مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في جبل لبنان في الثاني من ايار مايو المقبل، بدأت اللوائح المتنافسة تظهر الى العلن مكرسة واقع صعوبة اعادة ترميم العلاقة بين "لقاء قرنة شهوان" المعارض وبين التيار الوطني الحر العماد ميشال عون الذي سارع الى تأليف لوائحه، خصوصاً في المتنين الشمالي والجنوبي وجبيل وكسروان من دون أي تعاون يذكر مع لقاء القرنة، بينما ينتظر ان تشهد بعض البلدات والقرى في اقضية الشوف وعاليه وبعبدا مبارزات حادة بين رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وبين الوزير طلال ارسلان، لا سيما في الشويفات وعرمون. وفي هذا السياق علمت "الحياة" ان الحزب السوري القومي الاجتماعي اختار في شكل نهائي التحالف مع ارسلان في الشويفات وعرمون ضد اللائحتين المدعومتين من جنبلاط وان لقاء الاخير رئيس الحزب القومي جبران عريجي لم يكن ابعد من لقاء مجاملة اراده رئيس التقدمي لتأكيد انه ليس في وارد ان يطيح بعلاقته بالقوميين وان الصراع البلدي مهما اشتد لا يجوز ان يفسد للود قضية بين القوى الوطنية ذات التوجه الواحد على المستويين القومي والدولي. واللافت ان الحزب القومي المتحالف مع ارسلان في الشويفات يجد صعوبة في تعميم التحالف على قرى قضاء حاصبيا في الجنوب بسبب عدم رغبته بالتعاون مع رموز لا يرتاح اليها يتردد بأنها ستكون على اللوائح المدعومة من ارسلان. وغمزت مصادر مقربة من جنبلاط من قناة ارسلان معتبرة انه استعجل فتح المعركة في الشويفات عندما اعلن في وقت سابق ان هذه البلدة تعتبر معقلاً للارسلانيين وكأنه لا يؤيد الحضور الجنبلاطي فيها، مشيرة الى ان الجهود التي بذلت لتأمين حد ادنى من التوافق بين جنبلاط وارسلان وصلت الى طريق مسدود وان رئيس التقدمي قرر النزول الى الارض وهذا ما برز من خلال دعمه اللائحة التي يتزعمها وكيل داخلية الحزب في الشويفات وخلدة هيثم الجردي والتي ولدت غير مكتملة لاعتبارات وصفت بأنها تكتيكية مراعاة لبعض القوى الاخرى، وبغية التخفيف من حدة الاحتقان في البلدة كبرى بلدات قضاء عاليه. اما في جبيل فقد تكرس امس الطلاق بصورة نهائية بين لقاء القرنة وبين العونيين، وباتت المنافسة محصورة في ثلاث لوائح، الاولى يتقدمها جينو كلاب وجوزف الشامي وجان حواط وهي خليط من تحالف لأبرز الرموز الكتلوية - الدستورية نسبة الى الحزب الدستوري الذي أسسه سابقاً الرئيس الراحل بشارة الخوري ولا يزال يتمتع بحضور في بلاد جبيل بينما يدعم الثانية وزير الاتصالات جان لوي قرداحي الذي رعى امس اعلانها فيما تشكلت الثالثة من تحالف حزب الكتلة الوطنية والعونيين. ويبدو ان لقاء القرنة ممثلاً بنائب المنطقة فارس سعيد لم يدخل طرفاً في المنافسة في جبيل، لكن اوساطه تراهن على انه لن يكون في مقدور التحالف الكتلوي - العوني خوض معركة رابحة وان اكثر ما يطمح اليه تسجيل رقم انتخابي عالٍ بخلاف التقديرات التي تستبعد من الآن الحصول على ما يصبو اليه. وبالنسبة الى كسروان، فقد تبين ان اللائحة المدعومة من النائبين جورج افرام ومنصور غانم البون قد تكون الاقوى في جونيه في منافسة لائحتين الاولى يساندها الوزير فارس بويز وحليفه النائب فريد الخازن والثانية تحظى بتأييد التحالف الكتلوي - العوني. وعلمت "الحياة" ان قيادات اساسية في لقاء القرنة تدخلت في الوقت المناسب لانقاذ ائتلاف افرام - البون، حتى لا يؤدي خلافهما الى خلط الاوراق في جونيه يمكن ان يستفيد منه التحالف الكتلوي - العوني. وفي المتن الشمالي، بات من المؤكد ان "شهر العسل" انتهى بين لقاء القرنة ممثلاً بشكل اساسي بالرئيس امين الجميل القاعدة الكتائبية ورئيس حركة التجدد النائب نسيب لحود وبين العونيين الذين انصرفوا منذ ثلاثة ايام الى تركيب لوائحهم المستقلة في مقابل لوائح مدعومة في شكل اساسي من النائب ميشال المر المتحالف في بعض البلدات مع الحزبين القومي والطاشناق. وإذ يراهن التيار العوني على قدرته في تسجيل رقم انتخابي بلدي، يؤسس عليه لخوض الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، يؤكد خصومه في المقابل، انه قادر على خلق مناخ اعلامي - سياسي في تحضيره للمعركة البلدية لكنه سيكتشف ان قدرته في التأثير ستكون محدودة في عدد من البلدات، وان المر سيكون