أكدت مصادر اميركية متطابقة امس ان قرار واشنطن اعطاء الضوء الاخضر لإقتحام مقر رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي ومنزله في بغداد جاء بعد ايام من تسلم الرئيس جورج بوش ملف اعدته الاستخبارات الاردنية يظهر تعاون المؤتمر الوطني العراقي مع الاستخبارات الايرانية. وقال مسؤول اميركي ل "الحياة" إن العاهل الاردني الملك عبد الله سلم بوش الملف خلال زيارة قام بها الى واشنطن في اوائل الشهر الماضي. وأكد أن المعلومات التي اوردتها الاستخبارات الاردنية "كان لها دور مهم في قرار ملاحقة الجلبي وفتح تحقيق في وزارة الدفاع الاميركية لمعرفة الجهة التي كانت تمرر معلومات استخبارية سرية اليه". ونشرت مجلة "اكزيكوتيف انتليجنس ريفيو" تقريراً طويلاً عن دور الاردن في تحريض البيت الابيض على قطع علاقاته بالجلبي ومحاسبة المحافظين الجدد المتعاونين معه من داخل الادارة. وقالت ان البيت الابيض "أمر رئيس سلطة التحالف الموقت بول بريمر بإقتحام منزل الجلبي ومكاتب المؤتمر الوطني العراقي" بعد حصوله على المعلومات الاردنية التي تطابقت مع معلومات من مصادر استخبارية اميركية. ونقلت صحيفة "نيويورك بوست" الشهر الماضي عن ديبلوماسيين قولهم إن المعلومات التي وفرها الملك عبد الله "أعطت تفاصيل عن عمليات ابتزاز على طريقة المافيا وتمرير معلومات سرية عن العمليات العسكرية الاميركية كان يتم ايصالها الى ايران". واضافت ان المعلومات الاردنية كانت ايضاً وراء قرار وقف دفع وزارة الدفاع مبلغ 340 ألف دولار شهرياً للمؤتمر الوطني العراقي واطلاق تحقيق مكثف في نشاط المجموعة في العراق واميركا. واقتحمت قوات من الشرطة العراقية تساندها قوات اميركية وعناصر من مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي منزل الجلبي ومقره في بغداد في 20 من الشهر الماضي، وصادرت وثائق واجهزة كمبيوتر، كما اصدرت مذكرات اعتقال بحق 15 عضواً في المؤتمر الوطني العراقي. وتجري السلطات الاميركية حالياً تحقيقات في اتهامات بأن اعضاء في المؤتمر يمارسون من خلال "هيئة اجتثاث البعث" التي شكلتها الحكومة عمليات ابتزاز مالي لمسؤولين بعثيين سابقين لعدم ادراج اسمائهم في لوائح من يحظر عليهم تسلم وظائف حكومية في العراق. ونقلت "نيويورك بوست" عن مسؤولين اميركيين قولهم إن الملف الاردني "وفّر تأكيدات بأن المؤتمر الوطني العراقي يلعب لعبة مزدوجة مع البعثيين وان الجلبي ومسؤوله الامني يمررون معلومات حساسة الى ايران". الجلبي اتهم الاستخبارات إلا أن الجلبي اتهم في حينه وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي بتدبير الاتهامات ضده بسبب مطالبته بالإسراع في انهاء الاحتلال الاميركي للعراق. وقال قريبون منه أن الخلافات الحادة بين الاستخبارات الاميركية ووزارة الخارجية من جهة، ووزارة الدفاع ومكتب نائب الرئيس ريتشارد تشيني، كانت وراء استهداف الجلبي. واتهم ناطق بإسم المؤتمر وزارة الخارجية الاميركية والاستخبارات المركزية بمحاولة احباط تحقيقات يجريها المؤتمر الوطني العراقي في عمليات اختلاس تقدّر قيمتها بعشرة بلايين دولار من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء الذي كانت تديره الاممالمتحدة، بهدف التغطية على تورط مسؤولين كبار في دول عربية وغربية. يذكر ان الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان أمر بفتح تحقيق في الاتهامات، فيما يجري الكونغرس تحقيقاً مستقلاً. يذكر ان الاردن شن حملة ضد الجلبي منذ عودة الاخير الى العراق بعد اطاحة النظام العراقي، واتهمه بالمسؤولية عن انهيار بنك البتراء الذي كان يديره في عمان اواخر الثمانينات. وكانت محكمة عسكرية اردنية حكمت على الجلبي بالسجن 22 عاماً بتهمة الاختلاس، إلا ان الشرطة الدولية انتربول لم تعترف بالحكم بوصفه صدر عن محكمة غير نظامية، ورفضت اعتقال وتسليم الجلبي الذي اتهم الاردن بالتآمر على بنك البتراء بالتواطؤ مع نظام صدام حسين الذي كان يزود الاردن نصف احتياجاته النفطية. وجاء قرار ملاحقة الجلبي ايضاً في ضوء تصعيد الاخير انتقاداته لمبعوث الاممالمتحدة الاخضر الابراهيمي واتهامه بمحاولة تعيين بعثيين في الحكومة العراقية الانتقالية.