تعرض شاشة LBC هذه الأيّام برنامجاً جديداً ينتمي الى تلفزيون الواقع، وعنوانه "ميس ليبانون". مجموعة من "جميلات الشاشة" في فضاء مقفل، في انتظار أن تتوّج إحداهن ملكة الشاشة! لكنهن، كلهن، حالياً، جميلاتها. أما بثهن المتواصل فليس مباشراً. يتأخر 45 دقيقة عن موعد الحياة اليومية. وتلك الدقائق التي لم تكتمل لتكون ساعة تحجب ما يجب حجبه من حديثهن. تغني الفتيات "ليه بيداري كده"، وكل منهن تحاول أن تتفوق على روبي ب "حسن" الأداء، لجهة الشكل. فعندما يحين موعد ال"أهين أهين"، أي ال"آه" بالمثنى بحسب ما ترد في الأغنية، لا تتوانى الفتيات عن أدائها وإعادة أدائها، كما لو أنها الغصن الأكثر أساسية في جسم الأغنية. قد يكون فعلاً الغصن الأكثر أساسية في جسم الأغنية إن أخذ بعين الإعتبار حجم الغنج الذي يستنزفه من المؤدية. وبينما يتأوهن، تقطع إحداهن مجرى الأغنية بجملة استطرادية: "شفتوا لما رولا شامية قلّدتها ب...". ويغيب الصوت. رولا شامية تؤدي في برنامج "لا يملّ" الذي تعرضه شاشة "المستقبل"، وقلدت روبي في إحدى حلقاته. لكن ملكات الجمال تعرضن على "أل بي سي" لا على "المستقبل"، فاقتضى كتمان الصوت. وطال نقاشهن حول الموضوع. فطال انقطاع الصوت. لماذا يطول نقاشهن عن هذا الموضوع؟ ولماذا يقطع الصوت عندما يتناقشن، فقط، في هذا الموضوع؟ برنامج "ميس ليبانون" على شاشة LBC، ليس بثاً للحياة كما هي. تماماً كما الفتيات لسن كما هنّ. هي الكاميرا، والعين المشاهدة أو المتخيلة، تتدخل وتلقي بهن أمامنا، كل منهن كما تشتهي أن تكون. أما أحاديثهن ونقاشاتهن التي تثمر عن بنات أفكارهن فلا يتم "قطعها" من أيام البث ولياليه. ذلك هو مضمون البث الأول، تلك هي الحياة الواقعية. ال"real tv". تنصرف إثنتان منهن للحديث عن ثالثة لا تروق لهن. تتحول موضوع نميمة واضحة للعيان وللأسماع. وما من شيء يحدّ النميمة بينهن. تطاول تلك وتطاولهن كلهن، بسهولة. نميمة، بالمعنى الحقيقي لكلمة نميمة. أي: "طق حنك" " نيّة شريرة. بامتياز. ومن جهة أخرى، تثق إحداهن أن هناك من يدس لها في طعامها مواد تؤدي إلى ازدياد الوزن. ويضحكن لنكتة ليست بنكتة وإنما لتبرز كل منهن شكلها وهي ضاحكة. وتمتعض إحداهن ل"آه" أطلقتها "زميلة" كرد فعل على وصولها مرحلة ال"توب تن" في مسابقة سابقة للجمال. "توب تن" فقط! ويطول الحديث حول آرائهن بالبث الذي يخضعن له. لا يعشنه، يتناقشن حوله. فلقد تابعنه أيام "ستار أكاديمي"، وها هن يؤدين أدوارهن اليوم فيه. أسقطن أدوارهن على أبطال "ستار أكاديمي" وها هن يحتفين بفرصة "تحقيق الحلم". فيبدين أراءهن ويتفرجن على أنفسهن وهن يبدين أراءهن. يتحركن بصعوبة، يرتخين ويستسلمن لدور المترفعات. يؤدين الحياة دوراً كما تابعنها في أكثر من مسلسل. سلطة الريموت كونترول هي ما يتبقى للمشاهد ليتمكن من مكافحة: حشرية متابعة البث المباشر لحياة فتيات لبنانيات يتبارين على عرش ملكة الجمال في شتّى تفاصيلها اليومية. وتلك حشرية تكاد تكون غريزية. ليس هناك من توازن في توزيع القوى بين سلطة فتيات البث المباشر وبين سلطة الريموت كونترول. هنا أيضاً، توازن القوى مفقود.