بعد مضي أربعين عاماً على انطلاقة المرأة السعودية، استطاعت أن تحقق إنجازات علمية كبرى، وأصبحت الآن مؤهلة تماماً لتشارك برأيها بفعالية في حل قضاياها، قضايا مجتمعها من سياسية واقتصادية واجتماعية، وأدبية، وتعليمية وتربوية وصحية وثقافية وإعلامية، وبشهادة المشاركين في الحوار الوطني الذين تبيَّن لهم من خلال مداخلات النسوة العشر المشاركات في الحوار أنَّ المرأة السعودية، بلغت من النضج والوعي ما يؤهلها للمشاركة في الحياة العامة. ومن مطالب المرأة السعودية المثقفة أن تكون لها مقاعد في مجلس الشورى في مختلف لجانه، وذلك لتستقيم الحياة في مجتمعنا، وعدم قصر حل مشاكله، ومناقشة قضاياه على النظرة الأحادية التي يمثلها الرجل، فالحياة فيها ذكر وأنثى، وليست قاصرة على الذكور فقط، وسنّة الله في خلقه أنّه خلق من كل شيء ذكر وأنثى. يقول تعالى: "ومِنْ كُلِّ شيءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون"، ويقول تعالى "ومِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْواجاً لِتسكُنوا إِليها". ففي الكهرباء سالبٌ وموجب، ولا يتولد التيّار الكهربائي إلاَّ بالتقاء الشحنة السالبة مع الشحنة الموجبة، لأنَّ الشحنات المتماثلة والمتشابهة تتنافر ولا تتجاذب، وكذلك الحال بالنسبة للنبات والحيوان. ونأتي إلى الإنسان فهو ذكر وأنثى، وكلٌ منهما محمّلٌ بأمانة الاستخلاف، ولكن لكلٍّ منهما مَهمةٌ، ومَهمةُ الأُنثى تختلف عن مَهمَّة الذكر، ولو تماثلا في الَمهمَّات لما استقامت الحياة وعمر الكون. فوجود عنصرين أو جنسين يدل على أنَّ كلاًّ منهما يكمِّل الآخر، فلا تستقيم الحياة وتكتمل وتتواصل إلاّ بوجودهما معاً يؤدي كلٌّ منهما وظائفه الفطرية. ومساواة المرأة بالرجل في التكليف أدى إلى مساواتها له في العقل لأنَّ العقل مناط التكليف، لذا أسقط التكليف عن الصغير والقاصر والمجنون، ولم يسقط الله جلَّ شأنه قصاصاً أو حداً أو عقوبة أو فريضةً عن المرأة لأنَّها دون الرجل عقلاً، ولم يساوِ بينها وبينه في القصاص والحدود والعقوبات وهي دونه عقلاً، لأنَّ هذا يتنافى مع عدله جلَّ شأنه وهو من صفاته العدل. إنَّ الخلل الموجود في مجتمعنا مبعثه إقصاء المرأة، والاعتماد على النظرة الأحادية في مناقشة قضاياه، وحل مشاكله، ولن تستقيم الحياة في مجتمعنا إلاَّ بمشاركة المرأة وإعطائها ما أعطاها خالقها من حقوق، وهو أعلم بمصلحة خلقه، فلا يأتي أحد الآن، ويعلن وصايته على المرأة، وحرصه على القيم والأخلاق، فيمنع عنها ما أعطاها الخالق من حقوق كحق الشورى، فالآيات واضحة وصريحة تعطي المرأة حق الشورى كما تعطيه للرجل، والخطاب جاء فيها على صيغة العموم، ولنقرأ، ونتأمل معاً آيتي الشورى: في الآية 159 من سورة آل عمران "فَبِمَا رَحمَةٍ مِّن اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك فَاعفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُم في الأَمْرِ". واضح من الآية هنا أنَّ الخطاب جاء بصيغة العموم، أي يشمل الذكور والإناث، وإلاَّ لكانت دعوته صلى الله عليه وسلم خاصةً بالرجال دون النساء إن اعتبرنا أنَّ قوله جل شأنه "وشاورهم في الأمر" قاصر على الرجال، إذ لا تمكن تجزئة الخطاب هنا إلى جزءين: جزء يشمل الرجال والنساء، وهو خاص بالدعوة، وجزء متعلق بالشورى وهو خاص بالرجال فقط، وذلك من أجل أن نحرم المرأة من حق الشورى! ولو كان الأمر كذلك لاستثنى الله جلَّ شأنه النساء منها. وقوله تعالى في الآية 38 من سورة الشورى: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهم وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون"، فالخطاب هنا جاء بصيغة العموم أيضاً. ولو قصرنا قوله تعالى "وأمرهم شورى بيْنهم" على الرجال دون النساء، فهذا يعني أنَّنا قصرنا الصلاة