المرصد العالمي للجوع يحذر من اتساع نطاق المجاعة في السودان    أمير الرياض يعزي بوفاة صالح بن طالب    وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يلتقي قطاع الأعمال بغرفة الشرقية    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وجامعة الأميرة نورة تطلقان معرضًا فنيًا عن الإبل    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    مدرب المنتخب السعودي: طموحنا مستمر وسنعمل لتصحيح المسار أمام اليمن غدًا في خليجي 26    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    إطلاق "عيادات التمكين" لمستفيدي الضمان الاجتماعي بالشرقية    الأمين العام لجامعة الدول العربية يلتقي وزير الشؤون الخارجية الصومالي    رجل في اليابان يعثر على دب داخل منزله    زراعة 153 ألف شجرة لتعزيز استدامة البيئة بالمدينة    إجراءات تركية جديدة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين    انطلاق منافسات سباقات الخيل في ميدان الفروسية بالدمام الجمعة المقبل    عبد العزيز بن سعد يشهد الحفل السنوي لجمعية الأطفال ذوي الإعاقة بحائل 2024    المملكة تُطلق الحوافز المعيارية لتعزيز الصناعة واستقطاب الاستثمارات    خطة تقسيم غزة تعود إلى الواجهة    «ليوان» تشارك بفعالية في معرض الأمانة العامة لمجلس التعاون (استثمار وتمكين)    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    "الوعلان للتجارة" تحتفل بإطلاق "لوتس إمييا" 2025 كهربائية بقدرات فائقة        "البروتون" ينقذ أدمغة الأطفال.. دقة تستهدف الورم فقط    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    قبل عطلات رأس السنة.. أسعار الحديد ترتفع    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    محمد بن سلمان... القائد الملهم    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    استدامة الحياة الفطرية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    عثرة البحرين    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة تحليلية لميزان القوى العسكري في الشرق الأوسط نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن . السعودية تملك أحدث الجيوش العربية وايران ستدخل النادي النووي خلال خمس سنوات وسورية تصنع قنابل جرثومية قسم أول
نشر في الحياة يوم 28 - 07 - 2001

لا تزال منطقة الشرق الأوسط احدى أهم أسواق الأسلحة في العالم على رغم التراجع في حجم صفقات الأسلحة منذ بداية عملية السلام. اذ سجل عام 1997مبيع شراء القوات المسلحة في الدول العربية كافة أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة تصل الى 20 بليون دولار.
ورد ذلك في دراسة حديثة صدرت الشهر الجاري عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أعدها الاستراتيجي والمؤرخ العسكري أنتوني كوردسمان. وكان لافتاً في الدراسة التي جاءت تحت عنوان "الميزان العسكري في الشرق الأوسط: نظرة تحليلية شاملة للانفاق العسكري وانتقال وتوزيع الأسلحة الرئيسية حسب الدول والمناطق والنوعية المطلوبة" أن الدول التي يعتبرها كوردسمان "مرتبطة بعملية السلام" ويعني دول الخليج ومصر والاردن وقعت "93 في المئة من اجمالي صفقات الأسلحة المهمة" في الاعؤام الأخيرة، فيما تراجعت واردات الأسلحة بنسبة تسعين في المئة منذ عام 1995 الى الدول التي "لم تسر في شكل كامل في عملية السلام" من وجهة نظر كوردسمان، مثل سورية وليبيا.
وبينت الدراسة أن دول الخليج وقعت في الفترة الأخيرة على 96 في المئة من اجمالي صفقات الأسلحة في المنطقة. واعتمد كوردسمان معيارين أساسيين لقياس قوة الدول وحداثة جيوش المنطقة: الأول، مدى اقتراب هذه الجيوش من متطلبات "الثورة في الشؤون العسكرية"، والثاني حجم النوعية في الأفراد والعتاد والقدرة على الحفاظ على التطور. وسيعرض البحث الآتي لأهم النقاط التي جاءت في الدراسة في اطار تحليلي.
