لم تمض 24 ساعة على اتفاق الهدنة بين الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والقوات الأميركية، حتى اندلعت اشتباكات عنيفة في الكوفة والنجف قتل خلالها خمسة عراقيين واصيب 14 غيرهم. وشن الصدر أمس هجوماً عنيفاً على المرجعية الشيعية لصمتها عما يحصل في النجف والكوفة. وتساءل مستنكراً: "هل الخطوط الحمر تعني مكتب المرجعية فقط؟!". والقي القبض في النجف أمس على مطلق النار على عضو "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" الشيخ صدر الدين القبانجي الذي طالب الصدر باخلاء المدينة. وقال مساعد للصدر إن المعتقل اعترف بأن آية الله عبدالمهدي الكربلائي ممثل آية الله علي السيستاني "دفع له مالاً لزرع الفرقة بين جيش المهدي والمجلس الأعلى"، ونفى الكربلائي ذلك نفياً قاطعاً. أعلنت مصادر طبية في النجف والكوفة أن خمسة عراقيين قتلوا وجرح 14 في اشتباكات بين القوات الأميركية والمسلحين الموالين لمقتدى الصدر جيش المهدي. وقال ناطق باسم الصدر في مسجد الكوفة الكبير إن الزعيم الشيعي لم يؤم صلاة الجمعة أمس في المدينة التي شهدت اشتباكات صباحية بين مسلحيه والقوات الاميركية التي تمركزت على بعد 500 متر من المسجد. وأضاف الناطق عبر مكبر للصوت: "السيد مقتدى الصدر يبعث لكم بتحياته وسأتلو عليكم خطبته". وقال الصدر في الخطبة التي قرأها الشيخ جابر الخفاجي: "يدخل العدو مرة المدينة ويقصفها وأنت ساكت. تضرب فيه قبة أمير المؤمنين علي وأنت ساكت. يدوسون على رؤوس شعبك ليس فقط بالأرجل وأنت ساكت. فمتى تتكلم؟". وأضاف: "هل الخطوط الحمر تعني مكتب المرجعية فقط؟"، في اشارة مباشرة الى المرجعيات الشيعية الدينية، وفي مقدمها آية الله علي السيستاني. وكان الآلاف من مناصري الصدر تدفقوا الى الكوفة من طرق فرعية تمر عبر المزارع بعدما قطعت القوات الاميركية الطريق الرئيسي الذي يربط الكوفة بالنجف حيث يتحصن مقتدى الصدر منذ مطلع نيسان ابريل. وغصت باحة مسجد الكوفة الداخلية بالمصلين، بينما اتخذ آخرون مواقعهم خارج المسجد لأداء الصلاة التي درج مقتدى الصدر على ان يؤمها في الكوفة التي شهدت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للدبابات آر بي جي بين مسلحي جيش المهدي والقوات الاميركية التي تقدمت الى وسط المدينة حيث تمركزت أربع من دباباتها قرب مسجد ميسم التمار الذي يبعد 500 متر فقط عن مسجد الكوفة الكبير. ويأتي تجدد الاشتباكات بعد مضي 24 ساعة على هدنة بين الطرفين، تمهيداً للتوصل الى اتفاق لحل الأزمة سياسياً. وفي النجف، تعرضت سيارة الشيخ صدر الدين القبانجي، الذي أم صلاة الجمعة في ضريح الإمام علي، لاطلاق نار عند انتهاء الصلاة. وقال الشيخ احمد الشيباني، المسؤول في مكتب مقتدى الصدر في المدينة، إن الحادث لم يسفر عن ضحايا. ووقع اطلاق النار عند المدخل الشمالي للضريح، حيث ينتشر عناصر الميليشيا الموالية للصدر. وقال مراسلون إنهم شاهدوا عدداً من عناصر الميليشيا يوقفون رجلاً مسلحاً يرتدي كوفية حمراء ويقتادونه بعد اطلاق النار. يذكر ان القبانجي يمثل النجف في "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق، الحزب الممثل في مجلس الحكم الانتقالي. وكان دعا مرتين ميليشيات الصدر الى مغادرة النجف. وقال الشيباني: "القينا القبض على شخص يدعى حسن علي كاظم من كربلاء". واضاف ان المعتقل "فتح النار من شرفة مطعم يقع في مواجهة الضريح"، مضيفاً انه "أقر بأن عبدالمهدي الكربلائي، ممثل علي السيستاني في كربلاء، هو الذي دفع له مالاً لزرع الفرقة في النجف بين جيش المهدي وبين المجلس الاعلى للثورة الاسلامية". ونفى الكربلائي هذه الاتهامات بشدة. وقال إنها "أكاذيب تنشرها أطراف معارضة لنهجنا العقلاني". إلى ذلك، قالت عضو مجلس الحكم الدكتورة سلمى الخفاجي إن محاولة الاغتيال التي تعرضت لها تندرج في إطار دوامة العنف الحالية في البلاد. وأنحت باللائمة على قوات الاحتلال. ونجت الخفاجي أول من أمس من محاولة اغتيال أدت الى مقتل أحد حراسها، في حين اعتبر نجلها في عداد المفقودين. وجاء الهجوم عندما نصب مسلحون كميناً لموكب الخفاجي المؤلف من ثلاث سيارات في قرية اليوسفية، بينما كانت في طريق عودتها إلى بغداد من النجف، حيث شاركت في الجهود التي أدت إلى الاتفاق بين الصدر وسلطة الاحتلال. ونقلت قناة "الجزيرة" عن مرافقين للخفاجي، ان ابنها أحمد قضى غرقاً عندما سقطت السيارة التي كان يستقلها في نهر مجاور لدى تعرض والدته للمكمن. وقال العضو المناوب في مجلس الحكم فاتح كاشف الغطاء إن ابن السيدة الخفاجي لم يلقَ مصرعه كما اشيع بعد تعرض السيارة التي كان يستقلها إلى اطلاق النار.