-إيه: نعتقد أن عمليات التعذيب وإساءة المعاملة حدثت هنا. والجنرال ميللر كان يتولى من قبل قيادة معتقل القاعدة الامريكية في خليج جوانتانامو في كوبا حيث يخضع اسرى متهمين بالانتماء لطالبان والقاعدة لابشع انواع التعذيب وقد جيء به إلى العراق لمعالجة الموقف كما تقول السلطات الامريكية. وهو يرأس حاليا إدارة سجون ومعسكرات اعتقال قوات الاحتلال في العراق التي تضم حوالي 11 ألف نزيل من بينهم 500ر3 شخص في سجن أبو غريب حيث يعيشون حياة اشبه بوضع السوائم في خيام في ساحات تحيط بها الاسلاك الشائكة. وتصاعدت الضغوط في أعقاب الفضيحة لاخلاء سبيل السجناء. ويعتقد الشعب العراقي أن من بينهم كثيرين محبوسين ظلما أو منذ فترات طويلة للغاية. وقال ميللر فيما يتعلق بحوادث إساءة المعاملة إن الجيش الامريكي شعر بالفزع والخزي بشأن هذه الافعال التي ارتكبتها قلة من الضباط والجنود ونحن رجال ونساء نؤمن بالشرف. لكن ميلر زعم أن السجناء لن يرغموا بعد الان على الجلوس في أوضاع مؤلمة بدنيا أو يهددوا بتغيير وجباتهم الغذائية . متجاهلا الممارسات البشعة المتمثلة في إذلال السجناء جنسيا وتهديدهم بالقتل. وجرائم الاغتصاب والتعذيب. ولم يطلع سوى السياسيين والعسكريين الامريكيين على الصور التي تحمل أكثر المشاهد إثارة للفزع. ولكن تقارير العراقيين تشير إلى أن الامريكيين كانوا يصورون علماء الدين والمشايخ عراة أثناء احتجازهم بحيث يمكن تهديدهم باستخدام هذه الصور الخاصة ضدهم في المساجد. وقال الكولونيل فوستر باين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في سجن أبو غريب: إننا نستعد للعمل في إطار معاهدات جنيف. دون ان يوضح لماذا تجاهلتها وزارة الدفاع الامريكية وسكتت على هذه الجرائم ولديها افضل الخبراء القانونيين الذين يعرفون معاهدات جنيف ويحفظونها عن ظاهر قلب. شارول بولارد كبيرة الممرضات في مستشفى السجن قالت هي الاخرى إنه بموجب هذه المعاهدات لن يجري استجواب السجناء أو تصويرهم ولكن من يصدقها بعد مشاهدات العالم ما حدث.