في كانون الأول ديسمبر 2003 أرسل رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس مجلس الحكم الدوري آنذاك رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان طالبه فيها بإرسال وفد فني من الأممالمتحدة الى العراق لتقديم الدعم والاستشارات للعراقيين بعد غياب الأممالمتحدة اثر التفجير الذي استهدف مبنى تابعاً للمنظمة الدولية وأدى الى مقتل المبعوث الدولي سيرجيو فيري دي ميللو. وكانت أهم القضايا التي طلبت الرسالة الدعم فيها عملية نقل السلطة الى العراقيين في 30 حزيران يونيو 2004 التي أقرها اتفاق 15 تشرين الثاني نوفمبر 2003 بين مجلس الحكم وسلطة التحالف، وقضية الاتفاق الأمني بين مجلس الحكم وسلطات التحالف التي تحدد مستقبل وجود القوات الأجنبية، وقضية كتابة الدستور العراقي الدائم واجراء احصاء سكاني دقيق وقضية اجراء الانتخابات وفق الدستور الجديد. وأثارت الرسالة انزعاج قوات التحالف في العراق وخصوصاً السفير الأميركي بول بريمر والسفير البريطاني جيريمي غرينستوك، اذ كانت سلطة التحالف ترى أن الأممالمتحدة يمكن أن يكون لها دور بعد نقل السيادة الى العراقيين في 30 حزيران 2004. وإثر الرسالة دعا انان عدداً من أعضاء مجلس الحكم لزيارة الأممالمتحدة لبحث الرسالة ودور الأممالمتحدة في العراق. ونتيجة اللقاءات التي أجريت في نيويورك وافق الأمين العام على ارسال فريق فني لدراسة امكان اجراء انتخابات في العراق ضمن الجدول الزمني لنقل السلطة الى العراقيين في 30 حزيران 2004. وبعد عودتنا طلب مني السيد الحكيم زيارة المرجع الديني الأعلى في النجف الأشرف آية الله العظمى السيد علي السيستاني لاطلاعه على نتيجة الزيارة. وبعدما شرحت لسماحة السيد علي السيستاني نتائج الزيارة سأل عن امكان اقتناع فريق الأممالمتحدة بإجراء انتخابات في العراق قبل 30 حزيران، فكان جوابي ان هذا يعتمد على قدرتنا على اقناع الفريق الفني الذي سيرسله الأمين العام بإمكان اجراء الانتخابات ضمن الجدول الزمني لنقل السلطة. وطلب العاملون في مكتب السيد السيستاني أن نتعاون من أجل تشكيل فريق فني لكتابة دراسة عن امكان اجراء الانتخابات، فشكّلنا فريقاً فنياً من 50 خبيراً من مختلف الاختصاصات وأكملنا الدراسة في 31 كانون الثاني يناير 2004. واختار الأمين العام للأمم المتحدة السيد الأخضر الابراهيمي على رأس وفد الأممالمتحدة، وضم فريق عمله كرينا بيرللي مسؤولة الانتخابات في المنظمة الدولية وتتمتع بخبرة كبيرة في الانتخابات في مناطق مختلفة في العالم، اضافة الى وزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة والأستاذ أحمد فوزي وجمال بن عمر وآخرين. وعقد فريق الأممالمتحدة لقاءات مع مجلس الحكم ولقاءات منفردة مع القوى المشكّلة لمجلس الحكم، اضافة الى قوى سياسية خارج مجلس الحكم وخبراء وأساتذة جامعات اضافة الى زيارة الى السيد السيستاني. وفي اللقاء الأول للابراهيمي مع المجلس الأعلى أوضح السيد الحكيم له وجود دراسة لدى المجلس تثبت امكان اجراء انتخابات قبل 30 حزيران وزوده نسخة منها. وفي اليوم التالي طلب الابراهيمي لقاء ثانياً مع المجلس الأعلى، فذهبت والدكتور عادل عبدالمهدي للقائه لمناقشة قضايا متعددة منها التقرير. وفي اللقاء الثالث مع المجلس أقرّ الابراهيمي أن العقبة أمام الانتخابات ليست فنية أو تقنية، بل هي سياسية. فطلب منه السيد عبدالعزيز الحكيم التحرك باعتباره مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة على القوى السياسية العراقية لحل المشكلة السياسية أمام اجراء الانتخابات. وفي اللقاء الأخير للابراهيمي مع مجلس الحكم قال انه سيغادر العراق لكنه سيترك وراءه خبراء بموضوع الانتخابات برئاسة بيرللي. لكننا فوجئنا بسفر الابراهيمي ووفد الأممالمتحدة بعده من دون الحصول على جواب شافٍ حول الدراسة المقدمة