والزكاة والصدقات التي هي من الإنفاق على الرجال أيضاً، وأسقطنا ذلك عن النساء، وهذا يتنافى مع ما جاء به الإسلام. ولقد مارست الصحابيات الجليلات - رضوان الله عليهن - حق الشورى، لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين من بعده - رضوان الله عليهم - فهموا هذه الآيات، وأدركوا معانيها، وطبقوا ما فيها، فأخذ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بمشورة أم سلمة رضي الله عنها في أمر حساس من أمور الأمة، عندما عزَّ على صحابته رضوان الله عليهم أن يحلوا الإحرام بعد صلح الحديبية من دون أن يؤدوا العمرة التي خرجوا من أجلها، إذ طلب منهم الرسول صلى الله عليه وسلَّم التَّحلل من الإحرام فلم يفعلوا. وذكر الأمر لأم سلمة رضي الله عنها، فأشارت إليه أن يبدأ هو بما يريد، ففعل فقاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق لبعض. هذا وقد أشارت أم سليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فعن أنس أنَّ أم سليم رضي الله عنها يوم حنين قالت: يا رسول الله: اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أم سليم إنّ الله قد كفى وأحسن" كما أخذ سيدنا عمر رضي الله عنه برأي المرأة القرشية عندما جمع المسلمين، وكان ذلك بمثابة مجلس شورى ليعرض عليهم أمر تحديد المهور. ومحاجة المرأة القرشية له دليل على أنَّ في هذا المجلس كان يوجد نساء ورجال، وأخذه برأيها يوحي أنَّ لها حق الجلوس في مجالس الشُّورى، ولها حق إبداء الرأي. وقد طلب سيدنا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه من ابنته السيدة حفصة رضي الله عنها أن تخبره بالمدة التي يمكن أن يغيب فيها الزوج عن زوجته من دون أن تُفتن، فذكرت له أنها لا تزيد عن أربعة أشهر، وذلك ليقرر المدة التي يمكن أن يغيب فيها الجندي عن زوجه، فجعلها لا تزيد عن أربعة أشهر. كما أشارت أم المؤمنين حفصة بنت عمر على أخيها عبدالله بعد طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد بأن يخبر أباه ما يقوله الناس بأنَّه لم يستخلف، وأخذ برأيها وأخبره بذلك، كما أخذ برأيها عندما أشارت عليه بحضور يوم التحكيم قائلةً له: "إنَّه لا يجمل بك أن تتخلف عن صلح يصلح الله به بين أمة محمد، وأنت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمر بن الخطَّاب". كما جعل سيدنا عمر رضي الله عنه الشفاء من بني عدي بمثابة مستشارة له في شؤون الأسواق. وهكذا نجد كيف تمتعت الصحابيات الجليلات رضوان الله عليهن بحق الشورى التي لم تقتصر على شؤون المرأة، وإنَّما امتدت إلى شؤون الحكم، وشؤون الدولة. ولكن إن احتججت عليهم بهذه الحجج، نجد للأسف الشديد - من يضعف بعض الروايات، والتي لا يستطيع تضعيفها كأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة رضي الله عنها في الحديبية، يقول: هذا مجرد مشورة من زوجة لزوجها، وفاته أنَّ من الحكمة في تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تسع هو التشريع، وأنَّ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته فيها تشريعات كثيرة. والبعض الآخر يعتبر مشاركة المرأة في مجلس الشورى نوعاً من أنواع الولاية، ولا ولاية لمرأة، فلا يمانعون من أخذ مشورة المرأة، ولكن من دون أن تكون عضوة في مجلس الشورى لئلاَّ تكون لها ولاية، وهذا تجاهل، لقوله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر"، ومفهوم خاطئ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". فلهذا الحديث مناسبة يغفلها الكثيرون، وحكموا عليه بعموم اللفظ، وليس بخصوص السبب، ومناسبة الحديث أنَّ نفراً قدموا من بلاد فارس إلى المدينةالمنورة، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يلي أمر فارس" قال أحدهم امرأة. قال: صلى