تشير الدراسات والاستعدادات والمحادثات الجارية خلف الكواليس الى أن جيش العراق الجديد والذي تشرف الولاياتالمتحدة على تشكيله سيكون "مسخاً" عدة وعديداً بالمقارنة مع ما كان عليه بالسابق أو مقارنة مع جيوش الدول المحيطة به، بما فيها الكويت. بل أن عديد الجيش العراقي الجديد سيكون أقل من نصف عدد افراد الميليشيات المسلحة الكردية والشيعية في العراق، مما دفع بالعديد من المحللين العسكريين للتشكيك بقدرة هذا الجيش على فرض الأمن والاستقرار بعد عميلة نقل السلطة من القيادة الأميركية الى الحكومة العراقية الموقتة في مطلع شهر تموز يوليو المقبل. حسب الخطة التي أعدتها القيادة الأميركية فإن عدد الجيش العراقي الجديد سيصل الى أربعين الف فرد عام 2005 وسيقسم الى ثلاث فرق موزعة على تسعة ألوية مشاة ممكننة مؤللة، معززة بسلاح جو يتألف من سرب واحد من ستة طائرات هليكوبتر طراز هيوز وطائرتي نقل طراز سي-130 هيركوليز فقط، بالاضافة الى خافرات سواحل لحراسة الموانئ العراقية. تجدر الاشارة الى أن عدد الجيش العراقي قبل الحرب كان حوالي 360000 فرد بالاضافة الى أكثر من 400000 جندي احتياط، مجهز بعشرات الطائرات الحربية والهليكوبتر. هذا في حين يبلغ عدد افراد القوات المسلحة الكويتية 40 الفاً مع الاحتياط، والاردنية مئة الف، والايرانية أربعمئة ألف دون الاحتياط، والسعودية 160000، والسورية 420000 دون الاحتياط، والتركية 511000 جندي. وتفيد مصادر عسكرية أميركية مطلعة بأن معدات وآليات الجيش العراقي الجديد ستكون بغالبيتها من مخلفات الجيش العراقي السابق بعد أن تقوم شركات أجنبية بترميمها وتحديثها. تشير تقديرات أجهزة الاستخبارات الغربية الى أن عدد الميليشيات الكردية في شمال العراق يبلغ سبعين ألف مسلح مزودين بأسلحة متوسطة وثقيلة، هذا في حين يقدر عدد أفراد الميليشيات الشيعية في بغداد وجنوب العراق بحوالي ثلاثين ألفاً مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة. ولا تشمل هذه الاحصاءات عدد المجموعات المسلحة المسؤولة عن الهجمات على قوات التحالف وعناصر أجهزة الأمن العراقية الجديدة. وحسب تصريحات القادة العسكريين الأميركيين في بغداد فإن هذه الجماعات المسلحة "السنية" مؤلفة بغالبيتها من عناصر الجيش العراقي السابق ومناصري حزب البعث وحركات اسلامية متطرفة. وعلى رغم صدور قرار بحل الميليشيات المسلحة في العراق قبل حوالي عام، الا أن سلطة التحالف في بغداد لم تقدم حتى الآن على أي محاولة بهذا الصدد. ويعزو مراقبون ذلك لخشية قيادة التحالف من انعكاسات أمنية وسياسية سلبية تزيد من تدهور الأوضاع الأمنية وتعقد عملية انتقال السلطة للعراقيين. تقرّ دراسة القيادة الأميركية بأن الجيش العراقي لن يكون قادراً على حماية حدوده ضد التهديدات الخارجية، وعليه فإنه يتحتم بقاء قوات أميركية وغربية يتراوح عددها بين خمسين ومئة ألف جندي لفترة زمنية غير محددة حتى يصبع العراق قادراً على حماية نفسه. يوافق غالبية الخبراء على هذا التقدير إلا أنهم يشككون بقدرة القوات المسلحة العراقية على حفظ الأمن داخلياً من دون مساعدة مباشرة ومستمرة من القوات الأميركية. ويقول الجنرال الأميركي المتقاعد جيرالد تومسون بأن القيادة الأميركية تعي صعوبة الوضع ولذلك "فان الجيش العراقي الجديد سيبقى من الناحية العملية تحت أمرة القيادة المشتركة للتحالف حتى بعد تشكيل وزارة الدفاع". وأضاف تومسون في حديث الى صحيفة ديفنس نيوز الدفاعية الى أن "وزارة الدفاع العراقية ستكون مسؤولة في السنوات القليلة المقبلة عن الشؤون الادارية والسياسة الاستراتيجية للجيش العراقي فقط في حين تبقى ادارة العمليات العسكرية تحت اشراف القيادة الأميركية." ويترأس تومسون مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية والذي يقوم حاليا بتدريب الطاقم الذي سيدير وزارة الدفاع العراقية الجديدة. يتوقع بعض المحللين أن تعترض الخطة الأميركية لبناء جيش عراقي جديد مصاعب عدة قد تؤدي الى تأخيرها بشكل كبير. فقد أفاد البروفسور أنطوني كوردسمان، المؤرخ العسكري وكبير باحثي مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، بأن عقود تجهيز وتسليح الجيش العراقي تعترضها مصاعب بعد الغاء أحد العقود نتيجة شوائب حول الشركة التي كانت فازت به لعدم توفر الشروط المطلوبة ولانتشار شبهات حول علاقة الشركة بأحد أعضاء مجلس الحكم المحلي العراقي. ويقول كوردسمان بأنه هناك "مشكلة سيولة مالية ستحول دون تمكن الجيش العراقي من تأمين مستلزماته كافة". ويوافق تومسون على هذه التوقعات ويضيف بأن "حجم المصاريف التي تحتاجها عملية اعادة بناء البنية التحتية المدمرة في العراق قد حالت وستحول دون تمكن السلطات العراقية من تأمين المبالغ المطلوبة لبناء جيش عراقي جديد أكبر مما هو مخطط له حالياً". لكن كوردسمان يشكك بموافقة القيادة العراقية المستقبلية، خاصة بعد رحيل القوات الأميركية، على الاكتفاء بجيش متواضع الحجم خاصة وأن أنظمة المنطقة بشكل عام تبني جيوشا بشكل رئيسي من أجل تعزيز صورتها ومكانتها بين شعوب المنطقة، ولذلك يتوقع أن تبني حكومة العراق المستقبلية "جيشا يتناسب مع هيبة ومكانة العراق في المنطقة".