تبدو محاولة تفسير الانتشار الكبير لأغاني علي الديك مشابهة تماماً لمحاولة تفسير وجود الجمال على وجه جميل. وإذا كانت النخبة المثقفة تجاهلت هذا المطرب الشعبي وحاربته أيضاً مع ظهور أغنيته الأولى "سمرا وانا الحاصودي"، فإن قسماً منها وقف عاجزاً عن فهم سرّ انتشار أغاني هذا المطرب وأغاني زميليه وفيق حبيب وأذينة العلي. أعتقد ان الأرضية التي ساعدت على انتشار هذا المطرب تتعلق بملل الناس من الأغاني السطحية المتشابهة في صور كليباتها، وفي كلماتها "الفارغة" بامتياز. ومن دون مبالغة فإن مئات من هذه الأغاني تأتي وتموت من دون أن تترك في الوجدان أثراً. وضمن هذا الفهم يمكن استيعاب اعجاب أحد كبار الأدباء السوريين بعلي الديك وأغنيته "علوش" وتفسيره لهذه الظاهرة الغنائية بالفراغ الذي يسود الساحة الغنائية، إذ جاءت أغاني علي الديك وملأت هذا الفراغ! وفي مسار موازٍ لهذا التفسير يأتي تفسير الفنان زهير رمضان مدير المسارح والموسيقى ليوضح ان سر انتشار هذه الظاهرة الغنائية يعود الى العفوية والبساطة في الكلمات ووجود اللحن الجميل، ويضاف أيضاً الاعتماد الكامل على التراث المحلي والأداء الصادق. وحينما نقول له ان قسماً من الشارع السوري يعتقد أن بعض المتنفذين كانوا وراء انتشار علي الديك، ينفي ذلك نفياً قاطعاً، ويقول "لا أساس لهذا الكلام". ويضيف أكثر من ذلك حينما يعتبر أن انتشار أغاني على الديك وزميليه وفيق حبيب وأذينة علي كان رداً على الأغنيات التافهة الوافدة الينا من أقطار عربية شقيقة. ويعترف بأن قدرات علي الديك الصوتية قد لا تكون كبيرة "لكن هذه الظاهرة تستحق الاحترام". ويبدو ان هذا المطرب الشعبي دخل الى قلوب الناس بسرعة ولعل عفويته وبساطته وطيبته هي العوامل التي جعلته يحقق هذا الانتشار... أليست هذه العوامل هي ما نفتقده في حياتنا الاستهلاكية والمعلبة بامتياز؟! رافق أغاني علي الديك انتشار عدد من النكات عن المطرب... والطريف ان علي الديك يساهم في ترويج هذه النكات... وفي ذلك دلالة أخرى على عفويته وبساطته. ومحاولة تفسير انتشار هذه الأغاني وفهم هذه الظاهرة، لا تتعارض مع محاولة تحليلها موسيقياً. وحققت مع أصحابها ما لم تحققه أغانٍ اشتهرت في الماضي. ويمكن أن نطلق على علي الديك لقب "سوبر ستار" الطرب الشعبي بعد أخذ الإذن من تلفزيون المستقبل.