صوت ياسمين حمدان الدافئ والعميق والعابث يصدح بأغنية لأسمهان: "دخلت مرّة في جنينة، أشم ريحة الزهور". وفي زاوية من ال"نايت كلوب" البيروتي الشهير جلس زيد حمدان يرافقها على الغيتار، وسط حشد من الرجال والنساء غير الآبهين والكاميرات والتلفزيونات. نحن في B018 في حي الكرنتينا، وقد تبدّل روّاده المألوفون لفترة قصيرة، مساء أوّل من أمس، فحل مكان المراهقين الهانئين بملابسهم وطقوسهم الخاصة، جمهور من الاعلاميين ذوي الأشكال التقليدية، وقد أخذ صبرهم ينفد قبل أن يبدأ المؤتمر الصحافي. كعادتها اختارت اللجنة التنفيذية ل"مهرجانات بعلبك الدوليّة"، اطاراً احتفالياً لإعلان برنامج دورتها الجديدة التي تمتد هذا الصيف بين التاسع من تموز يوليو وأواخر آب اغسطس. وها هي فرقة "Soap Kills" اللبنانية الواعدة التي تجمع الطرب الأصيل والالكترونيات وال"تريب هوب"، تمهّد للمؤتمر المعقود في "ناد ليلي" - لم يبق تلفزيون أجنبي إلا وتحدّث عنه - صممه المهندس المعماري برنار خوري قريباً من مسرح احدى أولى مذابح الحرب الأهليّة، ودفنه تحت الأرض في مناخ جنائزي على شكل تابوت. على المنصّة التي رأسها وزير السياحة اللبناني علي عبدالله، شاكراً الاعلام ومؤكّداً الدور السياحي لبلده، جلست مي عريضة رئيسة اللجنة التنفيذيّة للمهرجان الذي يعتبر أحد أقدم مهرجانات الصيف في لبنان والعالم العربي وأشهرها، متوسّطة سائر الاعضاء والى يمينها المؤلف الموسيقي وقائد الأوركسترا وليد غلميّة. وبعد المقدمات والمجاملات والعموميات، وتقديم الشركات الخاصة التي ترعى المهرجان، بدأ الاعلان عن البرنامج. برنامج بعلبك هذه السنة منوّع، يتضمّن أكثر من مفاجأة، وإن جاء خليطاً من عروض وأسماء وفنون لا تربط بينها رؤية واحدة متكاملة. رحلة حول العالم، وعبر الثقافات والفنون، بين معبدي باخوس وجوبيتر، كما لاحظ مصرفي سويسري من مساندي التظاهرة، تبدأ من البرازيل وتنتهي بحوض المتوسّط، مروراً باليابان وايطاليا وكوبا والولايات المتحدة وبريطانيا. وتتجاور فيها موسيقى الجاز، مع عازف الساكسوفون الأميركي جاكي ماكلين الذي عزف مع أساطير مثل مايلز دايفيز وسوني رولينز 16/7، وموسيقى الباروك مع مجموعة "الجياردينو أرمونيكو" الايطالية 27/8، والغناء الأوبرالي مع بلاسيدو دومينغو 8/8، والموسيقى الشبابيّة المعاصرة التي تجمع ال"هيب هوب" و"الروك" وال"فيوجن الالكتروني" مع فرقة "ماسيف أتاك" Massive Attack البريطانيّة التي تتمتّع بشعبية واسعة في صفوف الشباب 18/7. لكل ذوق وكل جمهور ما يرضيه إذاً، خصوصاً إذا أضفنا فرقة رقص معاصر من البرازيل Brazilian Dance Theatre تقدّم "غروبو كوربو" 10/7، وفرقة طبول وايقاعات من اليابان "أوساكا دادادا - دان تنكو" 30 و31/7. ويتميّز برنامج "مهرجانات بعلبك الدوليّة" هذه السنة بعودة الفنّ اللبناني بقوّة، بعدما كثر الكلام على تغييب النتاج الابداعي المحلّي في الدورات الماضية. يقف قائد الأوركسترا وليد غلميّة في القلعة الاثريّة، ليقدّم مع "الأوركسترا السمفونية الوطنية في لبنان" بعض مؤلفات الموسيقي الراحل غابرييل صعب، إلى جانب أعمال شتراوس وبرليوز وفيفالدي ودفوراك وكورساكوف... 6/8. ويدعونا ميشال الفترياديس الى "رحلة الأغنيات الأربع"، متجولاً عبر التراث الغنائي والموسيقي لبلدان من الشرق الى البلقان، ومن السالسا الى الفلامنكو وموسيقى الغجر وكل أشكال الفولكلور التي يجمعها في عرض واحد يشارك فيه ملحم زين، وحنين، وطوني حنا وآخرون 13-15/8... ويعود ربيع أبو خليل مع فرقته ليقدّم أعمالاً تجمع بين الموسيقى الشرقية والجاز 20 و21/8. وتستعيد بعلبك أمجادها القديمة مع المسرح، إذ تقدّم "مهاجر بريسبان" 23 و24/7، وهي واحدة من أشهر مسرحيات جورج شحادة في مناسبة الذكرى الخامسة عشرة لرحيله. ويخرج نبيل الأظن المسرحية بالعربيّة تعريب الشاعر عيسى مخلوف، بعد أربعة عقود على تقديمها بالفرنسية في بعلبك. وكتب موسيقى العرض المؤلف زاد ملتقى الذي سيشارك في العرض، عازفاً على البيانو. ويشارك في الأدوار الرئيسة كل من رندة الأسمر، كارول عبّود، جوليا قصّار، كميل سلامة، غابرييل يمّين، حسن فرحات، نقولا دانيال... ومساعد المخرج جهاد الأندري.