حجب موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان ما عداه من قضايا، واستأثر باهتمامات المسؤولين والقيادات، ودخل كل بلدة وحيّ وبيت، مع تواصل العدّ العكسي لإجراء اول مرحلة منها في جبل لبنان الأحد المقبل. والتقى رئيس الجمهورية الياس الهراوي امس النائب جورج قصارجي، بعدما اجتمع اول من امس مع الوزير نقولا فتوش والنائب خليل الهراوي، وبحث معهم في ما آل اليه الوضع الانتخابي في مدينة زحلة، حيث تتنافس لائحتان الاولى برئاسة جوزف دياب المعلوف وهي مدعومة من رئيس الجمهورية، والثانية برئاسة اسعد زغيب وهي مدعومة من النائب ايلي سكاف. ونفى زغيب امس ما يتردد عن دعم رئىس الحكومة رفيق الحريري لسكاف في المعركة الانتخابية في المدينة. وأكد "ان اي تدخل لم يحصل من اي جهة غير زحلاوية". واعتبر "ان توجه لائحته زحلاوي. ولليوم الثاني على التوالي التقى الرئيس الحريري النائب علي حسن خليل حركة أمل الذي كرر "ايجابية" الاتصالات لبلورة صورة الانتخابات في الضاحية الجنوبية. وعرض قضايا انتخابية مع النائب عاصم قانصوه والنائبة بهية الحريري التي اوضحت ان الاتصالات في صيدا بلغت مراحل تفصيلية غير حاسمة تتعلق بالأسماء، وقد التقت امس النائب مصطفى سعد والدكتور عبدالرحمن البزري. ومن زوار الحريري مطراني السريان الكاثوليك افرام برصوم وجورج صليبا اللذين تمنيا ان تكون الدولة "الحكم في ترتيب اللوائح الوفاقية في كل المناطق قدر الامكان". ويسابق الافرقاء في جبل لبنان الزمن، مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. وتنشط الاتصالات ويستمر اعلان اللوائح. وقال الوزير اكرم شهيّب ان "لا خلاف على اللائحة التوافقية في مدينة عاليه التي لا تضم حزبيين، وتمثل كل العائلات فيها". وعن الخلاف في الشويفات قال "انه لا يزال على اسمين احدهما كان في البلدية السابقة"، مشيراً الى "ان الاتجاه نحو التغيير يفترض استبدال الطاقم القديم كله". وشكا من "تدخلات المصالح العائلية والحزبية وكثرة المرشحين من العائلة الواحدة". وعن القرى المهجّرة، اوضح "ان الحزب التقدمي الاشتراكي تدخل عن طريق لجان العودة في بعض المناطق وفي مناطق اخرى لا نفوذ له فيها"، مؤكداً "ضرورة وصول فريق عمل متكافئ الى المجلس البلدي". ونفى المستشار السياسي للوزير طلال ارسلان الزميل وئام وهّاب "التوصل الى اتفاق في شأن بلدية عاليه". وقال "ان حسابات العائلات هدّت التوافق الارسلاني الجنبلاطي في الجبل، فلكل بلدة خصوصيتها وفي القرى الاخرى لا تزال اللوائح عالقة مثل عاليه والباروك وشارون والمشرفة وبعقلين". ولم يستبعد ان يعلن القوميون والارسلانيون لائحة واحدة في بعقلين. اما في الشويفات فأشار الى "استمرار الخلاف على اسمين فيها". وكما كانت حال مدينة جبيل في الانتخابات النيابية الأخيرة، هكذا هي حالها في الانتخابات البلدية والاختيارية: كثرة مرشحين وأربع لوائح شبه مكتملة حتى الآن، وصراع بين الكتلويين والدستوريين دخلت عليه قوى أخرى منها الكتائب والمعارضة المتمثلة ب"التجمع الوطني"، من دون اغفال المرشحين المستقلين. واذا كان حزب الكتلة الوطنية وعميده ريمون اده آثرا الابتعاد عن المعركة مباشرة، مفسحين في المجال امام العائلات لاختيار من يمثّلها، فأن ثمة كتلويين سابقين وحاليين يخوضون المعركة وهم موزعون على ثلاث من اللوائح الأربع. فلائحة برئاسة حليم حواط شقيق الأمين العام السابق لحزب الكتلة جان حواط الذي فصل منه لترشحه الى الانتخابات النيابية عام 1996 وهي مدعومة من رئىس البلدية الحالي الدكتور انطوان الشامي الكتلوي العتيق. وترتكز، اضافة الى بعض العطف الكتلوي، الى العامل العائلي ولائحة "جينو" جورج كلاب المدعومة من الدستوريين وخصوصاً من المرشح السابق الى الانتخابات النيابية ناظم شهيد الخوري، وهي تضم السيدة ليلى يعقوب خليفة شقيقة جان وحليم حواط، وعلى خلاف حزبي وعائلي معهما. وثمة همس بين الجبيليين ان معارضي آل حواط سيدعمون شقيقتهما لتسبق شقيقها في عدد الاصوات، فيعتبر خاسراً ولو نجح، وفقاً لقانون الانتخاب البلدي الذي يحول دون