اختتم الدوري الإنكليزي لكرة القدم منافساته بتمجيد بطل صنع تاريخاً، وبوداع نجوم ومدربين في اجواء احتفالية، لكنها درامية. وبعد مرور نحو تسعة اشهر ولد مولود جديد سيعيش في كتب التاريخ وستقارنه الاجيال المقبلة بما مر علينا من فرق امتعت محبي اللعبة واذهلت العقول. ولد أرسنال الجديد الذي احرز لقبه الثالث عشر ولكن الاهم انه اصبح اول فريق ينهي منافسات الدوري من دون خسارة 26 انتصاراً و12 تعادلاً، منذ 115 عاماً عندما خاض بريستون نورث اند موسم عام 1889 من دون هزيمة. وشتان بين اساليب لعب فرق نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الواحد والعشرين. كان موسماً مشوقاً لم تنفع فيه ملايين تشلسي ولا تعديلات مانشستر يونايتد في الحد من سرعة القطار ذي النكهة الفرنسية. فيما يأتي خلاصة عن اداء الفرق العشرين في موسم 2003-2004: أرسنال الأول 90 نقطة ربما كانت عروض أرسنال هذا الموسم من امتع ما شهدته الكرة الإنكليزية على الاطلاق، فالفريق لم يقدم سوى 3 عروض مخيبة، خسر في اثنين منها على ارضه امام انتر ميلان صفر-3 في دوري الابطال، وتشلسي 1-2 في ربع نهائي المسابقة ذاتها، وامام مانشستر يونايتد صفر-1 في دوري الابطال، جردته من حلم تحقيق الثلاثية الفوز ببطولتي الدوري المحلي ودوري الابطال ومسابقة الكأس عدا ذلك فانه سجل عدداً من الارقام القياسية، تجلت بتمضيته الموسم كاملاً من دون هزيمة، وربما كانت نقطة التحول في نجاح تحقيق هذا الانجاز التعادل السلبي مع مانشستر يونايتد في "اولد ترافورد" في ايلول سبتمبر الماضي، خصوصاً بعد اضاعة مهاجم الاخير رود فان نيستلروي ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة من اللقاء، وايضاً الفوز الكبير على ليفربول في نيسان ابريل الماضي 4-2 بعد تخلفه 1-2 في الشوط الاول، وكانت اهمية اللقاء انه جاء بعد الهزيمتين امام تشلسي دوري الابطال ومانشستر يونايتد كأس إنكلترا. وظهر المهاجم الفرنسي تييري هنري بمستوى يؤهله بسهولة للفوز بجائزة افضل لاعب، ولكنه حصل على فضية جائزة الفيفا، وكان اللاعب الاول في تاريخ الكرة الانكليزية الذي يجمع بين لقبي افضل لاعب بحسب خياري "اللاعبين المحترفين" و"اتحاد الصحافيين"، فهو اعتلى صدارة هدافي الدوري برصيد 30 هدفاً، منها ثلاثة اهداف اختيرت ضمن العشرة الاجمل هذا الموسم، ويعود الفضل الاول والاخير الى المدرب المحنك آرسين فينغر الذي زرع روح الجماعة في لاعبيه، وتلقائياً انسحب بساط "مركز القوة" من "اولد ترافورد" الى "هايبري". فنقاط القوى كثيرة، ابرزها اسلوب اللعب الذي يعتمد على السرعة الكبيرة في الهجمات المرتدة بعد كسر هجمات الخصم بفضل سرعة تييري هنري وروبير بيريس وفريدي ليونغبيرغ . ومن ميزات الفريق هذا الموسم ان لاعبيه انسجموا بصورة كبيرة بعد قضاء سنوات معاً، ما انعكس ايجاباً على اداء الفريق في ارض الملعب، عدا لمسات فينغر السحرية في استخراج مكامن القوة في لاعبيه وتوظيف مواهبهم في المكان الصحيح. ويعد مركز حراسة المرمى ابرز نقاط الضعف بوجود الالماني ينز ليمان الذي بدا مهتزاً في بعض الاحيان وغلبت عليه العصبية والارتباك ما كلف الفريق بعض النقاط. تشلسي الثاني 79 نقطة من الصعب اعتبار موسم تشلسي فاشلاً رغم خروجه خالي اليدين من اي لقب، فالمركز الثاني هو افضل مركز حققه النادي في 54 عاماً والتأهل الى نصف نهائي دوري ابطال اوروبا في الموسم بعد غياب دام 4 سنوات يعد خطوة ايجابية، لكن باحتساب عشرات الملايين التي صرفها رئيس النادي رومان ابراموفيتش على ضم نحو 14 لاعباً جديداً والتي قدرت بنحو 125 مليون جنيه، فان الجميع توقع منافسة اشرس من نجوم المدرب الايطالي كلاوديو رانييري الذي عاش منذ بدء الموسم على تهديد الاقالة من منصبه، وقرأ يومياً في الصحف المحلية عن رغبة هذا المدرب في ادارة فريقه او رأى صوراً لمديريه مجتمعين مع ذاك المدرب، فالطريق لم تكن ممهدة ومعبدة له، حتى انه ودع جماهيره ولاعبيه في اجواء حزينة ودرامية في المباراة الاخيرة ضد ليدز رغم ان مستقبله لم يتحدد رسمياً، وكأنه يستبق الاحداث قبل ان تأتيه رصاصة الاقالة على غفلة. ولا بد من ابراز سلبيات الفريق التي تمثلت في فشل غالبية النجوم الجدد كالارجنتينيين هيرنان كريسبو وخوان فيرون والفرنسي كلود مكاليلي والروماني ادريان موتو في التأقلم السريع وبالتالي ابراز مواهبهم، كما كثرت هفوات المدافع المخضرم مارسيل دوسايي. لكن لاعب الوسط فرانك لامبارد تألق طيلة الموسم وكان الوحيد الذي خاض كل مباريات الفريق، كما برز المهاجم الفنلندي فورسيل لكن ليس مع تشلسي انما مع بيرمنجهام المعار اليه من النادي اللندني، ما قاد الى التساؤل عن الحاجة الى ضم موتو وكريسبو من الاساس.