تبدو نانسي عجرم في فيديو كليب "أخاصمك آه"، بيضاء في رداء أسود منحسر عن مختلف أنحاء جسمها ترقص، تثير المشكلات والمشاعر في مقهى يؤمه رجال مفتولو العضلات، ووسيمو الملامح، يحتاجون الى رؤية أنثى. لا يمسها أي منهم. يتشاجرون حولها. هي تلك التي تهرب راكضة ضاحكة عندما يضرب الرجال بعضهم بعضاً كرمى لخاطر عينيها. وبعد النقد "الأخلاقي" الذي تعرضت له في كليب "أخاصمك آه"، كان كليبها "يا سلام" الرد الأكثر بديهية: الفنانة التي تختتم وصلتها المثيرة لتعود إلى حزنها الخاص وعتمة الشارع. تسير في شارع طويل، تزيل مكياجها وتبقى الجميلة، تلعب والحبيب تحت المطر. تعود فتجلس في مقهى "أخاصمك آه" نفسهه. ها هي "مثلكم". تؤدي دوراً من أدواركم. تؤديه أمام كاميرا بعدما بقي محفوظاً دافئاً في الأحلام، منذ المراهقة. ويأتي الكليب الثالث بعنوان "ياي". باص يجمع بين شابين عاملين، هو يحمل معولاً، هي تحمل مقص شعر. نظرة فابتسامة. تخبر والدتها وتخبر صديقتها وتخبر زميلها في العمل. وتصبح قصتها، محور حياتهم. هي تصرخ من سعادة العشق بينما ينصرف الصديقان لمفاجأتها وإحضاره أمامها، بعدما تُزرع في يده باقة الورد. قصة جماعية هي بطلتها. وأخيراً ها هي نانسي تقدّم كليب "آه ونص". الصورة هنا شعبية مصرية: الشاب الأسمراني ذو العينين العسليتين، طاقية الرأس، هي و"الجلابية" المنحسرة قليلاً عند الصدر وعند الساقين. يرمي الحجر باتجاه شبّاكها، تغسل في "الطشط" الشهير، الدجاج من حولها، تنشر غسيلها، تتراقص، تتمشى و"ملاية اللف" ترافقها، يلاحقها بدراجته، تتدلل برفقة شعرها، عربة تقل النساء، تقفز داخلها... الفيلم الصعيدي المصري كاملاً، وردياً يخلو من دور الشرير. شخصية تتحلى بخفة الدم في ثلاثة من فيديو كليباتها الأربعة، كانت نانسي عجرم فتاة من عامة الشعب تعيش قصة يحيط السحر بها. قصة واحدة "يا سلام" تشذ عن القاعدة، تكون هي النجمة، لكنها تعود إلى موقعها بين عامة الشعب ما أن تترك الخشبة. وفي كل من قصصها الأربع، تُبنى شخصية ويتم وضع المشاهد في إطار إجتماعي. تؤدي نانسي عجرم دوراً، مرة تلو الأخرى، في مسلسل تخرجه نادين لبكي. والمسلسل يبني شخصية نانسي عجرم، نجمة أمام جمهورها. تتحيّز لحياة الشعب، لكنها تجعلها أكثر نظافة وتضيف إليها بعض البريق. فهي نجمة وليست من عامة الشعب. وليس هناك من يدعي العكس. وتمنح المخرجة نجمتها شخصية تتحلى بخفة الدم. لا تؤدي دور مغنية وإنما تغني مؤديةً دور البطولة في قصة. على عكس معظم ما يعرض بطريقة الفيديو كليب حيث المغني يؤدي دور النجم وكأنه يفرض نجوميته على المتفرج أو كأنه يعلن أنه نجم منذ نعومة أظافره ومن دون الحاجة إلى تتويجكم. أرض المتفرج مفتوحة للكثير من الأحلام التي يحتاج الى أن تتجسد أمامه. وهي أحلام نسائية في شكل خاص، تلك التي تجسدها نانسي عجرم. والمرأة "حلم" رجل يدمن التفرج عليها. ها هي تظهر كما تشتهي هي، بطلة، أمامه. وها هي نانسي عجرم تقطف ثمار رحلة طويلة من الأفلام العربية: ما من دليل حول ما إذا كانت الأفلام العربية مستمدة من لاوعي كوّن سلفاً، أم أنها ساهمت في إضافة صور ملموسة على خيال هو إنساني أولاً. لكن، في كل الأحوال، نانسي عجرم، بواسطة مخرجتها نادين لبكي، تقطف، فيديو كليب تلو الآخر، ثمار قصص الحب الساكنة في الخيال النسائي. نادراً ما تتحول تلك القصص واقعاً على أرض عربية، ففي الخيال هي بطلة، قبل أن تعود إلى مواقعها سالمة. سالمة من دون بطولة. فهي ليست النجمة. والحياة ليست الفيلم. ونانسي عجرم تتمتع بمخرجة.