سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انهيار وساطة السيستاني ... رامسفيلد يتحدث عن اعتقالات في المدينة ... بلير يشدد على الحزم ... ومجلس الحكم يندد ب "الشغب" قتال شرس في الفلوجة واتهام الصدر بجريمتي قتل و"اختلاس الخمس"
فشلت جهود الوساطة التي رعاها المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في انهاء أزمة المواجهات الدموية في العراق بين قوات "التحالف" وأنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أنهى "اعتصامه" في مسجد الكوفة وانتقل الى مدينة النجف، على وقع مزيد من الاشتباكات. وقدرت حصيلة اولية اب قتلى الايام الثلاثة الاخيرة بمئة عراقي و20 اميركياً. وفي وقت صعّد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر لهجته متوعداً "ميليشيا" الصدر ب"تدبر أمرها" عسكرياً، قال مستشار ل"التحالف" ان الزعيم الشيعي مشتبه في ضلوعه بثلاث قضايا بينها اثنتان تتعلقان بجريمتي قتل، والثالثة بالاستيلاء على "أموال الخمس" المقدمة لادارة أماكن دينية. ودان مجلس الحكم بشدة "أعمال الشغب" التي ارتكبها أنصار الصدر، كما اعتبر عضو المجلس اياد علاوي أن الأخير هو من "القوى المتطرفة"، محذراً من "تعريض أمن البلد للأخطار". ومع فشل أول محاولة لوقف النار بين قوات "التحالف" وبين أنصار الصدر، طرأ تطور لافت في سياق المواجهات الدموية التي بدأت في النجف الأحد الماضي، وامتدت الى مدن أخرى. إذ نقل عن مسؤول في "جيش المهدي" الذي شكله الصدر تأكيده خطف كوريين يعملان في مجال حقوق الانسان، واشتراط سحب القوات الايطالية من الناصرية جنوب لاطلاقهما. ولم يصمد وقف النار في هذه المدينة سوى ساعتين، ثم اعلن عن اطلاق الكوريين، في حين شهدت ضاحية الفلوجة قتالاً شرساً منذ الصباح، وتعهد بريمر "الحسم" في هذه المدينة. في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد اعتقال مجموعة أشخاص في الفلوجة خلال البحث عن منفذي عملية قتل الأميركيين المدنيين الأربعة، مؤكداً ان الدور العسكري والأمني لقوات "التحالف" لن ينتهي بتسليم السلطة. أما رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي استقبل وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، فشدد على أن "لا مكان للميليشيات المسلحة" في العراق. وعلى خطى واشنطن، وصف بلير مقتدى الصدر بأنه "متطرف ومتعصب"، في حين تحدث زيباري عن "مرحلة حرجة" في بلاده مع اقتراب موعد نقل السلطة، وقال: "علينا أن نتصرف بحزم". وكان دعا الصدر الى الاحتكام الى انتخابات. وذكر خلال محاضرة في "تشاتام هاوس" ان مقتدى الصدر "مرجعيته ايران ولا يمثل شيعة العراق، ينبغي التعامل معه بحزم وليس بالضرورة بالقوة". وشدد على حل الميليشيات بما فيها "جيش المهدي" والبشمركة الكردية التي قال انها بدأت تدخل في نسيج الجيش العراقي. ودعا الى مؤتمر سياسي في العراق "تنبثق منه حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الفئات". