يبدو أن مستقبل توني بلير كرئيس لوزراء بريطانيا أصبح في مهب الريح ومرتبطاً تماماً بتطورات الأحداث في العراق، لدرجة أن الصحف البريطانية خرجت امس مليئة بسيناريوهات عن الحكومة المقبلة التي يرجح ان يرأسها وزير المال غوردن براون. وكان الموضوع الرئيسي في معظم الصحف البريطانية أمس ليس إذا كان بلير سيستمر في الحكم أم لا، بل متى سيرحل، وسط تزايد التكهنات بأن الاعداد بدأ بالفعل لمرحلة ما بعد استقالته، على رغم إصرار رئيس الوزراء وعدد من المقربين منه، على أنه يسعى إلى الفوز بفترة حكم ثالثة في العام المقبل. وبدأ براون في رسم خطط تفصيلية لتشكيل حكومة يرأسها بعد أن يتسلم الحكم من بلير خلال المؤتمر السنوي لحزب العمال الحاكم الخريف المقبل، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "ذي صنداي تايمز". وتشمل هذه الخطوة عودة وزير الخارجية السابق روبن كوك الذي استقال قبل نشوب الحرب على العراق احتجاجاً في العام الماضي. ومع ذلك استبعد وزير الدفاع جيف هون في تصريح اذاعي أمس استقالة بلير المبكرة، وقال: "لا يبدو لي شخصا يفكر في التنحي. انه رجل حازم ومكرس لعمله ومصمم على تسوية المسألة العراقية". وأصبح بلير مصدر احراج كبير وعاملاً سلبياً شديداً أمام فرص حزب العمال في استعادة شعبيته، بعدما أوضح استطلاع جديد للرأي زيادة السخط على رئيس الوزراء. وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ذي صنداي تايمز" أن شعبية "العمال" تبلغ حاليا 34 في المئة، أي انها تراجعت ثلاث نقاط بالمقارنة مع حزب المحافظين. والأكثر أهمية من ذلك ان الاستطلاع يشير إلى أن نسبة 62 في المئة تعتقد أن بلير تعرض لتراجع "شديد" في صدقيته بعد الحرب على العراق وما تلاها من آثار سلبية كبيرة. وترى نسبة تراوح بين 42 إلى 46 في المئة أنه ينبغي على بلير أن يستقيل قبل الانتخابات المقبلة المتوقعة العام المقبل، ويبرز براون كأفضل شخص يخلف بلير في زعامة العمال. وقالت صحيفة "ذي ميل أون صنداي" في موضوعها الرئيسي إن عملية اختيار زعيم جديد للعمل بدأت بالفعل، خصوصاً بعد تصريحات بريسكوت أمس بأن بلير على وشك الاستقالة، وان الهمس يتزايد بين الوزراء حول من سيخلفه. وذكرت أن "العمال" في مختلف أنحاء بريطانيا يريدون أن يستقيل بلير بعدما أصبح الزعماء المحليين للحزب الحاكم في كل أنحاء البلاد في حال "تمرد واضح" ضده. أما صحيفة "ذي صنداي تلغراف" المحافظة، فقد أوضحت أن النواب العماليين يريدون أن يقترع مجلس العموم من جديد على الأزمة العراقية بعدما ناقش قادة القوات المسلحة البريطانية، على نحو سري "الاخفاقات الاستراتيجية للحرب في العراق". ويتوقع أن تعلن الحكومة في الأسبوع المقبل أن نحو أربعة آلاف من الجنود البريطانيين الإضافيين سيتم ارسالهم إلى العراق للسيطرة على مدينة النجف التي تتعرض لتوترات وحال تمرد من جانب اتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. ولكن عدداً من النواب العماليين، بما فيهم روبن كوك، وحتى بعض المؤيدين للحرب، يصرّون الآن على عدم ارسال أي قوات بريطانية أخرى إلى العراق من دون الحصول على تفويض من مجلس العموم، وهو أمر ربما يكون بمثابة اقتراع بالثقة على بلير وعلى الحرب في العراق بصفة عامة.