تستعد لجنة التحقيق في اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 لتقديم تقرير عن تعليمات متضاربة أعطيت لمن كانوا في برجي مركز التجارة العالمي لدى تعرضهما للاعتداء، في شأن إخلاء المبنيين أو عدمه، الأمر الذي يعتبر الأكثر إثارة للجدل في تحقيقات اللجنة المستقلة. ويأتي التقرير في إطار جلسات الاستماع التي تجريها اللجنة هذا الأسبوع في نيويورك، وتتناول إعلانات مبكرة أطلقها في تسجيل صوتي شرطي في البرج الجنوبي حض خلاله الموظفين على ملازمة المبنى رغم التهام النيران البرج الآخر. ويبيّن التسجيل أن المسؤولين غيروا توجيهاتها أكثر من مرة ثم طلبوا من الموجودين إخلاء المبنى قبل أقل من دقيقة من انهياره. وأكد عشرات الأشخاص الذين نجحوا في الفرار من البرج الجنوبي أن الإعلانات التي أطلقت في وقت مبكر كان لها تأثير على مصير الموجودين، ذلك أن العديد من الذين كانوا يهمّون بمغادرة المبنى عادوا عن ذلك بعد سماعهم التعليمات، في حين لم يقدم الكثيرون على مغادرة مكاتبهم. وكانت النتيجة احتجاز قرابة 600 منهم وموتهم في الطبقات العليا للبرج الجنوبي عند إصابته، بعد 16 دقيقة على تضرّر البرج الشمالي. غير أن ضابط شرطة في نيويورك أبلغ بآخر ما توصلت إليه تحقيقات لجنة 11 أيلول، رأى أن الأخيرة لم ترصد أي شريط يتضمن التعليمات المبكرة تلك. ورأى كثير من الخبراء أن الإعلانات وتعليمات الإخلاء في مركز التجارة، على رغم عكسها للأخطاء التي حصلت تحت الضغوط الكبيرة، ارتبطت بقوانين السلامة المعتمدة في المباني الشاهقة. وهي تقضي بدعوة الناس إلى ملازمة مكاتبهم ما لم يكونوا قرب أو داخل طابق اندلع فيه الحريق. ويتّفق الخبراء على أن سياسات مماثلة لم تعد فاعلة اليوم ودليل ذلك عدم صمود البرجين. الجدير ذكره أن غالبية المباني في الولاياتالمتحدة، من بينها مركز التجارة العالمي، لم تصمّم على نحو يوفّر إخلاء كاملاً عند وقوع أزمة، للاعتقاد بأن أنظمة البناء يمكنها احتواء الحرائق، إضافة إلى أن السلالم تقضي على مساحة يفضّل استغلالها لوضع مكتب يمكن تأجيره. على صعيد آخر، حضت لجنة استشارية فيديرالية الكونغرس الأميركي على ضرورة تمرير قوانين تحمي الحرّيات المدنية عند تغلغل السلطات الرسمية في الملفات والمعلومات المحفوظة في أجهزة الكومبيوتر بهدف الاستعلام عن الإرهابيين. وقالت اللجنة في رسالة وجهتها إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يتوقع أن تنشر خلال أسبوعين: "على وزارة الدفاع حماية خصوصية الأميركيين عند استخدامها معلومات تجمعها في إطار محاربة الإرهاب". وتضمّ اللجنة التي وضعت التقرير ثمانية أعضاء، من بينهم ضباط سابقون ذوي خبرات عالية في المجال الرسمي، وجدوا أن وزارة الدفاع والعديد من الأجهزة الحكومية الأخرى، تجمع وتستخدم "معلومات خاصة عن أفراد أميركيين لأسباب تتعلق بالأمن القومي". وتقول اللجنة إن بعض النشاطات تلك مشابهة لبرنامج البنتاغون المعروف باسم "الوعي المعلوماتي الشامل" الهادف إلى القبض على الإرهابيين قبل تنفيذهم مخططاتهم، عبر رصد الرسائل الإلكترونية والمعلومات والأرصدة المالية والطبّية والمعلومات المتعلقة بأسفارهم.