نقلت مصادر قريبة من آية الله السيد علي السيستاني ل"الحياة" وقائع لقائه السيد الأخضر الابراهيمي في النجف. وكشفت ان المرجع الشيعي وافق على التمديد أربعة اشهر لمجلس الحكم الانتقالي لتنقل اليه السيادة، مشدداً على شرطين: تقليص صلاحياته، وصدور قرار لمجلس الأمن يحدد تاريخ الانتخابات. ووافق السيستاني على ان تتزامن الانتخابات العامة مع انتخاب اعضاء مجلس كتابة الدستور قبل نهاية السنة، طالباً من الابراهيمي تبديد هواجس السنّة ومخاوفهم. ورحب السيستاني بالابراهيمي معبراً عن احترامه له خبيراً دولياً مجرباً ومسؤولاً. وذكّره بما كتبه عنه محمد حسنين هيكل في أحد كتبه من ان الضعيف لا يجوز له ان يتخاذل، وطمأنه الى ان العراق لن يتخاذل... وكان سبق لقاءهما اجتماع بين وفد الأممالمتحدة من دون الابراهيمي واللجان التي تشكلت للبحث في الشؤون الأمنية والاحصائية والسياسية والعملية الانتخابية، وقدمت دراساتها ورؤيتها التي تؤكد إمكان إجراء الانتخابات العامة. وبعدما شدد السيستاني عليها، أكد ضرورة الوفاء بموعد نقل السلطة والسيادة في الثلاثين من حزيران يونيو المقبل، مصراً على ان المرجعية لا يمكن ان تعرقل في ذلك. وعندما تحدث الابراهيمي عن ضرورة اتفاق الجميع على إجراء الانتخابات وتحديد موعد لها، رد المرجع الشيعي بأن اتفاق الجميع صعب، مبيناً انه "لو تأخرنا عشرين سنة سنجد أن هناك من يعارض". واستحضر تجربة تيمور الشرقية حيث نُقلت الى الأممالمتحدة كخطوة انتقالية. وهنا تطرق الموفد الدولي الى موضوع توسيع مجلس الحكم الانتقالي، لأن في المجلس أعضاء ضعفاء وتمثيلهم محدود. فأجاب السيد بأن المدة قصيرة، أي حتى 30 حزيران، وصحيح ان هناك ضعفاء في المجلس، "إلا أننا عرفنا خير هذا المجلس وشرَّه، ويمكن التمديد له 4 أشهر اضافية لتنقل اليه السيادة". وحدّد هنا شرطين لذلك، الأول: تقليص صلاحيات المجلس الى الحد الأدنى من الضرورات الإدارية فيُترك للحكومة المقبلة تسيير شؤون البلاد والتمهيد للانتخابات من دون اصدار قوانين أساسية. والشرط الثاني هو استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد تاريخ الانتخابات وما يتصل بها. ورد الابراهيمي أن لا صلاحيات لديه في هذا الشأن، ولكن يمكن العمل بموجب هذه الاقتراحات. وعندما ذكّر بأن آذار مارس 2005 هو موعد انتخاب المجلس التأسيسي لكتابة الدستور، قال السيستاني: "إذاً، تجرى هذه الانتخابات مع الانتخابات العامة قبل نهاية السنة". وأبدى تأييده كل تقديم لموعد الانتخابات. وانتهى هذا الجانب من اللقاء بأن ما لدى المرجع الشيعي هو مجموعة أفكار للنقاش وليس قرارات، وأن مهمة موفد كوفي أنان تتركز في رفع تقرير الى الأمين العام للمنظمة الدولية لدرس امكان اجراء الانتخابات وايجاد البديل المناسب في حال عدم اجرائها، مع التشديد على أن يكون البديل أكثر تعبيراً عن ارادة الشعب العراقي. ولذلك ليس لدى السيستاني كلام نهائي في انتظار أن يصدر أنان توصياته. وكل الكلام الذي قيل حتى الآن يندرج تحت سقف الانتخابات، وهي المسألة المركزية، ومعنى ذلك ان اتفاق 2003/11/15 الخاص بنقل السلطة انتهى وتم تجاوزه كآلية لتشكيل المجلس الذي يتولى السيادة في موعدها، ولم يبق إلا تحديد هذا الموعد. واستعيض عن تلك الآلية بإجراء انتخابات قبل نهاية السنة. وهنا تكون مطالب المرجعية تحققت بعد ما اتفق عليه من تعديل في المهل الزمنية لإجراء الانتخابات، وهذا هو المطلب الرئيس للسيستاني. في نهاية اللقاء كرر المرجع الشيعي الكبير كلامه على الوحدة الوطنية العراقية وضرورة ترسيخها واتاحة الفرص للتعبير عنها. وطلب من الابراهيمي المساهمة من موقعه الفاعل والمقبول في تبديد هواجس أهل السنّة ومخاوفهم. وقال له حرفياً: "يا سيد أخضر، إن الغالبية لو كانت موجودة ووصلت الى المجلس المنتخب فلن تنتج غالبية سياسية، لأن لدى الشيعة والسنّة في العراق كما في كل بلاد الناس تيارات قومية وعلمانية وماركسية. وحتى التيار الديني ليس تياراً واحداً بل هو تيارات مختلفة، فلماذا الخوف إذاً؟" وأضاف السيد: "ان العراق الجديد يجب ان يكون عراق القانون والمؤسسات ومبنياً على العدالة والمساواة واحترام الرأي الآخر". ووعد الابراهيمي بأن يبذل مساعيه الخيّرة وأن يشجع الجميع على التواصل والمكاشفة وتوحيد الرؤية للمستقبل من دون التقليل من أهمية أي رأي أو حساسية.