راوحت "أزمة" اختيار الرئيس العراقي المقبل مكانها، مع احتدام الخلاف بين "الائتلاف" ومجلس الحكم الانتقالي، واصرار الطرف الأول على ترشيح عدنان الباجه جي، وتمسك غالبية أعضاء المجلس بترشيح غازي الياور. وفي حين شكا عضو في المجلس من "ضغوط" أميركية، أفيد عن "اشاعات" فحواها ان الأميركيين يريدون كمخرج ترشيح بعثي كان ضابطاً في الحرس الجمهوري. واتهم مسؤولون عراقيون الحاكم المدني بول بريمر ب"التلاعب" بعملية اتخاذ القرار، بينما رفض عضو في مجلس الحكم "الاذعان للمطالب الأميركية". ونفى الباجه جي أن يكون المجلس هو الذي اختار اياد علاوي رئيساً للحكومة الانتقالية، في وقت شكا مستشار الأممالمتحدة الأخضر الابراهيمي من كونه محاصراً بين ضغوط أميركية وأخرى عراقية. أعلن محمود عثمان أحد أعضاء مجلس الحكم الانتقالي، ان اجتماع المجلس الذي كان مفترضاً عقده أمس لاختيار الرئيس العراقي المقبل، ارجئ الى اليوم بطلب من سلطة "الائتلاف". وقال لوكالة "فرانس برس": "حضرنا جميعاً الى الاجتماع لكن الأميركيين أرادوا تأجيله. هناك شيء ما يدور، وكنا نأمل بأن ينتهي كل ذلك اليوم" أمس. وزاد: "يريدون فرض شخص علينا، ولن نقبل بذلك، ليست هذه الطريقة لإعادة السيادة". وجاء تأجيل اللحظة الأخيرة، بعدما اختلف المجلس الذي عيّنته الولاياتالمتحدة مع سلطة "الائتلاف" والأممالمتحدة على المرشحين للرئاسة. فبينما فضل المجلس تعيين غازي الياور الرئيس الحالي للمجلس مسلم سني، فضل الحاكم المدني الأميركي بول بريمر ومبعوث الأممالمتحدة الأخضر الابراهيمي، عدنان الباجه جي مسلم سني. وقال الناطق باسم المجلس حميد الكفائي، إن اعضاءه "يشعرون بأن هناك ضرورة لاجراء مزيد من المشاورات، والناس تريد بالطبع الانتهاء من هذه المسألة". وأكد وجود شعور "بالاحباط" لتأجيل العملية الذي فتح المجال أمام اقتراح "الائتلاف" والأممالمتحدة مرشحين آخرين لكسر الجمود. وأفاد مصدر عراقي عن "اشاعات" فحواها ان مسؤولين أميركيين يرغبون في ترشيح بعثي كان ضابطاً في الحرس الجمهوري، لمنصب الرئاسة. وأقر الكفائي بأن "السباق مفتوح"، لكنه نفى تلك التقارير، مشيراً الى أن هدف الاشاعات هو اثارة مخاوف. لكن مسؤولين عراقيين اتهموا بريمر بالتلاعب بعملية اتخاذ القرارات، على حساب الأممالمتحدة ومجلس الحكم. ويقول أعضاء المجلس انهم فوجئوا بإلحاح الأميركيين على تعيين الباجه جي بدلاً من الياور، وهو كذلك سني معتدل، تلقى تعليمه في الغرب، ويعتقد بأنه يحظى بشعبية واسعة تفوق شعبية الباجه جي. واكتنف الغموض دور الأممالمتحدة التي أكد "الائتلاف" مرات انها تقود عملية تشكيل الحكومة. ويعارض مجلس الحكم تفضيل الابراهيمي لعب التكنوقراط دوراً بارزاً في الحكومة الموقتة غير المنتخبة، ويؤكد ان السياسيين قادرون وحدهم على جمع اشلاء البلد الممزق. وأشار الكفائي الى أن دور المنظمة الدولية هو "استشاري دائماً، ويجب ان يكون القرار في أيدي الشعب العراقي". وأوضح سامي العسكري، العضو المناوب عن محمد بحر العلوم في