على مسافة نحو ثلاثة أسابيع من المرحلة الأولى للانتخابات البلدية، التي تبدأ في محافظة جبل لبنان في 2 أيار مايو المقبل، ترتفع سخونة الاتصالات، في المواقع التي تسعى الأطراف المتنافسة فيها الى اضفاء الطابع السياسي على التنافس، خصوصاً في المدن والبلدات الرئيسة، حيث سيغلب التنافس بين مسيحيي السلطة ومسيحيي المعارضة، والذي يريده المعارضون عرض قوة تمهيداً للانتخابات النيابية. ومع ارتفاع سخونة هذه الاتصالات تشهد اللوحة الانتخابية تقلبات ومستجدات كثيرة وخلط أوراق. ويشمل هذا الاستنتاج ايضاً الوضع في مدينة بيروت، على رغم ان الانتخابات فيها تجرى في المرحلة الثانية اي في 9 أيار المقبل، لكن يبقى للعاصمة بريقها الخاص، كما كان على الدوام، اضافة الى سعي افرقاء معارضين لرئيس الحكومة رفيق الحريري الى جعلها معركة سنية - سنية بهدف مواجهة امتداد نفوذ الأخير. طرأ تطور جديد أمس في ما يتعلق بالمعركة البلدية في مدينة جونية قضى بإبلاغ النائب منصور البون الوزير السابق جورج فرام، بتعليق مشاركته في الاتصالات لتكوين لائحة موحدة من انصارهما وبعض القوى الفاعلة في المدينة. وقال البون ل"الحياة" انه لم يتمكن من التوافق مع فرام على تركيب اللائحة نظراً الى كثرة التجاذب حول اختيار الاشخاص. وعقد البون امس اجتماعاً مع انصاره ومفاتيح ماكينته الانتخابية خلص في نتيجته الى هذا القرار، ففضلا العودة الى اعتماد اسلوب التريث. واجتمع البون بعد الظهر الى ممثلين عن الاحزاب المنضوية في "لقاء قرنة شهوان" القوات - الكتائب الموالية للرئيس أمين الجميل و"الوطنيون الأحرار"، و"التيار الوطني الحر" العونيون ليبلغهم انه علّق مشاركته في المداولات الانتخابية ويتريث في اتخاذ خياراته. وأوضح البون ل"الحياة" ان موقفه لا يعني انه يقفل الباب على التعاون مع أي فريق "بل أترك الحرية لنفسي"... لكن البون أشار الى ان الاحزاب المنضوية في القرنة تواصل جهودها لتأليف لائحة خاصة بها وهي دعت "القاعدة الكتائبية" إيلي كرامة الى التواصل والاشتراك معها. يذكر ان تعاون الاحزاب المعارضة في جونية يشمل أيضاً حزب الكتلة الوطنية برئاسة كارلوس إده. وقالت مصادر في "قرنة شهوان" ل"الحياة" ان "لجان التنسيق بينها وبين "التيار العوني" تعكف على وضع تفاصيل التحالف في عدد من البلدات والمدن الرئيسة التي لها وجود سياسي فيها، في مواجهة مرشحي السلطة، تاركة للقرى الجبلية اتخاذ خياراتها على قاعدة المنافسة العائلية التقليدية التي تطغى على الانتماءات السياسية". وذكرت هذه المصادر انه "حيث تطغى المنافسة العائلية فإن في امكان المرء ان يشهد تنافساً بين مرشحين يمثلون تياراً أو انتماء سياسياً واحداً لكنه يكون تنافساً بين عائلتين، وفي هذه الحال فإننا نترك للمعركة ان تأخذ مجراها من دون تدخل سياسي". وهذا ما سيحصل في قرى أقضية كسروان وجبيل والمتن الشمالي باستثناء بعض البلدات الكبرى. ومن التطورات في محافظة جبل لبنان أيضاً اعلان مصادر وزير الاتصالات جان لوي قرداحي انه سيشكل لائحة لانتخابات مدينة جبيل "سقفها الولاء للمدينة"، في مواجهة "الاجهزة التي تتدخل منذ أشهر لمصلحة تحالف عدد من الشخصيات التي يدعمها النائب ناظم الخوري. وستكون لائحة قرداحي في هذه الحال، الثالثة، اذ ان المعارضة التي محورها تحالف "العونيين" والكتلة الوطنية ستعلن قريباً لائحة خاصة بها. وفي ما يتعلق ببيروت، أعلن رئيس الحكومة السابق سليم الحص انه اتفق مع النائب السابق تمام سلام على دعم ترشيح عبدالحميد فاخوري على رأس لائحة تخوض الانتخابات البلدية، مؤكداً ان "الجدل حول هذا الموضوع حسم". وعن عدم الاتفاق على تشكيل لائحة واحدة للمعارضة تضم "العونيين"، قال الحص: "انا لا