المستفيد الوحيد من المواجهة بين اطراف المعارضة. وكشفت مصادر في لقاء القرنة عن ان الانتخابات البلدية ستؤدي الى فرز بين قوى المعارضة وان اللقاء سيكون اقدر في الانفتاح على الآخرين في الشارع الاسلامي، مشيرة الى ان مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد قيام حوار بين اعضاء في القرنة وبين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري وأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله وآخرين، ومؤكدة ان اتصالات القرنة مع جنبلاط مستمرة بشكل او بآخر. وعلى جبهة بيروت البلدية، يبدو ان صورة التحالفات ستظهر الى العلن بدءاً من اليوم. خصوصاً ان الاحزاب الستة "حزب الله"، أمل، الطاشناق، القومي، الكتائب، البعث ستعقد اجتماعاً تقويمياً في مقر الطاشناق بينما يتريث النائب السابق تمام سلام في تحديد موقفه من المبادرة الائتلافية التي تبنتها الاحزاب. موقف سلام وتوقعت مصادر حزبية ل"الحياة" ان يبادر سلام الى تحديد موقفه في اليومين المقبلين وعلى الارجح غداً نافية ما اخذ البعض يردده من ان مبادرتها تتضمن الموافقة على المداورة في رئاسة البلدية بين عبدالمنعم العريس وعبدالحميد فاخوري واذا تعذر ذلك فلا مانع من البحث عن مرشح ثالث للرئاسة، مؤكدة انها محسومة لمصلحة العريس وان هذه المسألة ليست موضوع نقاش، اضافة الى انها تنص على ان يكون لسلام، خصوصاً بعد رفض الرئيس الدكتور سليم الحص المبادرة التي لم يطلعه احد عليها، حضور في اللائحة يتجاوز المرشح الواحد الى مرشحين. وأكدت المصادر ان سلام كان في صورة المبادرة قبل ان تعلنها الاحزاب رسمياً وقالت ان مسؤولين في الاحزاب تربطه بهم صلة وثيقة كانوا بادروا الى ابلاغه بوجود نية لديها لاطلاق مبادرة ائتلافية من دون ان تدخل معه في التفاصيل. وكشفت ايضاً ان سلام احيط لاحقاً بفحوى المبادرة التي تترك للحريري تسمية خمسة اعضاء من الطائفة السنية وان تترك تسمية الثلاثة الآخرين لكل من الحص وسلام والهيئات الاسلامية. وأكدت ان مبادرة الاحزاب واضحة وان المشكلة الراهنة تكمن في رفض الحريري تمثيل الكتائب وان الجهود مستمرة لاقناعه بسحب الفيتو عن تمثيله، لافتة الى ان سلام نصح بالتعاون الايجابي مع المبادرة وعدم رفضها. لكن اوساطاً مقربة من سلام نقلت عنه امس ان احداً من الاحزاب لم يطلعه على الصيغة العملية للمبادرة وانه لا يزال ينتظر مناقشتها تمهيداً ليحدد موقفه منها، مشيرة الى ان تحفظه عليها يعود الى ما تتناقله وسائل الاعلام من تسريبات قد لا تكون دقيقة، وانه قد يضطر الى الاعتراض عليها اذا ما تبين له انها صحيحة وان لا مبالغة في فحواها العملي. الى ذلك علمت "الحياة" ان الاتصالات بين فاخوري ونواة اللائحة الثالثة المدعومة من النائب السابق نجاح واكيم والحزب الشيوعي والعونيين لم تتوقف، وقد تبين ان اجتماعاً عقد بين أمير حموي من داعمي فاخوري وبين آخرين من نواة اللائحة الثالثة. ويتردد في الاوساط البيروتية ان الاتصالات ستتواصل الى حين تحدد الاطراف موقفها من مبادرة الاحزاب، وفي ضوئها يمكن ان يقوم تحالف بين مشروعي اللائحتين المناوئتين للحريري، من خلال دمجهما في لائحة واحدة لكن هذا التوجه يصطدم منذ الان برفض القوى المؤيدة للفاخوري التعاون مع العونيين في بيروت لأسباب تعتبرها سياسية وان لا مجال للعودة عن قرارها الذي يشمل ايضاً بعض الاحزاب باستثناء "حزب الله" والطاشناق. تحالفات صيدا لم تحسم وعلى صعيد صيدا، لا شيء نهائياً حتى الآن بالنسبة الى خريطة التحالفات وان الخيار المحسوم لدى النائب اسامة سعد بعدم الائتلاف في لائحة واحدة مع تيار الحريري يربك الدكتور عبدالرحمن البزري الذي يفضل بألا يكون مرشح معركة لرئاسة البلدية. بينما تتوقع مصادر في "الجماعة الاسلامية" ان تحسم موقفها الانتخابي بين اليوم وغداً، معتبرة ألا داعي للتمهل طالما ان الصورة اصبحت واضحة. فيما ينشط المرشح عدنان زيباوي المدعوم من الحريري ويتصرف وكأن المنافسة واقعة لا محال، طالما ان سعد ضد التوافق. اما على صعيد طرابلس فلم يسجل أمس اي تحرك للوزراء والنواب المنالفسين للرئيس عمر كرامي الذي يبدو انه يمسك بزمام الأمور في المدينة التي شهدت تحركاً خجولاً للأحزاب التي لا تتمتع بثقل انتخابي في الشارع.