يتوقع المراقبون أن تعطي قوات "التحالف" أولوية لإكمال الحصار على العراق عبر سد منافذه البرية مع الأردن وسورية وايران منعاً لوصول أي مساعدات قد تمكن العراقيين من الصمود بشكل أفضل. ولذلك ستقدم فرق المظليين خلال الاسبوع المقبل، فور استكمال وصول معظم التعزيزات، على السيطرة على الطرق الرئيسية ونقاط الحدود التي تربط العراق بجيرانه، ومن ثم استئناف المهمة الأساسية بفرض حصار شامل على بغداد. في غضون ذلك، بدأت القيادة العسكرية الأميركية مراجعة خططها لسير العمليات العسكرية في العراق بعدما اكتشفت في الأيام التسعة الماضية للهجوم البري أن معطيات أجهزة استخباراتها عن مدى استعداد العراقيين وقدرتهم كانت مخطئة. وأفاد مراسل صحيفة "ديفنس نيوز" العسكرية شون نايلر من موقعه مع فرقة المشاة الثالثة على تخوم كربلاء أن اسلوب قتال العراقيين فاجأ القوات الأميركية ودفعها لوقف زحفها بانتظار تعزيزات وللنظر في التكتيكات والاستراتيجية التي يجب اعتمادها للتغلب على المقاومة العراقية. وأهم ما لاحظه المراسل أن المقاتلين العراقيين غير النظاميين، أي "فدائيي صدام" وميليشيات حزب البعث، نجحوا في نصب مكامن محكمة في أماكن غير متوقعة مثل مناطق مكشوفة على جوانب الطرق. كما نقل دهشة جنود أميركيين من شجاعة مقاومين عراقيين هاجموا آليات مصفحة ودبابات ببنادق ورشاشات خفيفة، حتى أن أحدهم صدم ناقلة جند مصفحة من طراز "برادلي" بباص كان يقوده. وقال المراسل ان القيادة العراقية تصرفت حتى الآن وكأنها تعلمت الكثير من تجربة حرب الخليج السابقة وراقبت عن كثب أداء الأميركيين في كوسوفو وأفغانستان واسلوب قتالهم. وانعكس ذلك في قرار بغداد سحب آلياتها ودباباتها الرئيسية، "تي-72" الى الخطوط الخلفية، وعدم نشر معظم قطعها المدفعية ومنصات الصواريخ في مناطق صحراوية مكشوفة. في المقابل، استغرب بعض المحللين العسكريين رد فعل القيادة الأميركية حيال اقدام العراق على القتال باسلوب حرب العصابات، خصوصاً أن الدول أو الشعوب تلجأ عادة الى هذا الاسلوب عندما تواجه خصماً يفوقها قوةً عسكرياً كما هي الحال بين العراق وقوات "التحالف". وتعتبر غالبية الضباط والجنود الأميركيين حرب العصابات "حرباً قذرة" لأن المقاومين العراقيين يحتمون بالمدنيين عبر القتال من داخل المناطق السكنية ويرتدون ملابس مدنية. لكن الواقع يبقى أن العراقيين قرروا المواجهة على رغم التفوق العسكري للطرف الأميركي بنسبة كبيرة. وأشار ضابط أميركي رفض الكشف عن اسمه أن حرب العصابات تتطلب أعداداً أكبر من الجنود مما يحتاجه قتال جيش نظامي، وعزا ذلك الى أنه في حال حرب العصابات يصبح كل مدني مصدراً للقلق من جانب جنود التحالف في حين أن الجيش النظامي يمكن رصده والتعامل معه وعند استسلامه تنتهي المعركة. وأفادت مصادر عسكرية مطلعة أنه أوامر صدرت الى ست فرق أميركية يبلغ تعدادها نحو مئة وعشرين ألفاً بالتوجه الى العراق للمشاركة في الحرب البرية. وتتوقع هذه المصادر بدء وصول طلائع هذه الفرق أواخر الشهر الجاري. وأهم ما يميز هذه الفرق أنها ممكننة، أي مجهزة أعداداً كبيرة من الدبابات وناقلات الجند والعربات الهجومية المصفحة، وأنها مجوقلة، أي تستطيع شن عمليات انزال جوي من طائرات الهليكوبتر. وتعد فرقة المشاة الرابعة من أفضل الفرق الأميركية تسليحاً فهي مزودة أحدث ما قدمته التكنولوجيا من وسائل اتصال واستطلاع وتملك قوة نيران هائلة عبر راجمات الصواريخ ومدافع "هاوتزر" من طراز "بالادين" ودبابات "ابرامز". كما تم استدعاء فرقة المدرعات الثقيلة الثالثة والفرقة الثانية للمدرعات الخفيفة بالاضافة الى اللواء المدرع الثالث التابع لفرقة المدرعات الأولى. وتجدر الاشارة الى أن القوات الأميركية الموجودة حالياً في العراق لا تزال تحتفظ بقوات احتياط لم تزج بأرض المعركة مثل اللواء الثاني لفرقة المظليين 101، واللواء الثاني لفرقة المظليين 82، وسرايا من اللواء الأول المدرع والفرقة الأولى لمشاة البحرية الأميركية. ويتوقع المراقبون أن ترسل وحدات الاحتياط هذه خلال الساعات المقبلة الى أرض المعركة لتبدأ تأمين السيطرة على خطوط الامداد.