أجلت القيادة الفلسطينية "مطلوبين" من مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله، وسط توقعات باجتياح اسرائيلي وشيك وواسع للمدينة سبقه تصعيد ضد "المطلوبين" الفلسطينيين الذين أعدمت قوات الاحتلال ثلاثة منهم شمال الضفة الغربية. تزامن ذلك مع محاولات رئيس الوزراء آرييل شارون حشد التأييد ل"خطة الفصل" التي حض اعضاء حزبه "ليكود" على دعمها، محذراً من ان اجهاضها سيفقد اسرائيل "مقابلاً اميركياً" غير مسبوق "شكّل أشد ضربة للفلسطينيين منذ العام 1948". راجع ص 5 الاتحاد الاوروبي كان له رأي آخر، اذ اكد انه "لن يعترف بأي حدود نهائية اذا لم تكن حدود 1967، الا اذا حدث التغيير باتفاق بين الجانبين". وكان الرئيس جورج بوش طالب اول من امس الاسرة الدولية بالمزيد من تأييد "خطة الفصل"، مبدياً استغرابه ازاء الإدانة الدولية لشارون الذي قال ان قادة العالم يدينون له ب"الشكر" لخطته. في غضون ذلك، سلطت عملية الاغتيال التي قامت بها عناصر من "وحدة اجوز الخاصة" في حق ثلاثة ناشطين من "حماس" و"فتح" في مخيم عين شمس في طولكرم، ومعها عملية اخلاء 21 "مطلوباً" من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، الأضواء على الأوضاع المأسوية التي يعيشها "المطاردون" الذين يلاحقهم شبح الموت في كل مكان بعدما حصلت اسرائيل على شيك اميركي مفتوح لقتل من تريد ومن دون حساب، وايضاً بعدما ضاقت بهم الأراضي الفلسطينية بما امتلأت من جنود ودوريات ووحدات مطاردة تخصصت في ملاحقتهم في المدن والقرى والمخيمات وحتى الجبال، اضافة الى طائرات المراقبة والتجسس التي تعمل من دون طيار وتلتقط الصور والتحركات ولا تغادر سماء الأراضي الفلسطينية. وباتت القلة القليلة من "المطلوبين" التي تتمكن من الوصول الى مقر عرفات طالبة اللجوء والحماية، عرضة للاغتيال والتصفية بعد اجلائها أول من أمس من المقر، باستثناء الناشط خالد أبو شاويش المعاق جسدياً. واكدت مصادر فلسطينية ل"الحياة" أن 21 ناشطاً "مطلوباً" غادروا مقر المقاطعة، فيما نقلت وكالات الأنباء عن علي البرغوثي، أحد الذين غادروا، قوله ان عرفات "خضع للضغوط الأميركية والاسرائيلية وترك كوادر فتح". وكشفت مصادر اسرائيلية ان عملية الاخلاء جاءت في أعقاب استدعاء قائد قوات الأمن الوطني في الضفة من قبل مسؤولين اسرائيليين هددوه بأنه في حال عدم إخراج "المطلوبين"، فإن "الجيش سيبحث عنهم في درج مكتب عرفات". ويعتقد ان المطلوبين هم من عناصر كتائب "شهداء الاقصى" التابعة ل"فتح". وهذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها من الناشطين الفلسطينيين اخلاء "المقاطعة"، اذ كان آخرها قبل نحو ثلاثة اشهر. وقال النائب في المجلس التشريعي، مسؤول "ملف المطاردين" عبدالفتاح حمايل ل"الحياة" ان عملية الاخلاء، كما في كل مرة، جاءت لإجهاض المساعي الاسرائيلية التي تتخذ دوماً من هذه الظاهرة ذريعة لتصعيد تهديداتها للرئيس الفلسطيني. وقال انه طلب من "المطلوبين" البحث عن مكان معيشي أفضل، لافتاً الى انهم "يعيشون في ظروف تفتقر الى الحد الأدنى من متطلبات العيش الانسانية... في الأجزاء المدمرة من المقاطعة". وجاءت خطة الاخلاء في ضوء اشاعات بقرب اجتياح اسرائيلي لرام الله على نطاق واسع، خصوصاً بعد اجلاء مؤسسات الأميركية في المنطقة موظفيها في اليومين الأخيرين مع تكثيف الدوريات العسكرية الاسرائيلية والآليات من طراز "هامر" تحركاتها في مشارف المدينة، بما في ذلك توقيف دوريات تابعة للشرطة الفلسطينية والامعان في إهانتهم وتفتيشهم. في غضون ذلك، واصلت قوات الاحتلال لليوم الثالث عدوانها في بيت لاهيا في قطاع غزة حيث قتلت فتى، وسط ادانة من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي قال ان الاجتياح يثير قلقه لجهة "العواقب المهلكة" التي يمكن ان تتمخض عنه، مطالباً اسرائيل ب"احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي بصفتها قوة احتلال". من جانبه، رفض المفوض الاوروبي للشؤون الخارجية خافيير سولانا اي تغيير في حدود عام 1967. وقال عقب لقاء مع انان بحث ملف العراق وقبرص واجتماع الرباعية، ان "اي مسألة تتعلق بالوضع النهائي يجب ان تتم بالتفاوض بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي... والاتحاد الاوروبي لن يعترف بأي حدود نهائية اذا لم تكن حدود 1967، سوى ان حدث تغيير باتفاق الطرفين". وابدى استعداد الاتحاد للمساعدة في تنفيذ خطة الانسحاب اذا كانت "حقيقية وحسب الاصول".