الله عليه وسلم: "ما أفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة". فملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال ملك فارس وهي نبوءة تحققت بعد ذلك بسنوات - أكثر منه تشريعاً عاماً يحرِّم ولاية المرأة للعمل السياسي العام. ثُمَّ إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث خاصاً بالولاية العامة، أي رئاسة الدولة، وقيادة الأمة، فمناسبة الحديث عن امرأة تولت عرش فارس، واشتراط الفقهاء الذكورة في الولاية العامة يقصرها على الرجال، ولكن هذا لا يحرمها من ولاية الولايات الأخرى. وإن كان الخالق جلَّ شأنه عندما تحدث عن ملكة سبأ لم يعترض على ولايتها بل نجده جل شأنه قد أثنى عليها لأنَّها كانت تحكم بالشورى، يقول تعالى: "قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعةً أمْراً حتى تَشْهَدُون"، بينما ذم فرعون مصر وهو رجل لأنَّه انفرد بالسلطة وصنع القرار واتخاذه: "قال فِرعونُ مَا أُرِيكم إلاَّ مَا أرى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سبيلَ الرَّشاد"، فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة في الولاية العامة، وإنَّما العبرة بكون هذه الولاية شورية، أم سلطاناً فردياً مطلقاً. والقرآن لا يناقض السنّة، ولا السنّة تناقض القرآن لأنَّ كليهما وحي من الله، وردُ قوم ملكة سبأ عليها، عندما قالت لهم: "يَا أُيَّهَا الملأُ أَفْتُونِي في أمْرِي مَا كنتُ قَاطِعةً أمراً حتى تشهدون. قَالُوا نحنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُلُوا بَأْسٍ شديدٍ والأمرُ إليْكِ فانْظُري مَاذا تَأْمُرِينَ" سورة النمل 32-33. فالآية هنا تبيّن أنَّ قوم سبأ الذين حكمتهم امرأة قد أفلح قومها في الدنيا والآخرة بما ذهبت إليه من رأي، وهو اتباع سيدنا سليمان عليه السلام، كما تُبيِّن لنا أنَّ قوم سبأ، وهم في ظل حكم ملكتهم، كانوا قوماً أولي قوة وأولي بأس شديد، ولم يكونوا ضعفاء، وهذه القوة لم تغتر بها ملكتهم، وترفض دعوة سليمان عليه السلام، بل كان قولها في منتهى الحكمة: "قالت إنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوُا قَريةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوُا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ". سورة النمل 34 وهكذا نجد أنَّ الحديث النبوي الشريف يؤخذ به بخصوص السبب، وليس بعموم اللفظ. ولو أخذنا بعموم اللفظ، كأنَّنا قلنا بتناقض السنّة مع القرآن الكريم، ولكن للأسف نجد الغالبية عندنا أخذوا بعموم اللفظ، وحكموا على المرأة أنَّ لا ولاية لها، حتى أنَّهم نفوا الولاية للمرأة في كل المجالات حتى المجالات الدعوية، فيرفضون رفضاً باتاً وجود المرأة في عضوية مجالس إدارة الجمعيات الخيرية والرابطات الإسلامية الدعوية، رغم أنَّها عضوة متطوعة، وتعمل بنشاط. بل نجد إلى الآن لم يفتح قسم للنساء في وزارة الدعوة والأوقاف والشؤون الإسلامية، بل لم يُسمح للمرأة أن تكون مستشارة ثقافية متعاونة في هذه الوزارة لأنَّها امرأة، ولكن يطلب منها أن تكون أداة تنفيذية في الجمعيات الخيرية لما يقرره الرجل، ولا يحق لها أن تكون صاحبة قرار، أو تشارك في وضع القرار، وهذا يتنافى تماماً مع قوله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر". هذا وقد تمتعت الصحابيات الجليلات - رضوان الله عليهن - بحق الولاية، فقد ولّى سيدنا عمر بن الخطَّاب الشفاء من بني عدي الحسبة، وقد اعتبر الفقهاء الحسبة نوعاً من أنواع القضاء. كما ولّى ابنته حفصة رضي الله عنها نظارة الوقف الذي أوقفه مع وجود ابنه عبدالله الفقيه العالم، كما كانت الصحابية الجليلة أسماء بنت نُهيك الأسدية تُراقب الأسواق في مكةالمكرمة، وحجابها لم يمنعها من القيام بهذه المهمة. وكما أوَّلوا