برز اتجاه داخل جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، كبرى الجمعيات السياسية، والتي يقودها رئيسها الشيخ علي سلمان، الى تأجيل العريضة الشعبية المزمع تدشينها الأربعاء، في مقابل عناصر تتمسك بالاستمرار فيها وتلوح بالاستقالة في حال العدول عنها. وعقد مجلس ادارة "الوفاق" اجتماعاً طارئاً مساء أول من أمس استمر أربع ساعات، ولم تحسم مناقشاته الاستمرار في العريضة أو تجميدها موقتاً، لكن المجلس عقد اجتماعاً آخر مساء أمس، كان مرجحاً حسمه لمصلحة "قوى" تأجيل العريضة تفادياً لصدام بين أنصار الجمعيات الأربع المنظمة لها وبين السلطات، في حال اقدمت على اغلاقها. ودخلت المرجعية الشيعية في شكل غير مباشر على الخط، ونصحت بعض قياداتها السياسية بالتأجيل، ما استدعى معاودة النظر في المضي قدماً نحن العريضة، ومناقشة الأمر في اجتماعات طارئة في جمعية "الوفاق". وكان الشيخ عيسى أحمد قاسم، أبرز شخصية في التيار الاسلامي الشيعي، التقى شخصيات رسمية أخيراً شرحت له ما يمكن ان يؤول اليه الوضع في حال تمسكت المعارضة بموقفها، لكنه تجاهل التطرق الى العريضة في خطبة صلاة الجمعة، وشدد على "إعمال العقل وضبط النفس والحفاظ على الهدوء". كما عقد وزير العمل والشؤون الاجتماعية الدكتور مجيد بن العلوي اجتماعاً مع رؤساء الجمعيات الأربع، قالت مصادر قريبة منها ل"الحياة" انه كان ساخناً، أكد خلاله العلوي جدية الحكومة في اغلاق الجمعيات، وإحالة ملفها على القضاء، باعتبار انها ستخرق القانون. واذا حسم "الوفاقيون" أمرهم في تأجيل العريضة، سينقلون وجهة نظرهم في اجتماع طارئ للتحالف الرباعي، لكن الأمر سيكون منتهياً باعتبار ان "الوفاق" التي تمثل التوجه الاسلامي الشيعي تملك رصيداً شعبياً واسعاً. في غضون ذلك، قال رئيس جمعية التجمع الوطني الديموقراطي عبدالله هاشم ان بعض مجالس ديوانيات منطقة المحرق رفض في شكل قاطع استخدامه كمكان للتعبئة، وحض المواطنين على توقيع العريضة، لافتاً الى ان عدداً منهم أكد ضرورة تبني رأي يتوافق مع الرأي العام في هذه المدينة وضواحيها، ويقضي بانتهاج الحوار الهادئ وفقاً لمبدأ الحجة والإقناع، وإحداث التطوير السياسي عبر المؤسسات الدستورية وفي مقدمها مجلس النواب. وقال هاشم الذي يرأس جمعية المحرق الشعبية ان الجمعيات الأربع أبدت موقفاً مربكاً، بانتقال مطالبها من "معاودة العمل بدستور 73 الى المطالبة بمكتسباته المبهمة، ثم الدعوة الى دستور تعاقدي"، موضحاً ان هذا الانتقال "يظهر تقصيراً فادحاً في الإرشاد القانوني والفهم الدستوري". ورأى ان "رفض فئات شعبية واسعة العريضة مرده انها ستتحول الى آلية لاستدعاء العنف والعنف المضاد، ما يجعلها مغامرة سياسية تستجيب طموحات شخصية، وليس مطالب استراتيجية تتعلق بالدستور". وأضاف ان جمعية المحرق الشعبية ستعلن موقفاً قبل عقد ندوة العريضة، وتناشد علماء الدين وقيادات المجتمع المدني دعوة الناس الى عدم التوقيع على العريضة، من اجل الحفاظ على "المكتسبات المجتمعية التي جاء بها المشروع الاصلاحي، وإتاحة الفرصة لبناء موقف وطني ذي توجهات سلمية قائمة على الحوار".