مجلس الحكم ان الجميع "يشعر بالإنهاك، ويشعر المجلس بأنه مستبعد، إذ يبدو أن الائتلاف هو الذي يتولى السيطرة". لكنه لفت الى ان المجلس لن يذعن للمطالب الأميركية بتعيين الباجه جي، ما يرجح ان تكون المناقشات اليوم حامية. وكان دان سينر الناطق باسم سلطة "الائتلاف" اعلن الأحد ان "المجلس سيختار الياور، لأن الغالبية معه". ونفى خلال مؤتمر صحافي أي تدخل أميركي في اختيار الرئيس المقبل، أو ممارسة ضغوط لمصلحة أي مرشح. "عاش الياور" في الموصل تظاهر مئات من المواطنين أمس، تأييداً لتكليف غازي الياور الذي يتحدر من المدينة، منصب الرئاسة. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "عشائر الشمر تؤيد اختيار غازي الياور رئيساً للجمهورية" و"اين الحرية في اختيار رئيس الجمهورية" و"نعم لاختيار الياور ولا للضغوط الخارجية"، و"شعب العراق يؤيد اختيار الياور رئيساً". ورددوا هتافات: "نعم نعم للياور"، و"عاش... عاش الياور". الى ذلك، أكد الباجه جي لشبكة "اي بي سي" ليل الأحد ان مجلس الحكم لا يلعب دوراً ريادياً في اختيار أعضاء الحكومة الانتقالية و"القانون ينص على تشكيلها بعد مشاورات مطولة مع كل فئات المجتمع العراقي". ورحب بترشيح اياد علاوي لرئاسة الوزراء، لكنه نفى صحة التقارير الصحافية التي تفيد ان مجلس الحكم هو الذي اختاره. وسئل هل رُشح، ليكون الرئيس العراقي المقبل، فأجاب: "لننتظر الى غد، سيصدر اعلان". ودعت الخطة التي أعلنها الرئيس جورج بوش الاثنين الماضي، الى تشكيل ادارة عراقية من رئيس ورئيس وزراء يشرف على 26 وزارة، أصبحت 12 منها تحت سيطرة العراقيين. وأكدت الحكومة الأميركية ان الابراهيمي سيعلن اسماء الذين اختيروا لمناصب في الحكومة الانتقالية، لكن مجلس الحكم هو الذي أعلن ترشيح علاوي. وذكر جواد البولاني العضو المناوب في مجلس الحكم عن عبدالكريم المحمداوي ان الابراهيمي وبريمر "يهمشان" أعضاء المجلس في النقاشات، ولا يتشاوران مع الجماعات الأخرى خارج المجلس. وأضاف: "انهم يأملون بأن تنال هذه الحكومة بعض الشرعية وإذا شكلت بهذه الطريقة سيرفضها الشعب العراقي". الابراهيمي وكان الابراهيمي أكد لمجلة "تايم" الأميركية انه يواجه صعوبات في تشكيل الحكومة العراقية، اذ يجد نفسه محاصراً بين الضغوط الأميركية والعراقية، وانعدام الأمن ووصفها بأنها "قضية معقدة جداً"، مشيراً الى أن "الاتصالات بين العراقيين أنفسهم قليلة جداً". وأضاف ان "الوضع الأمني مستحيل بكل بساطة"، لافتاً الى ان تحسنه "سيتطلب الكثير من العمل" من العراقيين. وتابع الابراهيمي: "أقول للعراقيين: اذا كنتم تتوقعون ان يتبخر 135 ألف جندي أميركي من العراق بحلول منتصف ليل 30 حزيران، كما لو ان الأمر يتعلق بمصباح علاء الدين، فهذا لن يحصل". ووضع بريمر الابراهيمي أمام الأمر الواقع، عندما ضغط على مجلس الحكم الجمعة ليختار فوراً رئيساً للحكومة المقبلة، فيما كان الموفد الدولي يرغب في عرض لائحة بأسماء أعضاء الحكومة على الأممالمتحدة أولاً، كما أفاد مسؤول عراقي.