يُتوقع ان تشهد الايام المقبلة خطوات لمعالجة اشكاليات تتعلق بالاكراد ومنطقة الجزيرة الواقعة في زاوية الحدود السورية - العراقية - التركية في اطار "خطة متكاملة" تتضمن اعطاء جنسية الى عشرات آلاف الاكراد وقرارات لتنمية المنطقة وتشجيع الاستثمار فيها. وكان الرئيس بشار الاسد حسم قبل يومين الجدل الدائر حول خلفية أحداث القامشلي وامتدادها الى دول اخرى بتأكيده "عدم ثبوت أي تدخل خارجي" ومن ان "القومية الكردية جزء اساسي من النسيج والتاريخ" في سورية. واذا اضيف ذلك الى اعلان الاسد في حديث الى قناة "الجزيرة" القطرية ان "اسساً وضعت" لحل موضوع اعطاء الجنسية لعشرات الالاف من الاكراد السوريين، فإن قفزة نوعية حصلت في التفكير الرسمي إزاء الاكراد، يضعها الجانب الرسمي في سياق نتائج زيارة الاسد الى مدينة الحسكة والجزيرة في تموز يوليو العام 2002. وكانت تلك اول زيارة لرئيس سوري الى تلك المنطقة الحيوية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ودينيا لسورية منذ عقود، قام خلالها بجولة على مشاريع تنموية هناك قبل ان يجتمع الى وجهاء وشخصيات سياسية واجتماعية بينهم اكراد منخرطون في احزاب سياسية. وقالت مصادر سورية ل"الحياة" امس ان تلك الزيارة شكلت "بداية معالجة جميع القضايا المطروحة وفق اسس ومبادئ عادلة، لكن تسارع الاحداث الاقليمية والمحلية أدى الى بعض التأجيل من دون ان يلغيها". ويأتي موضوع الجنسية بين المواضيع العالقة منذ اربعة عقود. لكن الاسد قال قبل يومين ان قانون الاحصاء الحاصل في العام 1962 تضمن "بعض الثغرات، حيث اعطي اشخاص الجنسية السورية، واشخاص تحق لهم الجنسية، كما يطرح، لم يعطوا هذه الجنسية"، لافتا الى عدم وجود "مشكلة لحل هذا الموضوع" وعدم وجود "أي معارضة من أي جهة في سورية" للحلول. ويتحدث اكراد عن وجود نحو 275 الف شخص لا يحملون الجنسية السورية بينهم 75 الفا من "مكتومي القيد" والباقي من "محرومي الجنسية" اجانب بعد احصاء العام 1962 وليست هناك ارقام رسمية علنية، لكن خبراء يشيرون الى ان عددهم الاجمالي يتراوح بين 120 و150 الفا. وهناك اعتقاد بأن معظم محرومي الجنسية جاؤوا من الاراضي التركية وان عددا كبيرا منهم ليس سوريا وهرب من الاضطهاد الذي كانت تمارسه السلطات التركية في بداية القرن الماضي بعد حركات الشيخ سعيد نقشبندي العام 1925 والشيخ رضا العام 1933 والجنرال احسان باشا العام 1936. وكان وزير الداخلية اللواء علي حمود قال ردا على سؤال ل"الحياة" ان "في كل دول العالم هناك بعض الناس المهاجرين لم يحصلوا على الجنسية" قبل ان يؤكد ان "سورية منفتحة على هذا الموضوع انفتاحا تاما وتدرس الاشكالات كافة سواء بالنسبة الى الجنسية او التعامل مع هذا الموضوع في شكل كامل". على هذا الاساس ينطلق الحل الاجرائي من "رؤية شاملة" تتعلق بإعادة النظر الى الجزيرة السورية وباقي المناطق النائية في البلاد، وتتضمن "اعطاء مميزات وتسهيلات لاي مشروع استثماري اقتصادي يقام في منطقة نائية بعد تقسيم المنطقة الى فئتين: نائية وشبه نائية" ومنح تراخيص لجامعات خاصة في مدينة الحسكة كانت "جامعة المأمون" اولى هذه الجامعات و"منح علاوات للمعلمين الذين يدرسون في هذه المناطق" واحتمال اعتبار "التعليم فيها جزءا من الخدمة الوطنية". وعندما اكد الرئيس السوري اخيرا ان "القومية الكردية جزء اساسي من النسيج السوري ومن التاريخ السوري ومندمجة بهما في شكل كامل"، كان يشير الى ان سورية شهدت مشاركة الاكراد في جميع اطياف الحياة السياسية بدءا من عبدالرحمن باشا اليوسف رئيس مجلس الشورى في العام 1920 بعدما كان مستشارا للسلطان العثماني عبدالحميد، ومرورا بابراهيم هنانو ودوره النضالي ضد الاحتلال الفرنسي وحسني البرازي الذي كان رئيسا في حكومة الرئيس تاج الدين الحسيني العام 1941، ثم صاحب اول انقلاب عسكري حسني الزعيم ورئيس حكومته محسن البرازي وانتهاء برئيس الوزراء محمود الايوبي خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد، الذي شهد بروز شخصيات عامة من اصل كردي في مقدمهم الشيخ احمد كفتارو المفتي العام لسورية منذ اربعين سنة والعلامة محمد سعيد رمضان البوطي.