أكدت واشنطن عزمها على تسريع تدريب القوات العراقية، مع اقتراب موعد نقل السلطة. وبعدما شدد الرئيس جورج بوش على إدانة اغتيال رئيس مجلس الحكم عزالدين سليم، مشيداً ب"شجاعته"، توقعت مستشارته كوندوليزا رايس "أسابيع صعبة جداً" في العراق. وقال بوش إن "علم العراق الحر سيرفع في 30 حزيران يونيو"، بينما اعترف وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بأن الوضع في البلد "أصعب مما كان متوقعاً قبل تسعة شهور"، وتحدث عن سقوط عشرة آلاف قتيل عراقي منذ شن الحرب. أما وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه، فحذر من أن "دوامة العنف في العراقب باتت ثقباً أسود، يمكنه أن يبتلع الشرق الأدنى والأوسط والعالم". وقال نظيره الروسي سيرغي لافروف إن موسكو "لا تريد هزيمة للأميركيين" في العراق، لكنها تعتبر أن نقل السلطة سيكون مجرد "تبديل عنوان". باريس، برلين، توبيكا الولاياتالمتحدة، واشنطن، لندن، نيويورك، موسكو - - حذرت كوندوليزا رايس، مستشارة الرئيس الأميركي، في حديث إلى صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أمس، من أن "الأسابيع المقبلة يمكن أن تكون صعبة جداً" في العراق. وتابعت: "بمقدار ما نقترب من موعد نقل السلطات 30 حزيران ستكون هناك محاولات تشتد تدريجاً لمنع هذه العملية، لأن وضع الاحتلال يشكل هدفاً أسهل من عملية سياسية وليدة". وسُئلت عن "رغبة عدد من الدول في الانسحاب من العراق"، فأجابت: "بعضهم لم يتخلَ عن أوروبا عندما كانت الأوضاع قاسية، في 1942 و1943 و1944 و1945". وأضافت: "آمل بأن تتذكر الدول التي تتساءل اليوم عن ضرورة انسحابها أو بقائها في العراق ما كان عليه وضعها قبل خمسين سنة. نحن لا نملك الحق التاريخي في التخلي عن الشعب العراقي". وشددت على أن "كل مساعدة تقدم إلى العراقيين ستكون مهمة جداً"، وستكون لفرنسا، الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فرصة في مرحلة مبكرة جداً للمساهمة في تقديم أساس لتشكيل قوة متعددة الجنسية، وآمل أيضاً بأن تساهم في الإعمار". وأشارت إلى أن الأميركيين "ما زالوا يؤمنون بأن العراق سيختار طريق الديموقراطية، وسيقيم بنية حكومية تحمي الحقوق الديموقراطية. وإذا تمكن من ذلك، قد يتمكن الشرق الأوسط من تحقيق الأمر ذاته". وسُئلت عن فضيحة تعذيب معتقلين عراقيين، فأجابت ان هذه "قضية رهيبة"، لكنها أضافت: "نعرف كيف يجب أن يتصدى نظام ديموقراطي لذلك، والمذنبون يدركون أنهم سيعاقبون، بينما كان الذين يقومون بممارسات من هذا النوع في العراق، يمنحون مكافآت". وكانت رايس أعلنت من برلين ليل أول من أمس أن اغتيال رئيس مجلس الحكم العراقي عزالدين سليم "محزن"، مشددة على أن "الوقت حان لنقل السيادة" إلى العراقيين. وزادت: "سنسرّع تدريب القوات العراقية وعلينا أن نساعدهم لضمان الأمن كي يتمكنوا من تولي ذلك بأنفسهم". واستدركت: "لن يكون مفاجئاً أن نرى خلال الأسابيع المقبلة، تكثيفاً للمساعي الرامية إلى عرقلة العملية السياسية الانتقالية". بوش في الوقت ذاته، دان بوش الاعتداء الذي أدى إلى مقتل عزالدين سليم، وأكد مجدداً التزامه نقل السلطة إلى العراقيين في 30 حزيران. وقال في بيان صدر على هامش زيارة لتوبيكا كنساس: "باسم الشعب الأميركي، ادين الاعتداء الإرهابي الوحشي الذي استهدف رئيس مجلس الحكم العراقي وعدداً من المواطنين العراقيين. كان سيلم رجلاً شجاعاً عرّض حياته للخطر، من أجل عراق حر وديموقراطي ومزدهر". وقدم تعازيه إلى عائلة سليم، مؤكداً أن "علم العراق الحر سيرفع في 30 حزيران، والحكومة العراقية الانتقالية ستتولى السلطة". وزاد: "الإرهابيون يعرفون ان عراقاً حراً سيكون هزيمة كبيرة للإرهاب، ويحاولون زعزعة ثقتنا وإرادتنا، ولا يجدون سوى قليل من الدعم لدى الشعب العراقي الذي ترغب أكثريته الساحقة في مجتمع حر. إن الإرهابيين لن ينجحوا في محاولاتهم اضعاف إرادة أميركا وتحالفنا". وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس بوش اتصل الاثنين برئيس كوريا الجنوبية رو مو - هيون ورئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي، وناقش معهما مسألة سحب 3600 جندي أميركي من كوريا الجنوبية وارسالهم