فوز اشخاص من بيت واحد او هم على صلة قربى قريبة جداً كي لا يسيطروا على المجلس البلدي. ولائحة جان لوي قرداحي المدعومة من عائلة قرداحي الكبيرة في جبيل، تحظى بدعم الكتائبيين، المؤيد منهم للدكتور جورج سعادة والمعارض له، على رغم نفي جان لوي انه يخوض الانتخابات ككتائبي. وتبقى اللائحة الرابعة وقطباها طانيوس زعرور والزميل الصحافي ابراهيم صياح، وتضم مجموعة من الكتلويين و"التجمع الوطني" وتعمل انطلاقاً من تنوع انتماءات اعضائها العائلي والحزبي كتيار. وفي منطقة المتن الشمالي، ينتظر ان تشهد بلدية الجديدة الساحلية، معركة حامية بين انصار نائب رئىس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر والنائب السابق اوغست باخوس من جهة والمعارضين من جهة ثانية. فبعد اعلان لائحة التحالف الاول برئاسة شقيق باخوس اسعد من 18 عضواً قبل ثلاثة ايام، اعلن المعارضون لائحة "الكرامة" مكتملة من مكتب المرشح المعارض للانتخابات النيابية المحامي اميل كنعان، برئاسة شقيقه بولس، وتمثل معظم عائلات المنطقة. وتعود اهمية المعركة في الجديدة الى الثقل العددي للناخبين فيها، اكثر من 15 الفاً وإلى ضمها ثلاث تجمعات سكنية كبيرة هي الجديدة والبوشرية وسد البوشرية، وإلى وجود تكتل من المجنّسين حديثاً فيها نحو ثلاثة الاف. ويعتمد اركان لائحة "الكرامة" كما قالوا على ان المحامي اميل كنعان نال نحو 70 في المئة من اصوات البلدة الأصليين ما عدا المجنّسين في الانتخابات النيابية الاخيرة، يمكن تجييرها للائحة البلدية في مواجهة "لائحة السلطة" كما يسمّونها. وأوضحت مصادر في اللائحة ان اركانها يلمسون التفافاً من بعض المجنّسين حول المعارضة بالمقارنة مع انحياز هؤلاء المجنّسين للائحة الموالاة في الانتخابات النيابية. وإذ تنتشر في منطقة الجديدة تيارات فكرية عدة، في مقابل تجمع آل باخوس كعائلة كبيرة وحلفائها، فان لائحة "الكرامة" تتوقع دعماً من الكتل الحزبية المعارضة في المنطقة، سواء التيار العوني او الوطنيين الاحرار او الكتلة الوطنية، والكتائب، على رغم ان لا مرشحين لهم في هذه اللائحة. وذكرت المعلومات ان ثمة مرشحين في لائحة المعارضة من انصار الرئىس السابق امين الجميّل مع انهما غير حزبيين. وتشهد بلدتا بحمدون الضيعة وبحمدون المحطة اللتان لم يتمكن اكثر من سبعين في المئة من سكانهما من العودة اليهما، منافسة على المجلسين البلديين. ففي الاولى تدور معركة بين لائحة "صمود بحمدون" برئاسة رئىس البلدية الحالي خليل خير الله، ولائحة "بحمدون المستقبل" برئاسة سمير خير الله، اضافة الى انتخاب المجالس الاختيارية بين المرشحين فؤاد جورج جبور وجورج ثابت وابراهيم خير الله. اما في بحمدون المحطة فتدور المعركة بين لائحتين تمثلان عائلات البلدة اضافة الى القوى السياسية المحلية. وأعلنت امس لوائح عدة في الحازمية برئاسة المحامي روكز جورج الفغالي، وفي انطلياس النقاش لائحة تضم "التجمع الوطني" المعارض والكتلة الوطنية والشيوعيين، وفي المتين برئاسة المحامي نصري ابو سليمان وفي رشميا برئاسة روبير حبيقة. كذلك اعلنت لوائح في غوسطا والدامور وبعبدا وزوق مصبح برئاسة الياس عبده الحاج. ودعا متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة الى "استقرار المحبة في قلوب الناس"، آملاً في "ان تتحد القلوب والعائلات". واعتبر بعد استقباله النائب تمام سلام "ان همّه الاول العمل في نطاق الحرية والديموقراطية والرأي الحر". وأكد سلام "ضرورة اعطاء افضل الفرص لبيروت والتعاون مع الجميع من اجل ذلك". ودعا "السياسيين الى توظيف كل امكاناتهم في خدمة الاستحقاق البلدي لا السيطرة عليه". وقالت النائبة نائلة معوض ان "لا مرشح معيناً لها في الشمال". ودعت بعد لقائها البطريرك الماروني نصرالله صفير الناخبين الى "الاقتراع على خلفية المبادئ والبرامج المقدمة". وأضافت انها تخوض منذ تسعة اشهر معركة اجراء انتخابات بلدية واختيارية "بعناوين واضحة جداً وهي الممارسة الديموقراطية وتفعيل دور المجتمع المدني والافساح في المجال لهذا المجتمع ان يختار بحرّية ممثليه".