قالت مصادر سورية مطلعة ل"الحياة" ان دمشق ستقوم قريباً ب"معالجة سياسية لإشكاليات" السوريين الاكراد وفق "رؤية متكاملة"، لافتا الى ان "الحل لن يقتصر على الجانب الامني فقط". وكان وزير الخارجية فاروق الشرع اكد اول من امس "انتهاء" أحداث الشغب والعنف التي راح ضحيتها نحو 25 شخصاً بحسب المصادر الرسمية. وفيما دعت الحكومة البريطانية رعاياها الى تجنب السفر الى مدن شمال شرقي سورية وشمالها، قال الشرع: "الوضع هادئ الآن ولا توجد أي مشكلة مع الاكراد، إذ يعيش في سورية المسلمون والمسيحيون والاكراد والعرب وغيرهم في تآخ لا نظير له". ودعا قادة 11 حزبا كرديا غير مرخص لها الى "اطلاق جميع المواطنين الكرد الذين تم اعتقالهم على خلفية الأحداث الأخيرة والكف عن ملاحقة واعتقال المواطنين بدعوى التحقيق والاشتراك في المسيرات التي قامت بها الجماهير"، اضافة الى "الكف عن توجيه التهم وتأليب الرأي العام ضد المواطنين الكرد في الإعلام الرسمي والتركيز بدلاً من ذلك على شعارات التفاهم والتآخي بين المواطنين بكل انتماءاتهم القومية والدينية"، ودعوة الاكراد الى "الاستمرار في الهدوء وعدم الانجرار وراء الاستفزازات التي تثيرها العناصر الشوفينية والعنصرية". كما دعت هذه الاحزاب في بيان تسلم مكتب "الحياة" نسخة عنه الى "ضرورة التزام تعويض ممتلكات المتضررين من الأهالي"، اضافة الى تكرار طلبها تأمين لقاء مع الرئيس بشار الاسد. لكن مصادر مطلعة قالت امس ان لجنة التحقيق التي تشكلت "في صدد إعداد تقرير وستتم محاسبة المتورطين وفق القوانين السورية"، لافتة الى وجود "اتجاه لمعالجة سياسية للاشكالات والالتفات الى منطقة الجزيرة". وكان الرئيس السوري زار مدينة الحسكة في نهاية العام 2002 ووعد بتقديم حلول لكثير من مشاكل تلك المنطقة الواقعة في زاوية الحدود السورية - التركية - العراقية، وتتضمن مصادر اساسية للاقتصاد السوري من نفط وغاز وحبوب ومياه. وقالت المصادر: "ان كل القضايا العالقة هي قيد الدرس لايجاد حلول لها بما في ذلك موضوع اعطاء الجنسية"، علما ان السلطات اطلقت في عيد "نوروز" اكثر من 1200 موقوف على خلفية احداث الشغب التي حصلت الاسبوع الماضي. وكان ممثلون عن منظمات مدافعة عن حقوق الانسان واحزاب معارضة وسجناء سابقون زاروا مدن شمال شرقي سورية، ثم اصدروا بيانا تضمن "إدانة استخدام الرصاص الحي من قبل قوات الامن في معالجة الاحداث الاليمة التي وقعت في 12 آذار مارس". ودانت مذكرة هذه القوى والاحزاب "كل سلوك يمس بالسيادة الوطنية ووحدة التراب الوطني والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة"، اضافة الى رفضها "سياسة التمييز بين المواطنين على اساس العرق والجنس والدين ... ورفضها الاستقواء بالقوى الخارجية". وجاء ذلك بعد "تعميم" الاحزاب الكردية على الجالية الكردية في أوروبا ب"عدم المساس بالعلم السوري والرموز الوطنية". ومن الامور التي تدرس الحكومة حلها موضوع اعطاء الجنسية الى آلاف الاكراد. وكان وزير الداخلية اللواء علي حمود قال في مؤتمر صحافي قبل ايام: "في كل دول العالم هناك بعض الناس المهاجرين لم يحصلوا على الجنسية. سورية منفتحة على هذا الموضوع انفتاحاً تاماً وتدرس الاشكالات كافة سواء بالنسبة الى الجنسية او التعامل مع هذا الموضوع في شكل كامل". وتتحدث مصادر كردية عن وجود نحو 275 الف شخص لا يحملون الجنسية السورية، بينهم 75 الفا "مكتوم القيد" والباقون "محرومو الجنسية"، بعد احصاء العام 1962. لكن مصادر اخرى تشير الى ان عددهم يراوح بين 120 و150 الفا. وقال خبراء ل"الحياة" ان "معظم محرومي الجنسية جاؤوا من الاراضي التركية وان عددا كبيرا منهم ليس سوريا وهرب من اضطهاد السلطات التركية" في بداية القرن الماضي. وقالت المصادر: "منطقة الجزيرة كلها في حاجة الى تنمية في اطار رؤية متكاملة". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المحامي أنور البني الناشط في مجال حقوق الانسان ان "مئات المعتقلين الأكراد خلال الاضطرابات الأخيرة لم يطلقوا، وما زالت الاعتقالات جارية حتى الان في القامشلي والحسكة".