اليهم. دراسة حول الانتخابات في العراق بعد اجتماعات عدة مع الكثير من الاخوة المتخصصين في مختلف المجالات ومنهم علماء الدين والروحانيون من المجلس الاعلى ووكلاء سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني والجهاز المركزي للاحصاء ووزارة التجارة والبطاقة التموينية ومديرية الجنسية والجوازات ووزارة العدل واساتذة في الجامعة في مجالات الاقتصاد والاحصاء والقانون واعضاء من المجالس الاستشارية ومجالس المحافظات وبعض المنظمات غير الحكومية الغربية ذات الخبرة في قضايا الانتخابات، كانت نتائج الأبحاث كما يأتي: ان الاشكالات التي قد تثار في وجه الانتخابات هي: 1- عدم وجود احصاء سكاني دقيق. 2- عدم وجود قانون للانتخابات. 3- عدم توافر الأمن لاجراء الانتخابات. 4- الفترة الزمنية لتسليم السيادة. 5- وجود اعداد كبيرة من المراقبين. وبعد مناقشات حول القضايا اعلاه تم التوصل الى الامور الآتية: 1- ان الانتخابات ستجرى في ظل ظروف انتقالية لمجلس سيكون عمره اقل من سنة واحدة الى حين اجراء انتخابات في 2005. 2- اننا لا نريد اجراء انتخابات مثالية في الوقت الحاضر بل انتخابات بالقدر الممكن. 3- ان الانتخابات غير الكاملة افضل من اسلوب التعيين. 4- بالنسبة للعملية الانتخابية يعتقد الخبراء انه يمكن اجراؤها ضمن الجدول الزمني المحدد لانتقال السلطة وهناك تقرير مرفق بالتفاصيل حول الموضوع. 5- ان انتخابات البرلمان الكردي عام 1992 يمكن ان تكون مثالاً على امكان اجراء انتخابات لاعضاء المجلس اذ انها اجريت: أ- مع عدم وجود احصاء سكاني دقيق. ب- مع وجود مشكلات امنية اخطر من المشكلات في العراق حالياً ومنها وجود نظام صدام وتهديد من جانب نظام صدام. 6- ان وزارة العدل هي الجهة الفنية التي تشرف على الانتخابات، وأشار ممثل وزارة العدل الى ان هناك دراسة يمكن من خلالها تشخيص المحافظات والمناطق الآمنة. وبحسب هذه الدراسة فإن 70 في المئة من نفوس العراقيين هم ضمن المناطق الآمنة جداً يمكن اجراء الانتخابات فيها. ويمكن وضع حلول للمناطق المتبقية وهي 30 في المئة. 7- ان النظام الذي اقره اتفاق 15/ 11/ 2004 وهو ما يسمى بنظام الكوكسس لا يصلح لتمثيل الشعب العراقي للاسباب الآتية: أ - ان النظام معقد ويصعب فهمه من الانسان العراقي والمواطن العادي وهذا ما اشارت اليه صحيفة "نيويورك تايمز" التي قالت ان النظام معقد وصعب الفهم علينا فكيف يمكن فهمه من ابناء الشعب العراقي. ب - انه نظام اميركي اذ تحدثت وسائل الاعلام الاميركية كيف فاز جون كيلي ممثل الحزب الديموقراطي بنظام الكوكسس في ولاية آيوا. وان لجنة ال15 عضواً لها حق تقليص عدد المرشحين في كل محافظة وهذا خلاف مبدأ حق الترشيح فبأي حق تلغي اللجنة ترشيح بعض المرشحين. ج - ان الاميركيين يعترفون ومنهم بعض اعضاء فريق بريمر ان المجالس البلدية ومجالس المحافظات شكلت من جانب الجيش الاميركي في شكل لا يعكس رغبة الشعب العراقي، على رغم ان فيها الكثير من الطيبين والمخلصين، وحين طرح هذا الأمر عليهم ادعوا انهم يقومون بإصلاح هذه المجالس. د- ان الكثير من الإخوة اكدوا ان عملية الإصلاح عبارة عن اخراج للطيبين من ابناء العراق وإدخال السيئين. يوفر التعداد العام للسكان عادة قوائم كاملة للناخبين إلا ان آخر تعداد نفذ في العراق كان عام 1997 ولم يعد من المناسب الاعتماد على قواعد معلومات ذلك التعداد لإجراء الانتخابات بعد مضي سبع سنين على ذلك التاريخ، فضلاً عن انه لم يشمل في حينه محافظات منطقة كردستان اربيل، السليمانية، دهوك. اما اجراء تعداد سكاني جديد فإن التهيئة له وتنفيذه وإعداد نتائجه تتطلب مدة لا تقل عن سنة واحدة من تاريخ اتخاذ القرار لتنفيذه. ولما كانت المهمة الوطنية ترتكز في الوقت الحاضر إلى تأسيس مجلس تشريعي موقت فإن التفكير ببدائل مناسبة تأخذ في الاعتبار امكان تنفيذها