إلى العراق. وأوضح الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان ان "الرئيس رو أعرب عن تفهمه ودعمه" هذه المبادرة، وكذلك فعل الرئيس كويزومي. سترو وفي مقابلة بثتها "هيئة الإذاعة البريطانية" بي بي سي، أقر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، بأن الوضع في العراق "أصعب مما كان متوقعاً قبل تسعة شهور". ورأى أن الوضع تدهور منذ الاعتداء على مقر الأممالمتحدة في بغداد في 19 آب اغسطس. وأكد مجدداً أن "نقل سلطات فعلياً" إلى العراقيين سيحصل آخر حزيران، ولن يعود هناك وجود لسلطة الائتلاف. واستدرك: "ابتداء من ذلك التاريخ سيعود للحكومة العراقية أن تقرر، هل تريد أن تنتشر قوات أجنبية في العراق لمساعدتها على ضمان الأمن، ونعتقد بأنهم العراقيين سيتخذون قراراً بهذا الاتجاه، ولكن إذا قرروا أنهم لم يعودوا يريدون قوات أجنبية، سترحل". وسُئل سترو عن التقديرات لعدد الضحايا العراقيين منذ شن الحرب، فتحدث عن سقوط عشرة آلاف قتيل، مشيراً إلى أن هذه التقديرات تعود إلى ثلاثة أشهر. وزاد: "عدد من الأشخاص قتلوا منذ اندلاع النزاع في العراق، ولكن علينا أن نوضح أن هؤلاء القتلى هم إما إرهابيون أو متمردون ... أو أشخاص علقوا في شكل مأسوي بين نارين". أنان في نيويورك، عبر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان عن صدمته لاغتيال الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي، لكنه أكد ان "الجهود لإرساء الاستقرار في العراق ستتواصل، وآمل بألا يؤدي الحادث المأسوي الى بلبلتها". وحض المسؤولين العراقيين والشعب العراقي على "مواصلة السعي الى إرساء الاستقرار، وتشكيل حكومة مستبعداً عودة المنظمة الدولية الى البلد على نطاق واسع، لأن "الوضع الأمني لا يسمح بذلك". بارنييه إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه، ان الحل الوحيد للخروج من دوامة العنف في العراق، يتمثل في نقل السلطة الى حكومة عراقية، تسيطر على النفط والقوات المسلحة. وصرح الى اذاعة "أوروبا 1" الخاصة بأن "دوامة العنف" في العراق باتت "بمثابة ثقب أسود، بإمكانه ان يبتلع الشرق الأدنى والأوسط والعالم". وشدد على ان 30 حزيران "سيكون لحظة حاسمة، وسنرى اذا كان هناك صدق في عملية نقل السيادة". وتابع الوزير الفرنسي الذي أجرى الجمعة محادثات مطولة مع نظيره الأميركي كولن باول ان "السلطات الأميركية العليا ادركت ضرورة إنجاح هذه العملية السياسية، وأن يحدث نقل حقيقي للسلطة الى حكومة عراقية جديدة". لافروف المتشائم لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدا متشائماً مشككاً، اذ اعتبر ان نقل السلطة سيكون مجرد "تبديل عنوان"، ولن يشكل حلاً للوضع المضطرب في العراق. وتوقع في مقابلة نشرتها صحيفة "فريميا نوفوستي" ان "تجري في أفضل الحالات في 30 حزيران مراسم لن تبدل شيئاً في جوهر الوضع... مجرد تبديل عنوان سينصب في بغداد حكومة لا تتمتع بأي سلطة حقيقية". ولفت الى ان موسكو "تدرك خطورة وضع كهذا، ولا نود ان يتكبد الأميركيون هزيمة في العراق، وأن يبقى هذا البلد جرحاً دامياً في السياسة الدولية. هذا ليس لمصلحتنا لأن المنطقة برمتها سيزعزع استقرارها". وشدد لافروف على أولوية "ان نساعد العراقيين على الخروج من هذه الأزمة، واننا مقتنعون بأن كل دول العالم، عربية وأوروبية، مستعدة للمساهمة، ولكن علينا ان نعمل معاً ونضع في شكل صريح المبادئ التي ستشكل قاعدة لما يريده العراقيون، وللأسف، ليس هذا ما يحصل". وأضاف: "ان كنا نريد عراقاً مستقراً وموحداً، يجب ألا تقتصر المشاركة في السلطات الجديدة على القوى الموجودة في المجلس الموقت، بل ان تشمل أيضاً القوى غير الممثلة فيه والمعارضة" باستثناء الارهابيين الذين هرعوا الى العراق بعد التدخل العسكري" ل"التحالف". وتطرق الى "الخلافات العميقة بين العراقيين"، لافتاً الى أهمية "تنظيم دائرة خارجية لدعم العملية، يجب أن تشارك فيها الدول المجاورة للعراق واعضاء مجلس الأمن والجامعة العربية"، مجدداً الاقتراح الروسي بعقد مؤتمر دولي. أما طهران التي دانت اغتيال رئيس مجلس الحكم العراقي، فاعتبرت ان "سبب غياب الأمن وسفك الدماء" هو "وجود قوات الاحتلال".