يحاول السوريون تسخير هواتفهم الخلوية في خدمة اغراضهم الاجتماعية وتطويع استخداماتها بما يتوافق مع ميولهم وذائقتهم الفنية. ومثال ذلك، تخصيص نغمات خاصة بأجهزتهم الخلوية بهدف الترويج لأغانيهم المفضلة ونافست الاغنية الشعبية مثيلتها التقليدية والشبابية في هذا المضمار. وكذلك استغل الخلوي في جمع التبرعات الخيرية. وتجاري نغمات الخلوي لون الغناء السائد وتدعو الى تعميمه. وتعدت الاغنية الشعبية مجتمع الريف والفئات الشعبية في المدن الى مجتمع رجال الأعمال والأثرياء، وغدت "صرعة" لا تكف آلات التسجيل عن ترديد آخر ألبوماتها. للنغمات سوق أيضاً و"يسلطن" خالد مصري 29 عاماً على نغمات جهازه الخلوي الذي يستعمله احياناً في ممارسة الدبكة والرقص الشعبي "بدل اشرطة الكاسيت والاسطوانات المدمجة بسبب سهولة حمل الخلوي الى اي مكان". ويشير المصري الى انه يُحَدِّث نغمات جهازه في شكل مستمر: "تقتصر النغمات التي اختارها على الاغنية الشعبية التي تلاقي رواجاً كبيراً". ويعزو سبب رواج هذه النغمات الى شيوع الاجهزة النقالة بين الطبقات الاجتماعية المتوسطة وما دون ذلك. وتوقعت وزارة الاتصالات السورية ان يبلغ عدد مستخدمي الهواتف النقالة في سورية حوالى 850 ألفاً في نهاية العام الجاري. ويضطر غياث بعث 33 عاماً الى استبدال بطارية الشحن الخاصة بجهازه الخلوي نتيجة لاستخدامها المتكرر في الاستماع الى آخر نغمات الاغنية الشعبية، ما يعجّل في تفريغها من شحناتها. ويقول: "ابحث عن جهاز آخر متطور يتيح تخزين عدد اكبر من نغمات اللون الشعبي"، في اشارة الى ان معظم الاجهزة المتوافرة في الاسواق السورية لا توفر امكانية اضافة اكثر من سبع نغمات الى النغمات الاصلية المتعمدة من الشركة المشغلة. وأدت المنافسة بين المحل المختصة في "تنزيل" النغمات من منافذ بيع ومحال الكمبيوتر الى خفض اجر تنصيب النغمات من مئة ليرة سورية للنغمة دولارين قبل اربع سنوات الى خمس ليرات للنغمة الواحدة في الوقت الحالي. ويتعاقد مطرب شعبي ناشئ مع منافذ بيع لترويج نغمات اغنياته الشعبية، المسجلة في حفلة شعبية هي باكورة اعماله الفنية، بوساطة الاجهزة النقالة. ويؤثر صبحي ترجمان 27 عاماً سماع نغمات الخلوي الخاصة بالأغنيات الشعبية على سماع تلك الاغنيات عبر خدمة ارسال الاغاني التي توفرها الشركتان المشغلتان للخلوي او من طريق مطربين شعبيين: "لا يتقنون اصول الغناء". ويحب ان "يدندن" كلمات الاغنية لدى سماع نغمتها عبر جهازه النقال. ومن الاغنيات الشعبية الرائجة التي اخذت نغماتها طريقها الى الاجهزة الخلوية، اغنيتا وفيق حبيب "هاجر فوق الدرعوشي حوشي بدياتك حوشي" و"دقوا المهباج جاي الغالي" اللتان تنافسان اغنيات علي الديك، صاحب الاغنية المعروفة "سمرة وانا الحاصودي"، مثل "ناطر بنت المدرسة مستني" و"عذاب الهوى يقتلني" و"راحت تقمقش حطب". ويدخل علي ديوب غمار المنافسة بنغمات اغنياته "بنت الضيعة" و"وعدتينا تحت التينة" و"أسمر يا بو العيون". ويتبعه عمار علي ب"حمّي التنور يا أمي ولاقيله" وسامر مرهج ب"ضيعتنا المنسية" ونعيم الشيخ ب"يا حبي الغالي". وتحظى اغنية "يا محمد" بحصة وافرة من "سوق النغمات" الذي يضاهي السوق الأم المختص بالأغاني. ويعتقد ان الاغنية محورة عن التراث العراقي. وأدّاها المطرب العراقي علي العيساوي قبل ان تتلقفها الأذن السورية عبر صوت ربيع الاسمر. وتكاد ألحان الاغاني الشعبية تتشابه، ما يؤدي الى اختلاط نغماتها وصعوبة التمييز بينها من خلال الاجهزة الخلوية. مثلاً، لا يمكن التفريق بين نغمة اغنية "سلمى بنت الجيراني مو أول بيت التاني" لأذينة العلي و"هاجر" لوفيق حبيب. كذلك بين نغمتي "لما هجرتيني رحت وانسيتي" لأذينة العي و"رسالة الدلعونة" لسليمان الشعار، اضافة الى العديد من اغاني الدلعونة والتي تختلف باختلاف كلماتها وبعض "التفريدات" ايضاً. أهداف انسانية وتقود "سيرتيل" احدى الشركتين المشغلتين لخدمة الخلوي في سورية، حملة لجمع التبرعات من طرق الخلوي لصالح الجمعية السورية لمعالجة امراض السرطان. وتهدف الحملة الى جمع اموال لبناء مجمعها "الشام" الوحيد في هذا المجال في البلاد. وتخصص ارقام هواتف للاتصال بها بهدف التبرع بفئة معينة من الليرات السورية، بحسب كل رقم. ويعتبر خبراء ان ذيوع وانتشار الهاتف النقال ساعد في تنمية المجتمع السوري وخدمة مؤسساته "وهي طريقة لم تعهدها سورية من قبل".