لاحظت الدراسة أن ما يسمى بالصراع العربي - الاسرائيلي انكمش في شكل كبير منذ نهاية حرب الخليج الثانية لينحصر اليوم بين سورية واسرائيل فقط، خصوصاً بعدما وقع كل من مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية معاهدات سلام مع الدولة العبرية، وباشرت دول عربية أخرى مثل قطر وعمان وتونس وموريتانيا عمليات تطبيع معها. ورأى كوردسمان أن الصراع مع اسرائيل ليس الدافع الأساس وراء تسلح معظم الدول العربية، معتبراً ان التهديد الخارجي الذي تواجهه هذه الدول مصدره بلدان عربية أو اخرى مجاورة. ولفت الى ان دول الخليج "منقسمة على نفسها حول مصدر التهديد الخارجي، اذ يعتبر بعضها العراق تهديداً أساسياً في حين يرى آخرون في ايران مصدراً للتهديد"، متبنياً في ذلك وجهة النظر الاسرائيلية التي تنفي أن يكون التفوق العسكري للدولة العبرية واقتناؤها أسلحة نووية أهم أسباب سباق التسلح في المنطقة وتعزو السبب عادة الى "الصراعات العربية - العربية والتهديدين الايراني والعراقي".
الثورة في الشؤون العسكرية
اعتمد كوردسمان نظرية "الثورة في الشؤون العسكرية" كأهم معيار لقياس حداثة جيوش المنطقة وقوتها، وهو معيار معتمد اليوم لدى الاستراتيجيين والباحثين العسكريين في تحديد قوة الجيوش العالمية. وغيرت هذه الثورة التي ظهرت بوضوح خلال حرب الخليج الثانية مفاهيم وموازين عسكرية واستراتيجية عدة. وأهم ما يعنينا هنا هو مجالات التسلح والعمليات الميدانية والاستراتيجية العسكرية. ويبدو أن التطور الالكتروني الكبير كان من أهم عوامل الثورة في الشؤون العسكرية ومسبباتها اذ تمكنت التكنولوجيا الحديثة من تحقيق طموحات قادة الجيوش من تأمين اتصالات سريعة وفورية وكشف مواقع العدو من الفضائين الخارجي والداخلي بشكل مأمون وشن غارات جوية واصابة الأهداف بدقة من دون تعريض حياة الطيارين للخطر أو التسبب في خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين على الأرض. ولذلك، يقول كوردسمان أن الجيوش الغربية الحديثة، وخصوصاً الأميركي، تملك مؤهلات عدة دخلت قائمة شروط تحقيق الثورة في الشؤون العسكرية، أهمها:
القدرة على شن حرب ليلاً أو نهاراً وفي الأحوال الجوية المختلفة.
امتلاك أنظمة متقدمة ومترابطة للسيطرة والاتصال والقيادة والمعلومات تقوم بوصل كافة قطاعات القوات المسلحة عملياً وميدانياً في شكل يمكن الضباط والقادة من ادارة المعركة بفعالية وتقدير حجم الخسائر في صفوفهم أو صفوف العدو لتقرير الخطوة التالية.
التفوق التكنولوجي الذي يمنح القوات القدرة على خداع العدو وحرمانه عامل المفاجأة.
اعتماد استراتيجية الحرب الجوية - الأرضية لاقامة تناسق كامل وترابط بين قطاعات القوات المسلحة كافة لتسهيل تحرك الوحدات البرية مع تأمين السيطرة الجوية.
وجود فرق دعم قادرة على صيانة العتاد والأجهزة في ساحة المعركة من أجل تأمين استمرار العمليات العسكرية حسب المخطط.
امتلاك القوات الجوية أسلحة ذكية قادرة على اصابة أهداف من مسافات خارج مدى النظر لاسقاط مقاتلات العدو وتحطيم دفاعاته الجوية من ارتفاعات آمنة.
القدرة على قصف عمق العدو وخطوطه الخلفية من مسافات بعيدة.
تأمين أجهزة محاكاة ومعدات تمكن القوات من اجراء تدريبات منتظمة تكون قريبة جداً من الواقعيةاضافة الى المناورات بالذخيرة الحية.
