سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الذعر والفوضى يجتحان الولايات المتحدة ... اخلاء البيت الابيض والوزارات والمؤسسات الفيديرالية... حال طوارىء وتأهب للقوات الاميركية ... يوم الهجمات الانتحارية بالطائرات المدنية آلاف الضحايا في نيويورك وواشنطن
} عاشت الولاياتالمتحدة، أمس، أحد أكثر أيامها سواداً في تاريخها، إذ سقط عدد "مهول" من الضحايا، قدر بالآلاف، في هجمات انتحارية، بواسطة طائرات ركاب مدنية، استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع قرب واشنطن، إضافة إلى تفجير سيارة قرب وزارة الخارجية. وفرضت السلطات الأميركية التي عمدت إلى اعلان حال طوارئ في البلاد وبعثاتها في الخارج، تعميماً إعلامياً على الخسائر من جراء الهجمات التي لم يعلن أحد مسؤوليته عنها. وقضت المدن الأميركية الرئيسية التي تؤوي مجمعات كبيرة وإدارات فيديرالية، خصوصاً نيويوركوواشنطن، حالاً من الذعر والفوضى. و"يوم الرعب" الطويل في الولاياتالمتحدة بدأ في مركز التجارة العالمي في نيويورك قبيل التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي الواحدة بتوقيت غرينتش، عندما اصطدمت طائرة ركاب بالبرج الشمالي الذي يضم 110 طبقات بين الطبقتين الثمانين وال85. وبعد 18 دقيقة وفيما كانت شبكات التلفزة الاميركية تبث صوراً مباشرة للحادث، اصطدمت طائرة ركاب اخرى بالبرج الجنوبي. وأظهرت الصور التلفزيونية نيراناً ودخاناً كثيفاً اسود يتصاعد من البرجين اللذين يعلو أحدهما الآخر بستة أمتار، ويعمل فيهما 40 ألف شخص ويزورهما 150 ألفاً يومياً. ونقلت محطة تلفزيون "ايه. بي. سي" ان شخصاً رد على اتصال هاتفي من مكتب سمسرة قرب اعلى المبنى وصرخ: "اننا نموت هنا"، فيما كان يسمع صراخ وعويل في الخلفية. ولم يكن هناك رد على محاولات أخرى للاتصال في وقت لاحق. وامتدت ألسنة اللهب عبر طبقات المبنى، مما أدى الى انهيار أحد البرجين وسط سحابة ضخمة من الغبار غطت سماء مانهاتن قرابة العاشرة بالتوقيت المحلي، وتناثرت آلاف الاطنان من الحطام على الحي، الذي كان يغص بمئات من رجال الانقاذ الذين قدموا من أنحاء نيويورك، فيما افاد شهود انهم رأوا اشخاصاً يطلون من نوافذ المبنى لدى انهياره. وعند الساعة 28.10 بدأ البرج الثاني بالانفجار من قمته ومن ثم بدأ ينهار تدريجاً قبل ان يختفي كليا. وأدى الانهيار الثاني كما الاول، الى تطاير آلاف الاطنان من الحطام في الشوارع المجاورة وخلّف سحابة ضخمة من الغبار وغطت منطقة جنوب مانهاتن بالكامل طبقة سمكها نصف بوصة من التراب. وأمر رئيس بلدية المدينة رودولف جولياني الذي صرح بأن هناك عدداً "مهولاً" من الضحايا باخلاء الجزء الجنوبي من مانهاتن، فيما دب الذعر في المدينة، وبدأت الشرطة عملية محمومة لاخلاء المنطقة المحيطة بمركز التجارة، وسارعت سيارات الاسعاف الى مغادرة المكان بعدما تردد ان طائرة ثالثة تقترب من المبنى. وتعذر تقدير حصيلة نهائية للضحايا، وأفادت مصادر المستشفيات انها استقبلت "المئات ممن احترقوا من رؤوسهم إلى اقدامهم". وفي هجوم لم يسبق له مثيل على العاصمة الاميركية تحطمت طائرة قرب وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون حيث يعمل نحو 20 ألف موظف من عسكريين ومدنيين، مما أسفر عن وقوع انفجار هائل واندلاع حريق ضخم. وقال شاهد عيان ان الطائرة التي كانت في ما يبدو طائرة ركاب زادت من سرعتها وهي تقترب من البنتاغون قبل ان تنفجر مطيحة بالناس من كل جانب. وافاد الكابتن لينكولن ليبنير ان الطائرة اصطدمت بقوة بالمبنى الواقع بالقرب من واشنطن على مستوى الطابق الاول. وقال: "شاهدت هذه الطائرة الضخمة تصل بسرعة وعلى علو منخفض. اول ما فكرت به هو اني لم ار طائرة أبداً تحلق على علو منخفض الى هذا الحد". وأضاف: "أدركت ما جرى فور ارتطامها" بالمبنى، موضحاً أنه سمع اناساً يصرخون في مكان وقوع المأساة. وذكر مسؤولون ان الطائرة تحطمت قرب مهبط لطائرات الهليكوبتر داخل المبنى الكبير الذي يضم مبنى قيادة القوات المسلحة ومكتب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وعلى الفور دبت الفوضى ودوت صفارات الانذار في أنحاء المبنى الذي أخلي من الموظفين. