شكك الشارع الفلسطيني في احتمالات حدوث "انطلاقة" سياسية ذات مغزى عملي تؤثر على الاوضاع المتدهورة للفلسطينيين، وذلك بعد اللقاء الذي جرى في أريحا بين وفد رسمي فلسطيني برئاسة رئيس الوزراء احمد قريع ابو علاء والوفد الاميركي الزائر الذي يضم ثلاثة مسؤولين اميركيين مهمتهم الرئيسة، حسب مصادر اسرائيلية، وضع اللمسات الاخيرة على "كتاب الضمانات المتبادلة" بين الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيلية، والمقرر ان يتبادله الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون خلال زيارة الاخير لواشنطن منتصف الشهر الجاري. على رغم "الترحيب" الاميركي بفحوى "البيان السياسي" الذي القاه رئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع أبو علاء امام المجلس التشريعي اول من امس والذي دان فيه بشدة العمليات الفلسطينية "ضد المدنيين الاسرائيليين" وحملها مسؤولية وقف العملية السلمية، وهو امر اعتبرت اسرائيل انه يهدف الى استمالة الموقف الاميركي والتمهيد للقاء أريحا، في حين نفت السلطة ان يكون ذلك هدفها، عادت اسرائيل، وهذه المرة على لسان مصدر مسؤول "رفيع المستوى"، لتؤكد لليوم الثاني ان "كتاب الضمانات" الاميركي الذي حمل مسودته الوفد الاميركي، يتضمن "تعهدا اميركيا بعدم مطالبة اسرائيل بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران" و"الاخذ بالاعتبار" الوقائع التي فرضها الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية طوال سنوات الاحتلال ال 37 الماضية، ما يعني ضمنا تراجع واشنطن عن خطة "خريطة الطريق" التي رسمتها بنفسها. وفيما خلى "كتاب الضمانات" من التصريح علنا عن دعم الولاياتالمتحدة لمطلب اسرائيل بضم الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى غوش عتصيون ومعاليه ادوميم وأرييل، الا ان صيغته الضبابية تحمل ما تفسره اسرائيل على انه اعتراف اميركي بضم هذه المستوطنات الى حدودها. وتشمل الضمانات ايضا اشارة الى رفض واشنطن عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم التي هجروا منها في العام 1948 وتقترح ان "بامكانهم العودة الى حدود الدولة الفلسطينية التي ستقوم". وحسب المصادر الاسرائيلية المطلعة فان بوش سيدلي بتصريح "علني" خلال زيارة شارون يؤكد فيه "دعم" واشنطن "جدار الفصل" بعد "التعديلات الواسعة التي ادخلت على مساره"، اذ وافقت اسرائيل نتيجية المفاوضات مع المسؤولين الاميركيين على ان تمتنع "في الوقت الحالي" عن خلق "تواصل مباشر" ما بين الجدران التي ستقيمها في محيط بعض المستوطنات خصوصا مستوطنتي ارييل وكرنية شمرون المقامتين على اراضي محافظة نابلس شمال الضفة مع مسار الجدار الاصلي الذي انتهت من انشاء مرحلته الاولى. وكشفت مصادر اسرائيلية ان كتاب "الضمانات الاميركي" مقابل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة يشمل "رزمة" من المساعدات الاميركية، بما فيها منحة خاصة للجيش الاسرائيلي ووسائل قتالية حديثة ومنح اسرائيل الحق ب"المطاردة الساخنة" داخل الاراضي التي تنسحب منها، اي العودة اليها وتنفيذ عمليات عسكرية. وكان شارون اكد خلال خطاب القاه مساء اول من امس في تل ابيب ان خطة "فك الارتباط" التي وضعها "خطوة سترسخ بالكلمة المكتوبة موقفا اميركيا قويا يستبعد اي خطة سياسية قد تعرض أمن اسرائيل للخطر"، في اشارة الى "كتاب الضمانات الاميركي"، مشيرا الى "انجازات كبيرة" ستحصل عليها اسرائيل من الولاياتالمتحدة في مقابل انسحابه من قطاع غزة، رافضا الافصاح، لانها ما زالت مدار "مفاوضات ونقاش" مع الادارة الاميركية. وقال شارون الذي كان مقررا ان يلتقي المسؤولين الاميركيين الثلاثة ستيف هادلي وابرامز ووليام بيرنز في وقت متقدم امس، ان الخطوات التي ستنفذ في اطار خطته تشمل اولا اقامة عوائق مادية، وتركيز قوات عسكرية وراء الخطوط الدفاعية الجديدة، والانسحاب من المناطق التي تدرك اسرائيل انها لن تبقى تحت سيطرتها في اطار اتفاق دائم مستقبلي، مثلا قطاع غزة، وضمان الدعم السياسي من اصدقاء اسرائيل، وفي مقدمهم الولاياتالمتحدة. وجاء اجتماع اريحا الذي ضم بالاضافة الى ابو علاء، وزراء الخارجية والمال وشؤون المفاوضات نبيل شعث وسلام فياض وصائب عريقات، وتأخر عن موعده ساعة بناء على طلب الجانب الاميركي، على وقع تصريحات شارون والتسريبات عن فحوى "كتاب الضمانات" الاميركية، وتزامن ايضا مع اصدار المحكمة الاسرائيلية العليا قرارا سمحت فيه باستئناف بناء الجدار الاسرائيلي في مقاطع في مدينة القدس ابتداء من الاحد المقبل.