نشرت إحدى الصحف خبر تسليم البعض للشيخ اللحيدان مطالبة بإقالة نائبة وزير التربية والتعليم. قبله بأيام نُشر لوم عميد المعهد العالي في هيئة الأمر بالمعروف لوزارة العمل على توسّعها في عمل المرأة! فردّت الوزارة بأنها نفّذت قرارات الدولة بزيادة فرص عمل المرأة. للآن لدينا مَن يرفض عمل المرأة، ويعارض تولّيها أي منصب ويعتبر “النساء ناقصات عقل ودين”! وما هكذا عناه الحبيب صلّى الله عليه وسلم، ونصف ديننا من عائشة أم المؤمنين! استدلوا بحديث (لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)، لكن استشهادهم خاطئ! ذكر العلماء أنه ورد في سياق خاص بالولاية العامة أي رئاسة الدولة، ودار حول حالة معينة وهي تنصيب موران بنت كسرى الفرس على العرش، رغم عدم أهليتها. وبالتالي الحديث لم ينهَ عن تولية المرأة بشكل عام، وإلاَّ لعارض القرآن الكريم الذي امتدح ملكة سبأ؛ لأنها حكمت بالشورى (قالت يا أيُّها الملأ أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعةً أمرًا حتى تشهدون)، في حين ذم فرعون لقوله (ما أريكم إلاَّ ما أرى) ! لم تكن العبرة بالذكر أو الأنثى، وإنما هل هناك شورى أم سلطان فردي؟ لذلك أجاز الشيخ القرضاوي والغزالي، وكثير من علماء الأزهر تولّي المرأة للمناصب السياسية، عدا رئاسة الدولة. وبلا ريب قرار الدولة الرشيدة توسعة مجالات عمل المرأة مبني على هيئة كبار علمائنا. ولو نظرنا لعصر النبوة والخلافة الراشدة، ماذا نجد؟ نجد الصحابية الشفاء العدوية، عظيمة في زمن عظيم! كانت طبيبة، رافقت الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الغزوات! لم يقل لها قرّي في بيتك يا امرأة! أتعالجين الرجال؟ أليس هناك طبيب رجل؟! بل شجّعها فعلّمت الصحابيات وبعض أمهات المؤمنين كالسيدة حفصة -رضي الله عنها- القراءة والكتابة. وأيضًا تولّت حسبة السوق وهي مثل البلدية في زماننا! فتخيّلوا رئيس البلدية امرأة!! وتخيّلوا مَن عيّنها سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-! سبحان الله! سيرة عطرة كهذه لا يُسلّط الضوء عليها! هناك أيضًا رفيدة بنت كعب أول ممرضة في الإسلام، أقامت خيمة للمعالجة في المسجد النبوي. والسيدة عائشة، وأم سليم قامتا بالتمريض في أكثر من معركة. بل النساء شاركن في القتال. يوم أُحد نسيبة بنت كعب أُصيبت ثلاث عشرة إصابة. قال صلى الله عليه وسلم: (ما التفت يمينًا ولا شمالاً إلاَّ رأيت نسيبة تقاتل دوني). الإمام الشافعي كان يحضر مجلس علم السيدة نفيسة بنت الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. أبوحيان التوحيدي من ضمن معلّميه ثلاث من النساء. بل أجاز علماء تولّي المرأة منصب الافتاء. وهناك من حكم بجواز تولّيها القضاء. العالم تصنع صواريخ وأقمار صناعية، ونحن نفكر، ونعترض كيف امرأة بمرتبة وزير؟!