في وقت مناسب يتفق والتاريخ المحدد لنقل السلطة الى العراقيين على طريق الاستقلال وإعادة السيادة مع تحقيق مستوى جيد من الشمول والدقة، يقودنا الى تبني مقترح اعتماد نظام تسجيل البطاقة التموينية لتوفير قوائم الناخبين. تتولى وزارة التجارة مسؤولية إدارة بنظام البطاقة التموينية من خلال مراكز تموين متخصصة، وبلغ عددها 464 مركزاً تموينياً في 15 محافظة ويقدر العدد الكلي مع منطقة كردستان ب550 مركزاً. ويكون كل مركز انتخابي مسؤولاً عن ادارة وتنظيم عمل وكلاء المواد الغذائية الذين يقدر عددهم ب36 ألفاً. وبهدف ضمان وتحديد عدد المشمولين بنظام البطاقة التموينية فإن لدى وزارة التجارة قاعدة معلومات تضم بيانات الأفراد المشمولين من حيث الاسم والعمر والجنس والعنوان، واعتماداً على قاعدة المعلومات تلك يمكن توفير قوائم الناخبين وتهيئة تلك القوائم مطبوعة على مستوى كل وكيل او مركز تمويني ويستفاد منها في تكوين اطر العمل لإجراء الانتخابات. في ضوء ذلك فإن تنظيم العمل يخضع للترتيب الهرمي الآتي: - تتشكل لجان رئيسية للمحافظة 18 لجنة رئيسية. - تتشكل لجان فرعية لكل قضاء 105 لجان فرعية. - تتشكل مراكز انتخابية بعدد المراكز التموينية 550 مركزاً. - تتفرع عن المراكز الانتخابية مقرات فرعية للانتخابات 7000 مقر. - يتولى كل مقر إدارة عملية الانتخابات لألفي ناخب. وتقوم وزارة التجارة بطبع القوائم وفق التصنيف المشار إليه في ما سبق، وفي ضوء عدد السكان لسنة 2004 البالغ 27 مليون نسمة، فإن المتوقع ان يصل عدد الناخبين الى 5،13 مليون فرد. توزيع مقاعد المجلس بغية تجاوز الفراغ الدستوري الذي يضع ضوابط وقواعد عملية الانتخابات وتوزيع المقاعد، فإن اعتماد مبدأ توزيع المقاعد على مستوى المحافظات او الأقضية نسبة الى حجم السكان فيها يمثل حلاً مقبولاً لا يخضع للاجتهادات المختلفة... وعلى هذا الأساس فإن عدد المقاعد يوزع طبقاً لتوزيع السكان بحسب الأقضية إذا كان التمثيل على مستوى الأقضية وهو الأوفق او بحسب المحافظات اذا كان التمثيل على حسب المحافظات وتتوافر اعداد السكان موزعة بحسب المحافظات والأقضية. وفيها يتم تحديد عدد المقاعد لكل منها. ويصل عدد المقاعد الى 270 مقعداً بواقع مقعد واحد لكل مئة ألف نسمة. ايجابيات المشروع المقترح أ- الانسيابية والسهولة في ادارة العمل. ب- سهولة إعداد قوائم الناخبين من قاعدة معلومات نظام البطاقة التموينية وحداثتها. ج- إمكان التحقق من عدد الناخبين وهوياتهم وتجاوز حالات التزوير. د- إمكان معالجة مشاركة الأفراد الذين يحق لهم الانتخاب والذين ليست لديهم بطاقات تموينية وفقاً لإجراءات فنية مناسبة. التوقيتات الزمنية لتنفيذ المشروع - إعداد الخطة الموعد النهائي 28/2/2004. - تشكيل اللجان والمراكز الانتخابية الموعد النهائي 1/4/2004. - إعداد التعليمات العامة والتفصيلية الموعد النهائي 1/4/2004. - تهيئة المراكز الانتخابية والمستلزمات المكتبية الموعد النهائي 15/5/2004. - اجراء عمليات التدريب وتوزيع المهمات الموعد النهائي 1/5/2004. - الانتهاء من فرز وقبول المرشحين الموعد النهائي 15/4/2004. - الحملة الانتخابية الموعد النهائي 15/5/2004. - طبع قوائم الناخبين وتوزيعها على المراكز الموعد النهائي 15/5/2004. - اجراء الانتخابات الموعد النهائي 30/5/2004. المشكلات والمحددات أ - يرتبط تنفيذ المشروع المقترح بتوفير اجواء عمل آمنة خاضعة لإشراف ومراقبة رسمية وشعبية وباشراف دولي. ب- نتيجة للظروف الحالية يصعب شمول الجاليات العراقية في الخارج. ج- يجب ان تعمل المراكز الانتخابية على التحقق من الجنسية العراقية للناخبين واستبعاد المتجنسين خلال عهد النظام البائد. د- لا بد من تعميم وإشاعة المشاركة المجتمعية لدراسة مشروع الانتخابات وتحقيق الفهم المشترك في هذا الاتجاه. * وكيل وزير الخارجية العراقي.