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول في مكتب التحقيقات الفيديرالي في وقت لاحق ان طائرة مخطوفة أخرى ربما تتجه نحو البنتاغون. واوضح المسؤول ان "المطار الوطني في واشنطن افادنا بهذا النبأ الذي تم الحصول عليه عبر الرادار". وهرع مئات الاشخاص في شوارع واشنطن بعضهم محاولاً الاحتماء في محطات المترو، فيما أبعد شرطيون يتنقلون سيراً على الاقدام او على دراجات نارية سياحاً جاؤوا لزيارة البيت الابيض. واخذ العديد من الاشخاص يزعقون وهم ينادون رجال الشرطة في حين بدا الشرطيون انفسهم ضائعين لا يعلمون ما يجري. الخارجية وفي واشنطن أيضاً، انفجرت سيارة مفخخة امام مقر وزارة الخارجية من دون ان يفاد عن وقوع ضحايا على الفور. وكان موظفو الوزارة تلقوا أمراً بمغادرة المبنى المؤلف من ثماني طبقات ومن محيطه المباشر. وأفادت شركة "اميركان ايرلاينز" ان طائرتين تابعتين لها كانتا تقلان اجمالاً 156 شخصاً بين ركاب وافراد الطاقم فقدتا أمس. وأوضحت الشركة في بيان ان الطائرة الاولى وهي من طراز "بوينغ 757" كانت تقوم بالرحلة الرقم 11 بين بوسطن ولوس انجليس وتقل 81 شخصاً و11 من افراد الطاقم. وكانت الطائرة الثانية وهي من طراز "بوينغ 757" تقوم بالرحلة الرقم 77 قادمة من واشنطن ومتوجهة الى لوس انجليس وتقل 58 شخصاً وستة من افراد الطاقم. ولم تعط الشركة اي ايضاحات حول ظروف "فقدان" الطائرتين، مشيرة الى انهما تعرضتا ل"حوادث مأسوية". وبحسب معلومات صحافية فإن الرحلة الرقم 11 قد تكون اصطدمت بأحد برجي مركز التجارة العالمي. لكن الشركة قالت إنها لن تنشر في الوقت الراهن اي معلومات عن الحادثين بسبب التدابير الامنية الاستثنائية التي اتخذتها السلطات الاميركية. وأكدت شركة "يونايتد ايرلاينز" ان اثنتين من طائراتها تحطمتا وعليهما 110 اشخاص. وأوضحت الشركة ان احدى الطائرتين اقلعت من نيو آرك نيوجرزي متجهة الى سان فرانسيسكو والاخرى من بوسطن الى لوس انجليس. وذكرت متحدثة باسم الشركة ان الرحلة الرقم 93 التي قامت بها طائرة "بوينغ 757" اقلعت من نيو ارك حاملة 38 راكباً وطاقماً من سبعة اشخاص. ولم تستهدف الطائرة اي معالم بارزة لكنها تحطمت قرب بيتسبرغ. واضافت ان الطائرة الاخرى وهي من طراز "بوينغ 767" كانت تقوم بالرحلة الرقم 175 وأقلعت من بوسطن حاملة 56 راكباً وطاقماً من تسعة أفراد، مشيرة الى انها لا تعلم اين تحطمت الطائرة. حال طوارئ وعاشت الولاياتالمتحدة حال طوارئ غير معلنة، اذ أصدرت ادارة الطيران المدني الاتحادية أوامر ببقاء كل الطائرات في انحاء الولاياتالمتحدة على الارض في اجراء لم يسبق له مثيل، وأعلنت شركة "امتراك" اكبر شركة للسكك الحديد الاميركية تعليق حركة سير القطارات في شمال شرقي الولاياتالمتحدة بين واشنطنوبوسطن. وأغلقت السلطات الاميركية نقاط الحدود ال51 التي تربط الولاياتالمتحدة بالمكسيك كاجراء وقائي، وتحدثت ال"سي. ان. ان" عن اغلاق الحدود مع كندا. وأخلي البيت الابيض بأمر من أجهزة الاستخبارات خشية تعرضه لهجوم، وأحاطت به سيارات الاطفاء من كل جانب. وأظهرت المشاهد التلفزيونية حريقاً شب في مبنى اداري مجاور لمقر اقامة الرئيس الاميركي. كما صدرت بواسطة مكبرات الصوت أوامر باخلاء مبنى وزارة الخارجية الذي يقصده آلاف الموظفين يومياً، كما أخليت كل المباني الاتحادية ومن بينها وزارة الخزانة والكونغرس مع تشديد الاجراءات الأمنية في انحاء العاصمة. وفي نيويورك، أمر مسؤولو الامن في مبنى الاممالمتحدة العاملين بالانتقال فوراً إلى الطابق الارضي كاجراء وقائي. ونقلت شبكة "سي. ان. ان" ان كل الجسور والانفاق التي تربط مانهاتن بباقي نيويورك ونيوجرسي اقفلت كذلك. كما أخلت سلطات مدينة شيكاغو المباني الادارية الشاهقة والشركات ومبنى بورصتي الاسهم والسلع وأغلقت الشركات أبوابها واعادت العاملين الى منازلهم، وأوقفت السلطات التعاملات في بورصتي شيكاغو بعد توقف العمل في بورصة نيويورك. وطلبت الولاياتالمتحدة من كل مراكزها الديبلوماسية في العالم ان تتخذ "جميع الاحتياطات الضرورية في مجال الامن" وفق مسؤول رفيع في الخارجية. واخليت السفارة الاميركية في بوينس ايرس فيما ذكرت الحكومة الارجنتينية انها أمرت بتعزيز الاجراءات الامنية حول المؤسسات اليهودية في البلاد التي تضم اكبر تجمع لليهود في اميركا اللاتينية وسابع اكبر تجمع يهودي في العالم.