آيتي الشورى تأويلاً يقصرها على الرجال فقط، وضعفَّوا بعض الروايات في الشورى، وأبعدوا بعضها الآخر عن مقصد الشورى كحق سياسي للمرأة، نجدهم يفسرون الولاية في الآية القرآنية "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" بالمناصرة والمعاضدة ليحرموا المرأة من حق الولاية، متعللين بالحديث النبوي الشريف "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"، آخذين به على عموم اللفظ، مضعفين خبر ولاية عمر بن الخطاب للشفاء من عدي بين الحسبة، وقيام أسماء بنت نُهيك بمهمة رقابة الأسواق في مكة، وولاية حفصة بنت عمر رضي الله عنهما نظارة الوقف، ليحرموا المرأة من حق الولاية. كما نجد البعض من المعارضين يعتبرون عضوية المرأة في مجلس الشورى يشغلها عن واجباتها الأسرية وتربية أولادها، ويعرضها إلى السفور والتبرج والاختلاط، والسفر من دون محرم. وأرى أنَّ المرأة في المجتمعات الإسلامية التي يوجد فيها الاختلاط والسفور والتبرج، تمارس كل الأعمال، فلماذا يَحرم عليها عضوية المجالس النيابية؟ والمرأة والرجل لا يصلان إلى عضوية مجالس الشورى إلاّ بعد بلوغ سن الأربعين، أي سن النضوج بالنسبة للرجل، والرجال الذين وصلوا إلى عضوية مجالس الشورى لن يكونوا من أولئك الذين لا يملكون القدرة على كبح غرائزهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالمرأة التي تصل إلى عضوية المجالس النيابية تكون في الغالب قد وصلت إلى سن اليأس، وتكون قد أنهت مسؤولياتها تجاه أولادها، وقد تكون جدة، ولها أحفاد، ولن تكون موضع فتنة، ولا تتعرض إلى آلام الحيض والحمل والنفاس التي قد تحول دون إستمراريتها في المشاركة. ولست أدري كيف تعتبر مشاركة المرأة السعودية في مجلس الشورى تعرضها للسفور والتبرج والاختلاط، وهي مشاركة عبر الدائرة التلفازية المغلقة؟ أمَّا عن السفر بلا محرم فما قول هؤلاء في تعيين بناتنا الصغيرات في السن في قرى تبعد عن المدن التي يقمن فيها بمئات الكيلومترات، والتي يقطعنها يومياً ذهاباً وإياباً مع سائقين أجانب عنهن، ويتعرضن إلى مخاطر الطريق ومخاطر الاغتصاب، ومع هذا لم يحرم أحد عمل المرأة في القرى! وما قولهم في عائشة العجمية كانت تاجرة في القرن الثامن الهجري، وكانت تتردد على مكةالمكرمة للتجارة؟ انظر أعلام النساء لكحالة م3،161 ووسائل السفر والتنقل كانت جد شاقة، وقطع المسافات يأخذ شهوراً طويلة، إضافة إلى مخاطر الطريق، ومنها التعرض لقطَّاع الطرق. بينما السفر في هذه الأيام وسائله ميسرة، ويمكنك قطع آلاف الكيلومترات في بضع ساعات، ومع هذا ما الذي يمنع من سفر محارم المرأة معها لحضور اجتماعات مجلس الشورى مثلما حدث عند استضافة مجلس الشورى لخمسين سيدة لمناقشة ارتفاع المهور، وأسباب تفشي ظاهرتي العزوبة والعنوسة في المجتمع، وكانت مشاركتهن جد فعالة، وقد طرقن نقاطاً جديدة جد مهمة غابت عن الرجال عند مناقشتهم لها، وقد رأيتُ بنفسي مدى ما بلغته المرأة السعودية من علم وثقافة، وما تتمتع به من رجاحة في العقل وخبرة في شؤون الحياة والمجتمع، وأنَّها جديرة بأن تكون عضوة في مجلس الشورى، فقد كنتُ ضمن المدعوات. والقول إنَّ تبعات عضوية المجالس النيابية فوق طاقة المرأة قول تدحضه المهام الجسام التي تولتها المرأة عبر مختلف العصور، وليس هناك أشق من القتال، وقيادة الجيوش، وأعباء الحكم، وما تحملته المرأة من تعذيب لأنَّها تقول: لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله حتى استشهدت مثل سمية أول شهيدة في الإسلام، وتحملت الحصار الذي فرضه كفار قريش على بني هاشم على مدى ثلاث سنوات، وتحملت مشاق الهجرة إلى الحبشة ثم إلى المدينة. كل هذا الصمود والثبات ويقال إنَّ المرأة لا تتحمل تبعية عضوية مجالس الشورى والمجالس النيابية! * كاتبة سعودية.