يتوقع المغرب، للعام الثالث على التوالي، تحقيق موسم زراعي جيد مطلع الصيف المقبل، يتجاوز فيه انتاج الحبوب الرئيسية حاجز 10 ملايين طن، ما يوفر على الخزينة العامة نفقات تصل إلى 630 مليون دولار هي كلفة واردات القمح. وقد ساهمت أمطار الربيع الأخيرة في تحسن الانتاج ووفرة المياه السطحية التي بلغ حجمها 10 بلايين متر مكعب. وتغطي المساحات المزروعة والنباتات الخضراء عشرات الملايين من الكيلومترات المربعة، خصوصاً في شمال ووسط وغرب البلاد. وقال مسؤول في وزارة الزراعة والتنمية القروية ل"الحياة"، أمس الاثنين، ان الموسم الزراعي المنتظر"سيكون واحداً من أفضل المواسم"في الأعوام العشرة الماضية، لافتاً إلى ان انتاج الحبوب يمكن أن يتجاوز"أرقاما قياسية"، لتساهم الزراعة بنحو 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، للعام الثاني على التوالي. وأشار المسؤول إلى ان المساحات المزروعة من الحبوب المختلفة بلغت 5.5 مليون هكتار، موضحاً ان الأمطار الغزيرة التي هطلت طوال موسمي 2003 - 2004 ساعدت في تحسين الانتاجية الزراعية وتربية الماشية. وتوقّع أن تشهد الأرياف انتعاشاً في الايرادات ابتداءً من حزيران يونيو المقبل"قد تنعكس ايجاباً"على مداخيل المزارعين، الذين يمثّلون نحو 40 في المئة من إجمالي الفئة النشيطة. وكانت الزراعة المغربية عانت سنوات من الجفاف في نهاية القرن الماضي تسبّب في نزوح الملايين من المزارعين من قراهم نحو المدن. واعتبر المصدر نفسه ان الزراعة ستكون من القطاعات التي ستساهم السنة الجارية في ارتفاع النمو في إجمالي الناتج المحلي الذي يتوقع أن يكون بين 4 و5 في المئة. وكان وزير المال، فتح الله ولعلو، حصر نسبة النمو، لدى تقديم موازنة 2004 17 بليون دولار، عند 3 في المئة، بانتظار نتائج الموسم الزراعي. وقالت مصادر في وزارة الزراعة ان التهاطلات المطرية التي فاقت معدلاتها للسنوات الماضية، قد تزيد النمو الاقتصادي نحو نقطتين من الناتج الإجمالي. وأشارت إلى انها زادت احتياط السدود إلى 99 في المئة في بعض المناطق، ليبلغ معدل الامتلاء 68 في المئة، كما ساعدت على تحسين مخزون المياه الجوفية. ويستخدم المغرب نحو 15 بليون متر مكعب من المياه السطحية سنوياً، فيما يفوق المخزون حجم الحاجة بنحو ثلاثة أضعاف يحتويها نحو 90 سداً. وتستند الخطة المغربية منذ عام 1967 إلى بناء سد كل سنة حتى سنة 2020. وأضافت المصادر ان الصادرات الزراعية والغذائية مرشحة للارتفاع الخريف المقبل، خصوصاً نحو أسواق الاتحاد الاوروبي، الذي سمح بزيادة وارداته الغذائية من المغرب إلى الضعف تدريجاً. وستوفر الخزينة العامة نحو 630 مليون دولار قيمة مشتريات القمح السنوية من فرنسا والولايات المتحدة. وتقدر نسبة الصادرات الزراعية بنحو 33 في المئة من إجمالي الصادرات إلى الاتحاد الاوروبي. ويعتمد الاقتصاد المغربي على المياه، التي يتوقف عليها حجم الانتاج الزراعي الذي يؤثر بدوره في الناتج القومي. الجراد من جهة اخرى، قلّل المسؤول في وزارة الزراعة من خطر الجراد القادم من موريتانيا وتأثيره على المزروعات. وأشار إلى ان المغرب عالج 600 الف هكتار بكلفة 14 مليون دولار في الربع الأول من السنة الجارية. وقد طلب المغرب من منظمات دولية، بينها"منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة"فاو، تقديم المزيد من الدعم لمحاربة أسراب الجراد القادمة من موريتانيا والتي تُهدد المحاصيل الزراعية في شمال افريقيا. وكانت اسبانيا منحت دعماً بقيمة مليوني يورو، ووضعت تسع طائرات تحت تصرف وزارة الزراعة المغربية. وتعيش وزارة الزراعة سباقاً مع الزمن لانقاذ الموسم الجديد والانتهاء من الحصاد مطلع الصيف، قبل تكاثر أسراب الجراد أو وصولها إلى المناطق الشمالية، حيث المساحات والمراعي الخضراء التي يراهن عليها الخبراء في وزارة المال للمحافظة على نمو مرتفع.