امتلاك القدرة على شن هجوم الكتروني لشل وسائل الاتصال ورادارات العدو وأجهزة مضادة للحرب الالكترونية.
اعتماد اسلوب المناورة والحركة السريعة في ساحة المعركة لازالة الفروقات الفعلية بين العمليات الدفاعية والهجومية.
النوعية
أما المعيار الثاني الذي اعتمده كوردسمان فهو النوعية في الأفراد والعتاد، وهذا عنى به توافر شروط معينة في تدريب الجيوش الحديثة وتسليحها وتنظيمها ومنها:
الاعتماد على أصحاب الخبرات من المتطوعين عوضاً عن المجندين في المهمات الأساسية.
التركيز على اعداد الرتباء وضباط الصف والاعتماد عليهم في شكل أكبر في المهمات الميدانية والأمور التقنية.
أن يمتلك غالبية الجنود درجة معينة من التعليم والقدرة على استخدام الأجهزة الالكترونية.
ارسال الضباط في دورات تدريب منتظمة.
تأمين درجة عالية من الانسجام بين الكتائب والألوية والقطاعات كافة من أجل الحصول على التنسيق المطلوب بينها في ساحة المعركة. وأهم الشروط لتأمين هذا الانسجام هو عدم تشكيل فرق خاصة لحماية ايديولوجيات أو مجموعات سياسية معينة.
عدم اعتماد نظام المركزية المطلقة في هيكلية القيادة من أجل الحفاظ على مستوى عال من المرونة يتماشى مع السرعة الكبيرة التي تسير فيها المعارك والحروب الحديثة.
أن يكون القادة العسكريون مدركين التغيرات في الشؤون العسكرية وقادرين على التماشي معها ليتمكنوا من تقويم الوضع الاستراتيجي.
أن تتمتع القوات بنفس طويل في ساحة المعركة عبر وجود فرق دعم مؤهلة لصيانة العتاد والأجهزة وتأمين الطبابة والدعم اللوجستي.
الحفاظ على نوعية العتاد عبر تأمين أسلحة وأجهزة تفي بشروط الثورة في الشؤون العسكرية مثل الأسلحة الذكية وغيرها.
أن تكون صيانة الأسلحة والمعدات غير مكلفة مادياً وبسيطة تقنياً الى حد ما ما يسهل تدريب أكبر عدد من الجنود على اصلاحها.
أن تكون صيانة الآليات والأسلحة للقوات البرية ممكنة في ساحة المعركة وأن تشكل فرق دعم خاصة لهذه المهمة.
ميزان القوى
يبدو للوهلة الأولى عند مراجعة الجداول المرفقة أن الدول العربية تتفوق في شكل كبير على اسرائيل. لكن التمعن في نوعية الاسلحة الرئيسية كالدبابات والطائرات والسفن الحربية، تظهر بوضوح حجم التفوق الاسرائيلي اد أن غالبية الآليات والأسلحة الاسرائيلية من النوع الحديث ومجهزة بأحدث الابتكارات التكنولوجية. كما أن نسبة عدد الآليات الى عدد الجنود تبين أن القوات الاسرائيلية بغالبيتها ممكننة ومؤللة، ومدعومة بكثافة نيران كبيرة وقادرة على التحرك بسرعة.
وتجدر الاشارة الى أن لدى اسرائيل مصانع أسلحة متقدمة تجعل من الدولة العبرية تحتل المرتبة السابعة بين الدول المصدرة للسلاح. وتساعد هذه المصانع، اضافة الى الهبات الأميركية السخية سنوياً، اسرائيل على تطوير معداتها في شكل مستمر والحفاظ على تفوق نوعي في الأسلحة الالكترونية والقوات الجوية. أما في الدول العربية، فان قسماً كبيراً من المدرعات والآليات والطائرات والأسلحة قديم ولم يعد فعالاً في الحروب الحديثة. وتظهر دراسة كوردسمان ان أقرب الدول العربية الى تحقيق شروط الثورة في الشؤون العسكرية هي دول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية التي غدت القوة الرئيسية هناك. كما أن كلا من مصر والأردن يسير في الطريق الصحيح نحو الثورة في الشؤون العسكرية. الا أن غالبية دول الشرق الأوسط لا تزال تعاني من نقاط ضعف رئيسية، بحسب كوردسمان، وهي على الشكل الآتي:
هيكلية القيادة مركزية جداً وغير مرنة.
