اعترف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمام مجلس العموم أمس، بتغير موقفه 180 درجة، حيال الحاجة إلى استفتاء مواطنيه بشأن الدستور الأوروبي الجديد الذي يرجح أن يقر في القمة الأوروبية في حزيران يونيو المقبل. وتمسك بلير بالحاجة إلى الاستفتاء الذي لم يحدد موعداً له، فيما رجحت مصادر مطلعة أن يأتي ذلك بعد أشهر عدة، من صدور الدستور الجديد ومناقشة أعضاء مجلس العموم بنوده بإسهاب. ولعل عدم تحديد موعد الاستفتاء خالف رغبة بلير في إجرائه في حزيران المقبل أو الخريف المقبل، على أبعد تقدير، علماً أن الوزير السابق جاك كونينغهام وصف هذه الرغبة ب"السخيفة"، وأكد أن الاستفتاء لن يحصل قبل ربيع العام المقبل وتحديداً قبل الانتخابات التالية المقررة في أيار مايو 2005. وقال بلير: "حان الوقت لاتخاذ القرار الحاسم والنهائي في شأن وضع بريطانيا في قلب القرارات المصيرية في أوروبا والاضطلاع بدورها كحليفة رئيسة لا غنى عنها في القارة". وأضاف: "لا يعني تمسكنا بالاستفتاء أننا نسقط رهان الثقة ببريطانيا في المستقبل على حساب أوروبا، لكن غيرتنا على مصلحتها تحتم تحركنا في اتجاه ضمان موقعها ضمن دائرة نفوذ أكثر توسعاً". وطالب بلير المواطنين بالتصدي "للحملة "الحزبية المعارضة" التي جعلت البريطانيين في الأعوام الماضية ينظرون إلى أوروبا باعتبارها تقود مؤامرة ضدهم بدلاً من تصويرهم كشركاء لهم في رعاية مصالحهم الوطنية وصونها بشكل لائق". ورد زعيم الحزب المحافظين مايكل هاوارد الذي يعارض كلياً أي ارتباط مستقبلي بالاتحاد الأوروبي باعتباره "ينتقص من سيادة بريطانيا ويلغي نفوذها القضائي والمالي وحتى السياسي الخاص بالعلاقات الخارجية"، بقسوة على بلير. وسأل بسخرية: "من يستطيع الوثوق بأرائك واقتراحاتك مجدداً؟". وطرح هاوارد السؤال أيضاً في شأن حقيقة "التحول العاطفي" الذي لمسه لدى بلير في نظرة الأخير إلى الاستفتاء، وارتباط ذلك بتبدل في المبدأ أو بنيته في التقاط الفرصة السانحة من أجل تحسين وضعه غير الجيد في الانتخابات التالية. ورأى أن موقف بلير متناقض تجاه محاولته إقناع المواطنين بالفوائد الناتجة عن الاستفتاء ومطالبته في الوقت ذاته مجلس العموم بمناقشة بنود الدستور الأوروبي الجديد". يذكر أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت تشاؤم 53 في المئة من البريطانيين إزاء اقتراح التقرب من أوروبا، كونه يزيد قوتها وهيبتها السياسية على حساب بلادهم. أما زعيم حزب الديموقراطيين الأحرار تشارلز كينيدي فانتقد أسلوب الإثارة العلنية لموضوع الاستفتاء، ما شكل دليلاً واضحاً على رغبة بلير في تحقيق مكاسب سياسية.