فتح تعديل حكومي لقانون "الجرائم الاقتصادية" في الأردن المجال أمام تسوية لقضية اختلاس كبرى، شهدتها المملكة عام 1990 وتورط بها رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" المعارض أحمد الجلبي، الذي ترشحه دوائر أميركية لخلافة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. ونص بند في القانون المعدل، الذي نشرته الصحف الأردنية أمس، على أن "للنائب العام التوقف عن ملاحقة من يرتكب جريمة عوقب عليها بمقتضى أحكام الجرائم الاقتصادية واجراء الصلح معه، إذا أعاد كلياً أو جزئياً الأموال التي حصل عليها نتيجة ارتكاب الجريمة، ولا يعتبر قرار النائب العام نافذاً إلا بعد الموافقة عليه من قبل لجنة قضائية". وكان الجلبي 57 سنة رئيساً لمجلس إدارة بنك "البتراء" الأردني عام 1988 قبل أن يُحوّل عام 1990 لحساباته الخاصة في بنوك سويسرية 300 مليون دولار، تشكل غالبية موجودات البنك الذي انهار لاحقاً، وخضع للتصفية، وتحمل البنك المركزي الأردني خسائره. ووجه القضاء الأردني إلى الجلبي اتهامات بينها "تزوير وثائق واختلاس أموال عامة"، لكنه تمكن من الفرار من المملكة، ثم حكم غيابياً عام 1992 بالسجن 22 سنة مع الأشغال الشاقة. وأفاد قانونيون أردنيون ان الجلبي "سيستفيد من التعديل القانوني، في إطار تسوية قانونية مع الحكومة، يعيد بموجبها المبالغ التي اختلسها، ليبدأ بعدها اجراءات طي ملف القضية نهائياً"، على أن "لا يحرك مودعون في البنك من الذين اختُلِست أموالهم قضايا جزائية ضده". وقال المحامي المتخصص في القضايا المالية غسان معمر ل"الحياة" إن التعديل "يمثل حلاً وحيداً لقضية الجلبي، خصوصاً أن القانون كان يمنع النيابة من اسقاط دعوى الحق العام، إلا في حال التقادم أو وفاة مرتكب الجريمة أو صدور عفو عام". وزاد ان "بإمكان الجلبي عقد اتفاق صلح مع الحكومة، شرط حضوره إلى الأردن". وكان وزير الخارجية الأردني مروان المعشر قال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي إن "الجلبي اتهم بسرقة أموال من الأردن، وصدر في حقه حكم قضائي، ولا يمكن الأردن أن يتعامل معه". وأشار مسؤولون أردنيون إلى أن الشريف علي بن الحسين، الذي يتزعم "الحركة الملكية الدستورية" المعارضة التي تنادي بعودة الحكم الملكي إلى العراق، حاول عام 2000 استثمار صلات القربى التي تربطه بالعائلة الهاشمية في الأردن والتوسط للجلبي، لكن جهوده باءت بالفشل. ورأى محللون ان "من شأن التعديل القانوني الجديد تمكين خزينة الدولة ومؤسسات أهلية أخرى من استرداد مبالغ كبيرة من قضايا باتت في حكم المنتهية، بعد فرار المتورطين فيها، على غرار قضية الجلبي" الذي لم تفلح جهود أردنية متكررة خلال السنين العشر الماضية في اعتقاله خارج الأردن، خصوصاً أن انخراطه في صفوف المعارضة العراقية، وتحوله إلى شخصية سياسية ساهما في التغطية على مخالفاته المالية. ومعلوم أن نائب وزير الدفاع الأميركي بول ولفوفيتز من أبرز المتحمسين في البنتاغون لتولي الجلبي دوراً في مستقبل العراق.