اتدخل في تشكيل اللائحة فالامر متروك للمرشح نفسه. بالطبع انا مؤيد وداعم للمرشح فاخوري ولكنني لا استطيع ان اقول انني داعم للائحته الى ان يعلنها واتفحص الاسماء. ولكن بحسب علمي فإن فاخوري منفتح جداً على الاطراف والقوى، وهناك حرص شديد للحفاظ على التوازن تعبيراً عن تمسكنا بالعيش المشترك". وكان الحص يتحدث بعد زيارته رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر في مناسبة الأعياد. وأوضح ان اللقاء كان مناسبة "لتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا والشؤون التي تشغل بال المواطن هذه الايام. وتطرقنا الى الاستحقاقات المقبلة ولا سيما منها الاستحقاق الاقرب الذي هو الانتخابات البلدية". من ناحية ثانية، دعا حزب "الطاشناق" الى اجتماع يعقد الاربعاء المقبل في مقره الرئيسي يشارك فيه "حزب الله" وحركة "أمل" وحزبا "السوري القومي الاجتماعي" و"الكتائب" للبحث في الانتخابات البلدية في بيروت. وذكرت مصادر حزبية ل"الحياة" ان "الهدف من الاجتماع التداول في الاتصالات الجارية في ضوء توافق الحص - سلام على دعم فاخوري وتريث رئيس الحكومة رفيق الحريري في اعلان اللائحة الائتلافية التي يدعمها على قاعدة التجديد ما أمكن للصيغة الائتلافية السابقة التي أوصلت مجلساً بلدياً متوازناً". واستبعدت المصادر التوصل الى قرار حاسم في الشأن البلدي ما لم تتبلور الصيغة النهائية التي سترسو عليها التحالفات. وكذلك يدرس الحزب الشيوعي و"حركة الشعب" برئاسة النائب السابق نجاح واكيم، الموقف، وقد يصدر كل منهما بياناً يحدد فيه موقفه، علماً ان مصادر "الشيوعي" أبدت عدم ارتياحها حيال نصيحة اسديت لقيادته من جانب خصوم الحريري بضرورة ألا يكون ممثل الحزب في اللائحة من الطائفة السنية بذريعة ان الذين يشرفون على تأليفها "محشورون" بسبب كثرة اسماء المرشحين من السنّة وان الحل يكون بمرشح من خارج هذه الطائفة. الى ذلك، بدأت أمس مشاورات لتشكيل نواة لائحة ثالثة على رغم ان الذين يتحركون على هذا الصعيد كانوا يراهنون على ان لا مفر إلا بالائتلاف بين فاخوري ونقيب المهندسين السابق عاصم سلام. لكن ذلك لم يحصل بعدما أعلن الحص وسلام دعمهما فاخوري، وصرف سلام النظر عن ترشحه نتيجة تعذر توحيد موقف المعارضين من حوله. وأبلغ عاصم سلام "الحياة" انه التقى تمام سلام وتبلغ ما حصل "وقلت له انتم ابطال الفرص الضائعة والمعارضة الزائفة وسنترك لأهل بيروت ان يقولوا كلمتهم"، معتبراً ان "هذه المعارضة ستندم على ما فعلته. انا بطل هذه العملية لأنني كسرت كل المعارضة الزائفة وأبطالها ومن هم وراءها، انهم معارضة مسيّرة لا يملكون ارادتهم واعتقد انني كشفتهم على حقيقتهم". ومن أبرز الذين يتحركون من أجل اللائحة الثالثة سنان براج لن يترشح بل يرعى الاتصالات وسليم ياسين واليزابيث ربيز وعبدالرحمن الانسي وبشار القوتلي والحاج يحيى فتاح. وتردد أيضاً ان من بين الأسماء شربل نحاس وميشال طراد. وعلمت "الحياة" ان الاخيرين يتريثان في تحديد موقفيهما ريثما يتضح القرار النهائي لحركة "الشعب" و"الشيوعي". وعقد المذكورون، في غياب القوتلي الذي اعتذر عن عدم الحضور، اجتماعاً عند براج الذي أوضح انه يواصل اتصالات مع شخصيات من كل الطوائف والتيارات السياسية لضم مرشحين جدد الى نواة اللائحة. ومن المتوقع ان يزور براج وأعضاء نواة اللائحة، سلام مساء غد الاثنين بعد ان كانوا التقوا الحص الذي ابلغهم موقفه دعم فاخوري وعدم التدخل في تشكيل اللائحة. واتصل المعنيون ايضاً ب"التيار الوطني الحر" الذي أبلغهم انه لا يزال يدرس الوضع بعد التطورات الناجمة عن توافق الحص - سلام على تأييد فاخوري وان التيار سيكون له موقف في اليومين المقبلين من انتخابات بيروت.