قدر مسؤولون ورجال اعمال وممثلون لشركات بريطانية ووزراء عراقيون الكلفة الحقيقية لاعادة اعمار العراق بما يراوح بين 300 و500 بليون دولار. وعلى رغم التدهور الامني الكبير الا ان المسؤولين العراقيين يحاولون"تأمين اعادة الاعمار بصورة متوازية مع الحرب". شهدت مناقشات مؤتمر"اعادة اعمار العراق لسنة 2004"، الذي ترعاه"مؤسسة البترول الكويتية"وتنظمه غرفة التجارة العربية البريطانية، الذي بدأ أعماله في لندن امس بحضور حوالى 200 من ممثلي الشركات البريطانية وعدد من الوزراء العراقيين ورجال الأعمال محاولة لإبراز فرص الاستثمار والعقود وعمليات التشييد الواسعة للمرافق العامة والخدمات في البلاد. وأبلغ ممثل الحكومة البريطانية الخاص لإعادة الاعمار والتجارة في العراق"الحياة"، على هامش مشاركته في المؤتمر الذي تستغرق أعماله ثلاثة أيام، ان اكثر من مئة شركة بريطانية تساهم حالياً بمشاريع في قطاعات عراقية عدة من بينها التشييد وقطاع النفط والكهرباء والمياه وكذلك الخدمات الأمنية والمالية والمصرفية. وقال برايان ويلسون، الذي كان شغل سابقاً منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، انه"لا يمكن حصر عدد هذه الشركات في الوقت الحالي". وأوضح ان الحكومة البريطانية تقدم كل التسهيلات الممكنة للشركات ورجال الأعمال الذين يرغبون في المساهمة في مشاريع اعادة البناء، خصوصاً المرافق الأساسية والخدمات الرئيسية على رغم الموقف الأمني الذي لا يزال محفوفاً بالمخاطر. وأجمع بعض الوزراء العراقيين المشاركين على أهمية المؤتمر باعتباره يمثل"فرصة ذهبية امام الشركات البريطانية ورجال الأعمال للمساهمة في مشاريع اعادة الاعمار التي تُقدر بما يراوح بين 300 بليون و500 بليون دولار بصورة مبدئية. وعلى رغم إقرارهم بأن الوضع الأمني لا يزال سيئاً جداً ويؤثر في الموقف عموماً إلا أنهم اتفقوا في تصريحاتهم الى"الحياة"مع برايان ويلسون الذي يرى ان الوضع الأمني صعب، ولكن الأمن واعادة الاعمار يرتبطان معاً. واكد وزير الزراعة عبدالأمير رحيمة العبود ووزير المياه والمرافق المائية لطيف رشيد ووزير الصحة خضير فاضل عباس"الحاجة الى مواصلة المشروع الطموح والكبير لإعادة بناء العراق حتى على رغم التدهور الأمني"مع الاشارة الى أن هذا المؤتمر"يوجه رسالة قوية وايجابية على هذا التصميم على المضي قدماً في مشاريع اعادة تأهيل المرافق الأساسية والتشييد وتأهيل قطاعات النفط والمياه والكهرباء". قال لطيف رشيد"ان هناك امكانات اقتصادية ونفطية وموارد مائية كبيرة يمكن تطويرها في المستقبل بعد 40 عاماً من الدمار والاهمال". وقال وزير المياه ل"الحياة"ان الملف المائي مُعقد بسبب عدم وجود اتفاقات لتقاسم موارد المياه مع دول الجوار سورية وايران وتركيا مؤكداً على أهمية توفير حل عادل لتقسيم هذه الموارد المائية. وقال لطيف رشيد ان مشاريع شبكات المياه والكهرباء تحتاج الى فترة طويلة للتنفيذ، وبدأت وزارة المياه العراقية في هذا الاطار في اقامة أكبر مشروع للشرب في البلاد من جنوب العمارة الى البصرة بكلفة 120 مليون دولار. وعن الكهرباء، قال"ان العراق يحتاج الى نحو 20 ألف ميغاوات من الكهرباء وتنتج البلاد حالياً أربعة آلاف ميغاوات فقط". وتحتاج مشاريع الكهرباء الى نحو عشرة بلايين دولار لتنفيذها لرفع الطاقة الانتاجية بحيث تفي بكل احتياجات المواطنين العراقيين. وذكر لطيف رشيد انه من المأمول وصول الطاقة الكهربائية الى ستة آلاف ميغاوات قريباً، بالاضافة الى مساعٍ تبذل لشراء الكهرباء من بعض دول الجوار. مطار البصرة قريباً وبدوره أبلغ عضو مجلس الحكم العراقي محافظ البصرة القاضي وائل عبداللطيف"الحياة"انه يتوقع بأن يتم افتتاح مطار البصرة في المستقبل القريب، لأن القوات البريطانية التي تسيطر على هذه المنطقة في جنوبالعراق استعدت بالفعل لافتتاح هذا المطار لكي يكون أول مطار يتم افتتاحه رسمياً في البلاد، خصوصاً ان الوضع الأمني في الجنوب مستقر نسبياً بالمقارنة مع مناطق أخرى من البلاد. ومن المنتظر ان يفتتح المطار كما تقول مصادر المؤتمر في أوائل حزيران يونيو المقبل. وقال عبداللطيف:"ان العراق متعطش لإعادة البناء والاستثمار في كل جوانب الحياة"، واشار الى مشروع لبناء 2.5 مليون وحدة سكنية جديدة. وذكر انه"من المهم التعرف في هذا المؤتمر على ما يريده المستثمرون الاجانب والتأكيد على وجود الامكانات الهائلة في قطاعات النفط والتشييد والمقاولات والمرافق الأساسية". وتحدث بعد ذلك وزير الصحة العراقي خضير فاضل عباس الى"الحياة"عن الأهمية الكبيرة لإعادة تأهيل القطاع الصحي، خصوصاً ان موازنة وزارة الصحة عام 2002 كانت تعادل 16 مليون دولار أي أقل من دولار واحد للفرد. وأكد على أهمية تأهيل وادخال الاجهزة الصحية وتدريس كل المستويات الطبية والادارة في الوزارة. وقال"لم يتوافر سوى 300 ممرض جامعي في العراق خلال عهد صدام حسين، وهناك نقص حاد في الخدمات الصحية بالنسبة للصحة النفسية والعقلية مع توتر المواطنين خلال الحروب التي خاضها النظام السابق، وكذلك الاهمال الكبير في الصحة العامة للمواطنين". وتصل موازنة الوزارة حالياً الى 950 مليون دولار، علاوة على منحة أميركية تقدر بنحو 800 مليون دولار. ورأى سعدي عبدالرسول عضو مجلس ادارة غرفة تجارة بغداد ان العاصمة العراقية وحدها تحتاج الى استثمارات تُقدر بنحو 30 بليون دولار تتركز على اعادة بناء المرافق الأساسية وتنشيط القطاع الخاص. وأبرزت مناقشات المؤتمر ان نسبة البطالة في العراق حالياً 28 في المئة بعدما كانت 50 في المئة لدى سقوط النظام السابق وقيام سلطة"التحالف". وكان برايان ويلسون ذكر ان الشركات البريطانية تساهم في تشغيل قطاعات الكهرباء والنفط والمياه، وكذلك في القطاع المصرفي والخدمات المالية وفي مجالات توفير الخدمات الأساسية في البلاد.