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر شيعية في بغداد ان مساعي لانهاء المواجهات فشلت بسبب تمسك "التحالف" والصدر بموقفيهما. وأفادت ان السيستاني أوفد الى الأخير رئيس مكتبه "ليعبر عن تعاطفه ويعلمه بفتوى تدعو الى الهدوء"، كما أكد المسؤول في المكتب قيس الخزعلي. ويخشى الشيعة حمام دم، في حال استمرت المواجهات التي حوّلت مدناً الى ساحات قتال، حتى ذكرى الأربعين للامام الحسين في كربلاء، والتي يتوقع أن تجتذب تجمعات بشرية ضخمة. وأوضح مستشار قانوني لسلطة "التحالف" بعد فشل الوساطات، ان مقتدى الصدر صدرت بحقه مذكرة توقيف، في ثلاث قضايا. وذكر ان جريمة القتل الأولى متعلقة باغتيال عبدالمجيد الخوئي، والثانية عملية قتل ثلاثة أشخاص بينهم حامل، بينما كانوا في سيارة اجرة قبل أربعة أشهر في النجف. ورفض الافصاح متى أو كيف ستنفذ مذكرة التوقيف، وقال ان ذلك "سيتطلب اسابيع على الأرجح، لكن الصدر سيوقف ويحاكم" مشدداً على أن "أحداث الاسبوع الماضي جعلت ذلك ضرورياً". وإذا أعلن رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني ان القوات الايطالية باقية في العراق و"لن ترضخ للميليشيات"، نقل عن مسؤول عسكري ان هذه القوات مستعدة لتسليم الشرطة العراقية "معظم المسؤوليات" في مدينة الناصرية، مشترطاً عودة الوضع الى طبيعته. لكن الاشتباكات سرعان ما عادت الى وتيرتها بعد ساعتين على وقف للنار انهار مساء. وذكر مسؤول في جيش "المهدي" ان الصدر تلقى "طلباً من الرئيس الايطالي بتسهيل مغادرة قواته" المدينة. وكان الزعيم الشيعي أعلن أمس انهاء اعتصامه في مسجد الكوفة وانتقل الى النجف. وقال في مؤتمر صحافي: "أخذت على نفسي ألا أريق دماً غير دمي"، وحمل بعنف على الرئيس جورج بوش ووصفه بأنه "كبير الشر". الى ذلك، قتل أربعة جنود من مشاة البحرية الاميركية المارين في هجوم بمحافظة الانبار أول من أمس، في حين استمرت العملية العسكرية الاميركية في مدينة الفلوجة المحاصرة منذ أيام، واندلعت اشتباكات واسعة بين القوات الأميركية ومسلحين عراقيين على أطراف المدينة. كما تواصلت المواجهات مع القوات البريطانية في العمارة. وفي حين أفيد عن سقوط 39 قتيلاً نقلوا الى مستشفى في مدينة الصدر، قدر القتلى ب15 في الناصرية و12 في العمارة. وأعلن رامسفيلد أمس ان القوات الأميركية اعتقلت مجموعة من الأشخاص في مدينة الفلوجة، خلال بحثها عن منفذي عملية قتل المدنيين الأميركيين الأربعة في المدينة الأربعاء الماضي. وأوضح ان القادة العسكريين في العراق لم يطلبوا تعزيزات، لمواجهة الأوضاع المتدهورة في هذا البلد. وزاد ان عدد العسكريين الأميركيين هناك يصل الى أكثر من 135 ألف عنصر، وهو "مرتفع"، مشيراً الى معاودة النظر باستمرار بعدد القوات في العراق، ومؤكداً ان القادة "سيقررون ما يحتاجون اليه وسيحصلون عليه". وقال رامسفيلد بعد لقائه الأمين العام لحلف الأطلسي هوب شيفر ان الولاياتالمتحدة ما زالت ملتزمة موعد 30 حزيران يونيو لنقل السلطة في العراق، وسيترافق هذا الموعد مع تأمين الاستقرار الأمني ولو كلف الأمر زيادة في الطاقات العسكرية والبشرية والتي تصل اليوم الى 135 ألف عسكري. كما طمأن العراقيين والأميركيين الى أن "الوضع تحت السيطرة في الفلوجة بفضل جهود" قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جون ابي زيد و"مساعديه"، وقال ان 30 حزيران لا يعني انهاء الوجود والدور العسكري والأمني لقوات "التحالف"، التي ستبقي أكثر من مئة ألف عنصر لمدة سنتين على الأرجح. وعبرت فرنسا وروسيا عن قلقهما من تدهور الأوضاع في العراق، مجددتين تأييدهما عقد مؤتمر دولي لمعالجة المشكلة العراقية. كما أملت باريس بتسريع عملية نقل السلطة.