ضعف في قدرات التقويم الاستراتيجي.
ضعف أساسي في ادارة المعركة ومنظومات القيادة والسيطرة والاتصال والاستخبارات وتحديد حجم الخسائر في أرض المعركة.
عدم الانسجام والتنسيق بين الفرق والقطاعات.
غياب برامج تطوير نوعية الأفراد.
غياب القيادة الموحدة.
ايقاع بطيء للعمليات العسكرية.
نقص حاد في قوات الدعم لصيانة واصلاح الآليات في أرض المعركة.
عجز في مجال الدفاع الجوي.
مشاكل في المواجهات الجوية.
نقص في الأنظمة الفعالة لشن هجمات بعيدة المدى.
عجز في شن عمليات مشتركة ومنسقة بشكل جيد بين القوات البرية والجوية.
عدم توافر الامكانات للقتال ليلاً أو في الأحوال الجوية المختلفة.
عجز في القتال، دفاعياً أو هجومياً، ضمن عمق جغرافي جيد.
سوء استخدام الاحتياط.
نقص كبير في التمرينات والمناورات ما يضعف الجهوزية القتالية.
عدم القدرة على استخدام اسلحة الدمار الشامل بشكل فعال.
نقاط الضعف الاسرائيلية
وتعاني اسرائيل على رغم تفوقها العسكري من نقاط ضعف، بحسب كوردسمان. فالدولة العبرية لا تزال ضعيفة أمام الهجمات المفاجئة على غرار ما حصل في حرب الغفران، لذلك تستثمر كثيرا في أنظمة المراقبة والتجسس لتفادي هذه المشكلة. واعتبرت الدراسة أنه بغض النظر عن التفوق التكنولوجي والنوعي لاسرائيل، فانها لن تستطيع الصمود طويلا أمام كثافة النيران والتفوق العددي الناتجين عن هجوم عربي شامل، كما أن الرأي العام الاسرائيلي لا يتقبل الخسائر البشرية الكبيرة. ولفتت الى ضعف اسرائيل في مواجهة حرب عصابات منظمة، على غرار تلك التي قادها حزب الله في جنوب لبنان. كما أن التطور التكنولوجي لم يساعد الجيوش المنظمة في تحسين أدائها في حرب الشوارع خصوصاً في المناطق المأهولة والمكتظة بالسكان. ولا تزال اسرائيل غير قادرة على تأمين حماية فعالة 100 في المئة ضد أي هجمات بأسلحة الدمار الشامل.
وتحدث كوردسمان عن شكوى جنرالات اسرائيليين من مشاكل داخلية تؤثر في مستوى أداء الجنود من بينها فقدان الروح القتالية لدى غالبية الشباب الاسرائيلي. اذ يطالب معظم المجندين بالخدمة في الخطوط الخلفية. كما أن هناك شكوى من تخمة في القيادة الاسرائيلية ومن تفشي البيروقراطية. ولا تزال القيادة العسكرية الاسرائيلية تبحث عن حل لمشكلة الوقت الذي تحتاجه لاستدعاء الاحتياط وحشد قواتها في حال تعرضها لهجوم شامل. وأدى تناقص الأموال الى تراجع التدريبات والمناورات ما أثر في مستوى جهوزية القوات الاسرائيلية. ولفت كوردسمان الى الانقسامات داخل الشارع الاسرائيلي بين العلمانيين والأصوليين وتأثيرها في الوحدات العسكرية. واعتبر ان تركيز اسرائيل على تمويل مشروع الشبكة المضادة للصواريخ الباليستية أدى الى تراجع تحديث قطاعات أخرى خصوصاً البحرية الاسرائيلية. كما أدى حصر النفقات الى تهديد عدد من المصانع الحربية الاسرائيلية التي كانت تعتمد أساساً على تلبية حاجات جيش الدفاع الاسرائيلي. الا أن أهم ما أشار اليه كوردسمان هو مشكلة تدني المعنويات في صفوف الجنود الاسرائيليين بسبب الفشل في وقف الانتفاضة الفلسطينية.
