يواجه العالم العربي تحديات كبيرة في إرساء التقنية الطبية الحديثة داخل مؤسساته ومنشآته، وإن كان بعض الدول العربية تمكّن بالفعل من وضع لبنة أساسية في انجاز استراتيجية متكاملة تعمل بدورها على تشجيع توجه القطاع الخاص نحو الاستثمار في هذا المجال. واستطاع بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية ولبنان والأردن ودولة الامارات العربية المتحدة تنفيذ وإنجاز شراكات عدة مع كبريات الادارات الطبية والعلمية الأوروبية والأميركية بغية ايجاد نوع من التفاعل مع الخبرات الأخرى المتقدمة. ونتجت عن ذلك خطوات تنموية كبيرة في التقدم الطبي في تلك البلدان التي راح يقصدها كثير من طالبي العلاج من جميع أنحاد العالم العربي. وبدأ معظم الحكومات العربية يدرك الآن ضرورة تصحيح الخلل الموجود في الجسم الصحي العامل فيها، لذلك باشرت في سن التشريعات القانونية التي تفتح المجالات أمام كل المستثمرين للدخول في أية مشاريع طبية مهما كان حجمها. وقد انطلقت تلك السلطات من هدفين رئيسيين هما: أولاً وجوب ايجاد اكتفاء ذاتي طبي داخل مجتمعاتها وتجنب الاعتماد على تلقي العلاج في الخارج. أما الثاني فيمثل الكسب الاقتصادي والنشاط الاستثماري اللذين يعودان بالفائدة على الحركة الاقتصادية الوطنية بصورة عامة. لكن من المؤكد أن تعبيد الطرق الإنتاجية وتحقيق المرجو من تلك المخططات يحتاجان الى جهد كبير من قبل جميع الأطراف المعنية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، من حيث تنمية مراكز البحوث والدراسات ووضع الموازنات المناسبة التي تتماشى مع احتياجات تطور هذا القطاع في إطار فترة زمنية محددة تواكب التقدم الطبي السريع الحاصل في أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه فتح الأبواب أمام ايفاد الكوادر الطبية العربية الى الخارج من أجل إقامة نظام طبي عربي قادر على التعاطي مع متطلبات هذا العصر.