مصادر التهديد لاسرائيل
أبرز ما خلص اليه كوردسمان في دراسته أن عملية السلام لم تنجح في تطبيع العلاقات وبناء الثقة بين اسرائيل والدول العربية، ما دفع الدولة العبرية الى الاستمرار في برامج تسلحها ووضع خطط وسيناريوهات حرب تشمل حتى الدول العربية التي وقعت معها اتفاقات سلام. وعرض مقتطفات من تصريحات لجنرالات اسرائيليين، مثل اسحاق موردخاي وأمنون ليبكين شاحاك وماتان فيلاي، تعكس قلقهم من التطورات على الحدود مع الدول المجاورة. ومن المقتطفات الواردة تصريح لأحد الجنرالات قال فيه ان السلام مع مصر "مصحوب بخطة طوارئ" وأنه لا يمكن لاسرائيل "أبدا أن تتجاهل الجبهة المصرية، الا أنها لا تستطيع التحدث عنها" بسبب اتفاق السلام. ويكمن أهم مصادر القلق الاسرائيلي في حصول مصر على كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة من الولايات المتحدة ما رفع من مستوى دفاعاتها الجوية وعزز قواتها الجوية بأسراب من مقاتلات "اف-16" ودعم القدرات المصرية في الحرب الالكترونية الى حد كبير. كما ساعد التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في تطوير الصناعات الحربية المصرية ورفع من الأداء التكتيكي للوحدات القتالية في الجيش المصري.
ونقل كوردسمان عن ضباط اسرائيليين قلقهم من استمرار تطور القوات الاردنية نتيجة المساعدات الأميركية خصوصاً أنهم يعتبرون ان الوضع في المملكة الهاشمية "لا يزال هشاً" نتيجة الجمود المسيطر على العملية السلمية واستمرار الانتفاضة في الأراضي المحتلة.
وبالنسبة الى سورية، عكست الدراسة قلق القيادة الاسرائيلية من تغير جذري في سياسة دمشق بعيداً عن السلام كخيار استراتيجي. ويخشى الاسرائيليون من شن القوات السورية هجوماً برياً مباغتاً لاستعادة مرتفعات الجولان. وتشكل الترسانة الكبيرة من الصواريخ الباليستية السورية تحدياً كبيراً لاسرائيل اذ يصعب عليها شن هجمات وقائية ضد منصات الصواريخ النقالة. وحسب كوردسمان، تملك سورية أكثر من الف صاروخ باليستي و80 منصة اطلاق غالبيتها نقال. وتحدثت الدراسة عن خشية اسرائيلية من الترسانة السورية المتنامية من الأسلحة الكيماوية والجرثومية التي يجري انتاجها محلياً.
ونقل كوردسمان عن قادة اسرائيليين قلقهم من السعودية التي أصبح سلاحها الجوي "موازياً من ناحية النوعية" للسلاح الجوي الاسرائيلي. اذ تعطي طائرات الرصد والقيادة والسيطرة الجوية "أواكس" وقاذفات "اف-15 آي" سلاح الجو السعودي القدرة على قصف أهداف بعيدة المدى. واشار معد الدراسة الى قلق اسرائيلي من نية السعودية الحصول على غواصات حديثة.
جيوش الخليج
تشهد جيوش مجلس التعاون الخليجي تطوراً سريعاً ومستمراً منذ نهاية حرب الخليج الثانية. ويعزو كوردسمان ذلك الى استمرار التهديد الخارجي من كل من ايران والعراق، معتبراً التعاون العسكري بين دول الخليج الوسيلة الأمثل لتعزيز أمنها. وزعمت الدراسة وجود "خلافات في الأولويات الاستراتيجية وبرامج التسلح بين دول مجلس التعاون الخليجي"، مشيرة الى أن الدول في الجزء السفلي من الخليج تركز على تعزيز قواتها الجوية والبحرية لمواجهة الخطر الايراني، في حين تركز السعودية والكويت على التهديد العراقي. وعرضت الدراسة سلسلة أولويات اعتبرت ان على الدول الخليجية التزامها لرفع مستوى أداء جيوشها، منها:
ايجاد نظام فعال للتخطيط الجماعي والتنسيق بين القوات.
دمج أنظمة القيادة والسيطرة والاتصال والمعلومات مع أنظمة الدفاعين الجوي والبحري.
تكوين قدرات للدفاع أو الهجوم الجوي المشترك.
بناء منشآت للتدريبات المشتركة والدعم والبنية التحتية.
تعزيز القدرات على التحرك التكتيكي السريع.
تشكيل قوات ضاربة جوية وبحرية مشتركة.
نشر دفاع بري مشترك لحماية حدود الكويت والحدود الشمالية الغربية للسعودية.
التحضير لارسال تعزيزات الى مناطق بعيدة.
انشاء قيادة مشتركة ونظام متقدم للتدريب المشترك.
تحسين القدرات لمواجهة حرب عصابات أو حرب بأسلحة غير تقليدية.
واعتبر كوردسمان أن دول الخليج عموماً تفتقر الى سياسة تسلح واضحة وفق استراتيجية عسكرية شاملة. وقال ان أهم ما يميز سوق الخليج هو عقد الحكومات صفقات أسلحة في شكل مفاجئ وشبه عفوي من دون العودة الى برنامج تسلح معلن، كما هي الحال في الدول الغربية وأنحاء أخرى من العالم. ولفت الى "التغير المزاجي" لدى بعض المسؤولين في دول الخليج اذ يتم تغيير برنامج للتسلح بشكل تام ومفاجئ، اضافة الى أن بعض الدول المستوردة لا يأخذ في الاعتبار كلفة الصيانة وفترة خدمة النظام أو السلاح قبل شرائه ما يضعها لاحقاً أمام تكاليف اضافية لم يتم احتسابها. كما لا يأخذ بعض دول الخليج في الاعتبار ما اذا كان السلاح أو النظام الذي تريد شراءه قابلاً للدمج والعمل بانسجام مع الأنظمة الأخرى التي تمتلكها، ما يضعها في مأزق لاحقاً.
وعزا كوردسمان "سوء سياسة التسلح الخليجية أحياناً" الى التصرف "الاستغلالي" للشركات المصنعة التي اتهمها بعدم تقديم الاستشارات والنصائح الصحيحة للدول المستوردة. وعرض مجموعة أولويات اعتبر ان على دول الخليج اتباعها في برامج تسلحها المستقبلية منها:
شراء مزيد من المدرعات الثقيلة والمدفعية والمروحيات الهجومية ووسائط الدفاع الجوي المحمولة لحماية الجزء العلوي من الخليج ضد العراق.
تعزيز القدرات الهجومية الجوية عبر شراء مزيد من الأسلحة الذكية التي تعمل في الأحوال الجوية المختلفة ضد أهداف برية وبحرية.
شراء صواريخ أرض - جو بعيدة المدى لتعزيز الدفاعات الجوية وزيادة عدد الشبكات المضادة للصواريخ الباليستية.
شراء مزيد من أجهزة الحرب الالكترونية والرصد.
تقوية الدفاعات البحرية عبر شراء أنظمة لكشف الألغام وازالتها وأنظمة للمراقبة البحرية.
شراء معدات لوقاية المناطق السكنية من خطر أسلحة الدمار الشامل.
شراء معدات للمساعدة في عمليات أمن الحدود ومواجهة حرب العصابات.
الحصول على معدات لفرق الدعم اللوجستي والصيانة الميدانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.